"أوميكرون" يُعرِّض السيدات الحوامل غير الملقحات لمخاطر جديدة

time reading iconدقائق القراءة - 15
تأخر حصول السيدات الحوامل على اللقاح يعرضهن لمخاطر كبيرة  - المصدر: بلومبرغ
تأخر حصول السيدات الحوامل على اللقاح يعرضهن لمخاطر كبيرة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يزيد فيروس "أوميكرون" المتحوِّر من المخاطر التي تُهدِّد هذه الفئة الديموغرافية المتحدث عنها قليلاً: إنها مجموعة السيدات الحوامل.

جرى ترك أعداد كبيرة من السيدات الحوامل بعيداً عن تجارب اللقاح المبكرة وواجهن رسائل مشوشة ومعلومات مضللة عن الأخطار التي تواجه أطفالهن الذين لم يولدوا بعد.

لا يُلقح نحو 75% من الأمهات الحوامل في المملكة المتحدة مقابل نحو 65% في الولايات المتحدة، وهو ما يتركهن بين المجموعات السكانية الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى ويعرضهن لأطوار عنيفة من المرض حيث تتفشى سلالة "أوميكرون" سريعة الانتشار في كل أنحاء العالم.

أظهرت الأرقام المنشورة خلال الأسبوع الماضي أن 17 سيدة من الحوامل و4 أطفال توفوا جراء الإصابة بمرض كوفيد- 19 في إنجلترا في الفترة الزمنية ما بين شهري مايو وأكتوبر الماضيين.

في غضون هذه الفترة، لم يحصل 98% من السيدات الحوامل على اللقاح من اللواتي جرى إدخالهن إلى قسم العناية المركزة. ومنذ شهر يوليو الماضي أيضاً، كانت نسبة الأمهات الحوامل اللواتي يتلقين علاجاً عبر جهاز خاص للمجازة الرئوية، هي واحد لكل خمسة مرضى من المصابين بمرض كوفيد في إنجلترا.

أوضح كريس ويتي، الذي يتولى منصب كبير المستشارين الطبيين في المملكة المتحدة، للمشرِّعين في 16 ديسمبر الجاري قائلاً: "يعتبر الإقبال على الحصول على اللقاح من قبل السيدات الحوامل منخفضاً بطريقة محبطة، وواجه عدد كبير من السيدات أضراراً خطيرة على إثر ذلك".

وأضاف: "يعتبر الحمل فترة قابلية الإصابة بالأمراض. كان يتوجب علينا فعلاً إيضاح هذه المسألة في وقت مبكر أكثر من ذلك".

اللقاح آمن للسيدات الحوامل

ما زال هناك شح في المعلومات حول هذه المجموعة السكانية في أغلب أنحاء قارة أوروبا. في حين كشفت البيانات على أرض الواقع خلال فصلي الربيع والصيف الماضيين أن الجرعات آمنة وفعالة بالنسبة لهم، إلا أن غياب السيدات الحوامل في اختبارات تجارب اللقاح المبكرة أسفر عن حالة من التردد في الحصول على التطعيم من الصعب التخلص منها.

مثلاً، أنطونيا، التي تعمل محامية في لندن، وكانت حاملاً في شهرها السابع، حيث حصلت على جرعتها الأولى من اللقاح قبل أن تكون حاملاً، بيد أنها وجدت صعوبة من أجل الحصول على جرعتها الثانية في أعقاب الحمل. لم تكن هناك إجابات مطمئنة على الأسئلة التي لديها في مراكز التطعيم، وقد تلقت الجرعة الثانية في ظل مخاوف كثيرة لديها.

قالت أنطونيا، التي تبلغ من العمر 38 عاماً، وأنجبت طفلها الثاني ولم تكن لديها رغبة في الإفصاح عن اسمها بالكامل: "كانت لدي حالة من التوتر الشديد لدرجة إجرائي لعملية حجز الحصول على اللقاح عدة مرات ثم أقوم بإلغائها".

وأضافت: "كان فقط لدي اعتقاد بأنها أمر لا يتعلق بحياتي أنا، إنما يتعلق بحياة شخص آخر أتخذ قرارات حيالها".

مخاطر التردد في الحصول على اللقاح

يسفر التردد في الحصول على التطعيم عن تدهور حالة الضعف المناعي التي تصيب السيدات الحوامل عبر الجهود المبذولة من قبل أجسادهن من أجل نمو الجنين.

يصبح خطر التعرض للإصابة الحادة بفيروس كوفيد -19 عنيفاً بصفة خاصة في الثلث الأخير من فترة الحمل ويرفع من احتمالية حدوث ولادة مبكرة وولادة الجنين ميتاً. كما أنه يؤدي لوجود احتمالية لوقوع مشكلات صحية طويلة الأجل بالنسبة للأمهات الحوامل.

من جهته، أوضح بات أوبراين، نائب رئيس الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد، أنه يوجد توقعات بحدوث ذلك من قبل العديد من المتخصصين في الرعاية الصحية للأمومة.

قال أوبراين: "كان لدينا قلق منذ أول يوم من أنه ربما يكون أشد سوءاً بالنسبة للسيدات الحوامل بالمقارنة مع الأشخاص الآخرين نظراً لأن ذلك كان الحال مع الفيروسات الأخرى التي تصيب الجهاز التنفسي مثل سارس والإنفلونزا".

وأضاف: "يتعين علينا تعلم الدرس القائل بأنه يتوجب إشراك السيدات الحوامل حال كان ذلك ذلك آمناً في المراحل المبكرة من كافة تجارب الأدوية واللقاحات المستحدثة".

المشاركة في التجارب

سعت شركة تصنيع أدوية واحدة على الأقل فعل ذلك. ففي شهر فبراير الماضي، شرعت "فايزر" خلال التجربة الخاصة بالمرحلة الوسطى على السيدات الحوامل قبل الانتقال إلى المرحلة المتقدمة من التجارب خلال شهر يونيو المقبل.

بيد أن هبوط معدل التسجيل في التجارب والمعضلة الأخلاقية المتعلقة بإعطاء الأدوية الوهمية للأمهات الحوامل عند التوصية باللقاحات بالفعل أسفر عن توقف التجربة عند مشاركة 10% من المتطوعين المستهدفين الذين يبالغ عددهم 4 آلاف.

في حين ما تزال الشركة تعتزم نشر البيانات، فربما تقلص المشاركة المحدودة من الفوائد الأساسية للتجارب.

قالت أليخاندرا غورتمان، نائبة رئيس أبحاث اللقاحات وتطويرها في شركة "فايرز": "أعتقد أن ذلك جعل الجهات التنظيمية وشركات التصنيع تدرك وتفتح الباب لتنفيذ دراسات مرتبطة بالحمل في وقت مبكر من التجارب".

تتمثل المعضلة في سبل تحديد التوقيت الملائم لإشراك السيدات الحوامل في التجارب. يتعين إثبات أن اللقاحات آمنة بين عموم الأشخاص قبل أن يكون في إمكان المسؤولون تعريض الأطفال غير المولودين بعد للخطر.

قال بيتر ماركس، الذي يعمل رئيساً لبرنامج اللقاحات في هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، خلال مقابلة مع بلومبرغ: "إذا لم نكن في حالة وباء "شاملة"، ربما شرعنا في التجربة المبكرة على السيدات الحوامل".

أضاف: "في حال كنت أخطط لذلك عند البداية من الصفر مرة ثانية، من المحتمل أن نبدأ التجارب السريرية للسيدات الحوامل في غضون بضعة أشهر من بدء تدفق بيانات السلامة من التجارب السريرية الخاصة بالمرحلة الثالثة".

حوادث تاريخية

تنبع بعض التحفظات من حوادث تاريخية. رغم أن دواء "الثاليدومايد" الذي يجري وصفه لحالات الغثيان في الفترة الأولى من الحمل لا يعد لقاحاً، إلا أنه في الخمسينيات من القرن الماضي، ترك أثراً شديداً على نمو الأطراف عند الأطفال وترك أثراً لدى ما يزيد على 10 آلاف طفل، حيث مات نصفهم.

لم يقدم نقص المعلومات بشأن سلامة اللقاح خلال أول 3 شهور من الحمل وكثرة المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بتأثير اللقاحات على الجنين في مرحلة النمو وعلى الإخصاب. في الصيف الماضي، بلغ بأحد "الأخبار" حد افتراض أن اللقاحات تسببت في وقوع حالات إجهاض.

من جهتها قالت لورا ماغي، طبيبة التوليد في المملكة المتحدة، إن التشابه بين البروتين في نمو المشيمة والبروتين الشوكي الموجود على الفيروس يثير مخاوف من إمكانية مهاجمة المشيمة من قبل الأجسام المضادة الناتجة عن اللقاح رغم أن الدراسات بينت أن الوضع ليس كذلك.

أضافت: "ليس هناك أي أساس مطلقاً لأي مخاوف من أن الأجسام المضادة المتولدة نتيجة الحصول على التطعيم ستتصادم مع النمو في المشيمة".

بينت التجارب السريرية أيضاً أن جرعات اللقاح ليس لها تأثير على عملية الإخصاب. وكشفت بيانات صادرة عن وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أن الشيء ذاته ينطبق على النتائج المتعلقة بالمواليد أو المواليد الموتى أو المواليد منخفضي الوزن.

فشلت هذه التطمينات في إحداث فارق كبير، وهو ما يؤشر على الاحتياج إلى وجود عملية تواصل أفضل ومشاركة الأمهات الحوامل في المراحل المبكرة من التجارب.

تقول هيئة تنظيم الأدوية في المملكة المتحدة إنها بصدد البحث في "سبل تحسين إشراك شركات تطوير الأدوية واللقاحات الحديثة السيدات الحوامل في الدراسات".

تكمن واحدة من الأساليب في الشروع في التجارب في حال إثبات الاختبارات المبكرة لتوافر عنصر السلامة وبدء إجراء التجارب المتقدمة، كما حدث من قبل شركة "فايزر" مع فئة المراهقين.

تري روث فادن، التي تعمل أخصائية أخلاقيات الطب الحيوي في جامعة "جونز هوبكنز" والتي شاركت في مجموعة العمل "PREVENT" أو "وقاية" - التي وضعت مسودة الإرشادات الخاصة باللقاحات في حالات الأوبئة والسيدات الحوامل خلال سنة 2019، ويظهر وباء كوفيد -19 فقط السبب في أن مسألة إعادة التفكير الجادة تعتبر حيوية.

قالت: "يوجد لدي أمل في أن التجربة الخاصة بهذه الجائحة، التي سارت بطريقة سيئة تماماً على صعيد السيدات الحوامل، أن تكون على الأقل كافية لإحداث بعض التعديلات في المستقبل فيما يتعلق بمجال اللقاحات المضادة للأوبئة ".

تصنيفات

قصص قد تهمك