الشرق
جرت العادة منذ انتشار كورونا أن تتسق إجراءات دول مجلس التعاون الخليجي إلى حدٍّ كبير، سواء لناحية الإغلاق والفتح أو التخفيف والتشدّد، لاسيما أكبر اقتصادين في المنطقة وأكثرهما استقبالاً للسياح من الخارج.
لكن اليوم شكّل مفارقة، ففي حين أعلنت السعودية عن رفع معظم الإجراءات الاحترازية والوقائية المتعلقة بمكافحة الجائحة، كعدم اشتراط لبس الكمامة في الأماكن المغلقة، وعدم اشتراط التحصين والتحقـق مـن الحالة الصحية في تطبيـق "توكلنـا"، شدّدت الإمارات على إلزامية ارتداء الكمامة في الأماكن المغلقة ومعاقبة المخالفين بغرامة مالية تصل إلى 3 آلاف درهم، كما خفّضت مدّة سريان "المرور الأخضر" على تطبيق "الحصن" من 30 يوماً إلى 14 يوماً.
مبرّرات الجهتين
سعودياً، تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تستعد المملكة لاستقبال نحو 850 ألف زائر من مختلف دول العالم للمشاركة في مناسك الحج، حيث بدأت الدفعة الأولى من الحجاج الأجانب منذ ما قبل جائحة كورونا بالوصول من إندونيسيا قبل أكثر من أسبوع.
أمّا إماراتياً، فبرّرت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث قرارها برصد "ارتفاعٍ ملحوظ بعدد الإصابات بكوفيد-19 في دولة الإمارات، إذ ارتفعت الحالات بنسبة تفوق 100% في أقل من أسبوع، كما لوحظ أيضا ارتفاع معدل الدخول للمستشفيات". ويتزامن هذا القرار مع بداية موسم الصيف الذي تُعوّل عليه مختلف الإمارات، خصوصاً دبي، لتنشيط اقتصادها لاسيما قطاعات السياحة والفنادق وتجارة التجزئة.
سجلت الإمارات، اليوم الإثنين، 1319 إصابة جديدة، ليرتفع إجمالي عدد الإصابات منذ بداية الوباء إلى نحو 919.8 ألف. فيما سجلت المملكة 1188 إصابة جديدة ليصل إجمالي عدد الحالات إلى نحو 778.9 ألف.
هذا الارتفاع في الإمارات، يأتي بعد استقرار الوضع في الدولة لفترة غير وجيزة. واللافت أن إعادة تشديد الإجراءات جاء عبر الإحاطة الإعلامية الدورية، والتي أُعلن في 27 مايو عن توقفها، "مع الالتزام بالعودة إذا ما استجدّت أي أحداث خاصة بالوضع الوبائي".
قصة مدينتين
مطلع يونيو، أعلنت الإمارات عن "تحقق الهدف المرجو من "الحملة الوطنية" للقـاح كوفيد-19"، عبر نجاحها في تطعيم وتحصين 100% من الفئات المستهدفة بالدولة. علماً أن الإمارات تتصدّر دول العالم بمعدّل تطعيم السكان باللقاحات المضادّة لفيروس كورونا، حيث تمّ إعطاء 24.9 مليون جرعة في البلاد، بمعدّل 268 جرعة لكل 100 شخص.
بدورها، تحتل السعودية موقعاً متقدماً لناحية تطعيم سكانها بلقاحات كورونا، إذ تمّ إعطاء 66.5 مليون جرعة، أي بمعدل 190 جرعة لكل 100 شخص.
تسببت جائحة كورونا في تعطيل رحلات الحج إلى حدٍّ كبير، والتي عادةً ما تشكّل مصدر دخل رئيسي للسعودية، حيث تُدرُّ حوالي 12 مليار دولار سنوياً.
وفقاً للبيان الرسمي الصادر اليوم، تقرر عدم اشتراط لبس الكمامة في الأماكن المغلقة، باستثناء المسجد الحرام والمسجد النبـوي، والأماكن الـتـي يصـدر بشـأنها بروتوكولات مـن قبـل هيئة الصحة العامـة "وقايـة".
تسعى السعودية إلى تحويل عاصمتها الرياض إلى مركز دولي للأعمال والمواهب، ما يمثّل تحدّياً لمدينة دبي الإماراتية التي طالما كانت القاعدة الإقليمية الرئيسية للشركات العالمية، وتستمر باتخاذ مبادرات لتعزيز جاذبيتها، كتقديم التسهيلات للشركات لإنشاء أعمال لها في الإمارة، وتطوير تشريعاتها لاسيما الرقمية منها، وإعطاء الإقامة الذهبية لأصحاب المواهب للاستقرار في دبي.
واحتدمت المنافسة بين المدينتين مع دخول مسؤولين سعوديين خلال الشهور الأخيرة في محادثاتٍ مع 7 آلاف شركة دولية لفتح مقار إقليمية لها في المملكة، مُقدّمين حوافز متنوّعة وإعفاءات ضريبية. علماً أنه اعتباراً من بداية عام 2024، ستتوقف الحكومة والمؤسسات المدعومة من الدولة عن توقيع العقود مع الشركات الأجنبية التي تقيم مقارها الإقليمية في أماكن أخرى من الشرق الأوسط.