هناك أكثر من 10 لقاحات فعَّالة ضد فيروس "كوفيد - 19" مستخدمة حول العالم، لذلك من السهل نسيان تلك التي ما تزال قيد التطوير. هذا المفهوم خطأ، فقد يستغرق وصول هذه اللقاحات المنافسة للسوق وقتاً أطول، لكنَّها تبقى ضرورية لمكافحة الوباء.
مايزال معظم العالم غير محصَّن، مما يعني أنَّ خطر الفيروس ما زال قائماً، وحيثما يكون قادراً على الانتشار دون رادع، فهناك خطر ظهور الأنواع المتحوِّرة التي يمكن أن تتجنَّب الحماية التي توفِّرها المجموعة الحالية من اللقاحات.
تحتاج الحكومات إلى كل ما يمكنها الحصول عليه من التطعيمات، وهذه اللقاحات تَعِدُ بمليارات الجرعات من الإمدادت المعززة.
من بين عشرات برامج اللقاحات في مرحلة الاختبارات البشرية، هناك بعض البرامج البارزة. وفيما يلي نستعرض أربعة منهم، بما في ذلك وضعهم، ومزاياهم، وتحدياتهم.
لقاح محتمل من "نوفافاكس"
الوضع حالياً: لدى شركة "نوفافاكس"، ومقرُّها الولايات المتحدة، بالفعل بيانات إيجابية في متناول اليد من دراسات مستفيضة للفيروس المتحور في جنوب إفريقيا، والمملكة المتحدة تُظهر نجاعة لقاحها في توفير الحماية ضد سلالة الفيروس الأصلية، والأنواع المتحوِّرة.
ستكشف تجربة اللقاح في الولايات المتحدة على نطاق كبير عن المزيد من البيانات قريباً. في حين أدت العثرات المرتبطة بالتصنيع والإجراءات التنظيمية إلى تأخير إيداع ملف التسجيل المحتمل لدى الجهات التنظيمية للشركة إلى الربع الثالث من العام الحالي بدلاً من الربع الحالي، لكنَّ الطرح أخيراً يلوح في الأفق.
المزايا: هناك دليل قوي على فعالية اللقاح، والذي يَستخدم بروتينات دقيقة لإنتاج استجابة مناعية، وجرعة معززة تسمى الجرعة المساعدة لتعزيزه الاستجابة، وتقوم الشركة بوضع الأساس لصنع العديد من اللقاحات.
عقدت شركة "نوفافاكس" صفقة في وقتٍ سابق من هذا العام لتوفير 1.1 مليار جرعة لصالح "كوفاكس"، وهو برنامج توفير اللقاح للبلدان منخفضة الدخل على مستوى العالم، بالإضافة إلى الاتفاقات مع البلدان على نحو فردي، وإعطاء تراخيص لدول أخرى لصنع لقاحها.
التحديات: ستأتي معظم جرعات لقاح "كوفاكس" من معهد "سيريوم إنستيتيوت" في الهند، وستتسبب الأزمة الداخلية هناك في تأخر الصادرات من اللقاح. أيضاً، تعطَّلت جهود تصنيع لقاح شركة "نوفافاكس" بسبب النقص في إمدادات مثل الأكياس العملاقة المستخدمة كحافظة لنمو الخلايا، وما تزال عرضة لمزيد من الاضطرابات المماثلة.
لقاح محتمل من "كيورفاك"
الوضع الحالي: بدأت شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية "كيورفاك إن في" دراسة كبيرة في المرحلة الأخيرة من تجربة لقاحها، وهي مرحلة اللقاح الوهمي، وتستخدم تقنية "الحمض النووي الريبوزي المرسال" الذي تعتمد عليه لقاحات "فايزر - بيونتك" المشترك، و "موديرنا" وبدأ في الاستخدام شهر ديسمبر الماضي.
واكتملت التجربة على المتطوعين، وتأمل الشركة في نشر البيانات، والتقدُّم بطلبٍ للحصول على تصريح استخدام قبل نهاية شهر يونيو المقبل.
المزايا: أدى نجاح لقاحي "فايزر- بيونتك"، و"موديرنا" إلى زيادة التوقُّعات بشأن اللقاحات التي تستخدم تقنية "الحمض النووي الريبوزي المرسال"، وقد يكون نسخة اللقاح "كيورفاك" بمثابة تطوير إضافي لاستخدام هذه التقنية.
تعمل الشركة على تعديل جزيء "الحمض النووي الريبوزي" بطريقة مختلفة، مما يتيح لها استخدام جرعة أصغر. سيساعد ذلك في إنتاج المزيد من اللقاحات بسرعة، لاسيَّما بمساعدة الشراكات التي شكَّلتها مع شركات "جلاكسو سميثكلاين"، و"باير أيه جي"، و"نوفارتس أيه جي".
التحديات: يجب أن يثبت لقاح شركة "كيورفاك" أنَّ جرعته الأصغر توفِّر حماية كافية.
على صعيد سلسلة التوريد، واجهت الشركات التي تركِّز على تقنية "الحمص النووي الريبوزي" مجموعة إضافية من النقص في المعدَّات، والمكوِّنات المتخصصة، لأنَّ التكنولوجيا التي تستخدمها أحدث.
لقاح محتمل من"فالنيفا"
الوضع الحالي: أطلقت الشركة الفرنسية "فالنيفا إس إي" تجربة فريدة من نوعها في المرحلة النهائية في 21 إبريل الماضي، فبدلاً من مقارنة الأشخاص الذين جرى تطعيمهم فعلياً بمجموعة تتلقى علاجاً وهمياً وتتبع الأمراض، سيجري اختبار اللقاح المرشح من "فالنيفا" مقابل جرعة لقاح شركة "أسترازينكا" المستخدم على نطاق واسع على مجموعة تتكوَّن من 4 آلاف شخص، وستقيس الدراسة، وتقارن الاستجابات المناعية عن طريق فحص الدم.
إذا كان لقاح "فالنيفا" ينتج العديد من الأجسام المضادة المعادلة مثل لقاح "أسترازينكا"، فهذا يعني بالضرورة أنَّه يوفِّر الحماية من الناحية النظرية من مرض كوفيد19.
سيؤدي هذا النهج إلى تقديم نتائج أسرع، وتأمل الشركة في التقدُّم بطلب للحصول على تصريح استخدام بحلول الخريف المقبل.
المزايا: في حين يتدافع الآخرون لجعل اللقاحات تواكب السلالات المتحوِّرة المختلفة من فيروس كورونا، تعتقد شركة "فالنيفا" أنَّ اللقاح سيصمد جيداً منذ البداية في مواجهتها، وهذا لأنَّه يستخدم فيروساً كاملاً غير نشط لتوليد استجابة مناعية أوسع. تستهدف العديد من اللقاحات، فقط ما يسمى البروتين الشوكي للفيروس المسبِّب لمرض كوفيد، مما يجعلهم أكثر عرضة للطفرات الفيروسية.
التحديات: كانت الجهود الأخرى التي تستخدم فيروسات غير نشطة مثل اللقاح الذي طوَّرته شركة "سينوفاك بيوتك ليمتد" الصينية، لا ترقى نتائجها إلى مرتبة الامتياز. بالإضافة إلى ذلك، قد لا تتوافق تجربة المقارنة مع متطلَّبات الجهات التنظيمية.
حدث تقدُّم في فهم الاستجابة المناعية لمرض كوفيد، وهناك سابقة لمثل هذه الدراسات في أمراض أخرى، لكنَّها تعتبر طريقة جريئة لمحاولة الحصول على الموافقة المبدئية (المقارنة مع نتائج لقاح استرازينكا). تخطط شركة فالنيفا لإجراء اختبارات تكميلية إضافية، وهي تحتاج إليها بالفعل.
لقاح محتمل من"سانوفي" و"جلاكسو"
الوضع الحالي: اعتزمت شركتا "سانوفي"، و"جلاكسو سميث كلاين" بدء تجربة نهائية للقاح مشابه للقاح شركة "نوفافاكس" العام الماضي، لكن بعد أن أظهرت النتائج الأولية أنَّ جرعتها لم تكن قوية بما فيه الكفاية، اضطرت الشركتان إلى إجراء تعديلات.
يبدو أنَّ هذه المشكلة قد جرى حلها؛ وظهرت بيانات إيجابية من نسخة جديدة من اللقاح في 17 مايو الجاري، وستبدأ تجربة المرحلة النهائية التي يجري التحكُّم فيها باستخدام الجرعة الوهمية في غضون أسابيع قليلة. وتأمل الشركتان في الوصول إلى السوق في الربع الأخير من هذا العام.
المزايا: تعدُّ القوة المشتركة لاثنين من أكبر مصنِّعي اللقاحات في العالم ميزة بحدِّ ذاتها، إذ تصنع "سانوفي" بالفعل لقاح الأنفلونزا بالنظام الأساسي نفسه، في حين تتمتَّع "جلاكسو" بسنوات من الخبرة في صنع المعززات المساعدة مثل تلك التي سيجري استخدامها في هذ اللقاح.
وينبغي أن تعني وفرة مواردهم اللوجستية، ومعرفتهم العملية طرحاً سريعاً عند الموافقة عليه من قبل الجهات التنظيمية. كما سمح التأخير للشركات بمواكبة الطفرات الفيروسية. وهم سيختبرون في وقتٍ واحد تركيبة تهدف إلى مواجهة الفيروس المتحوِّر في دولة جنوب أفريقيا، وينظرون فيما إذا كانت جرعة أقل من إصدارات استهداف الطفرات الفيروسية يمكن أن تكون بمثابة معزز لأولئك الذين جرى تلقيحهم بلقاحات أخرى.
التحديات: التجارب التي يجري التحكُّم فيها عن طريق جرعة الدواء الوهمي هي المعيار الذهبي، ولكنْ من الصعب إجراؤها حالياً. هناك حافز ضئيل لانضمام المتطوعين إلى دراسة قد لا تحصل فيها على لقاح عند توفُّر الجرعة المعتمدة، لذلك قد يكون توظيف المتطوعين لإجراء التجارب البشرية صعباً، ويجب أن يركِّز على المناطق التي لا يتوفَّر فيها الوصول الواسع للقاح. قد تراهن شركة "فالنيفا" على اختبارات الدم للحصول على نتيجة أسرع، ولكن نهج "سانوفي"، و"جلاكسو" التقليدي قد يكون مستهلك أكثر للوقت.
لقاحات أخرى تحت التجربة
ما سبق يمثل القليل من اللقاحات التي يجري العمل عليها، فهناك الكثير في الطريق. على سبيل المثال، تتحوَّط "سانوفي"، و"جلاكسو" ضد رهاناتهما من خلال لقاح يعتمد تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال، ولقاح نباتي آخر من شركة " ميديكاغو" (Medicago)، على التوالي، وقد أبلغت الشركة الأخيرة حديثاً عن بيانات واعدة في المرحلة الوسطى من التجارب.
يأمل المطوِّرون الآخرون في تحسين مستويات الإنتاج لتوصيله للعملاء، إذ تعمل شركة "فاكسارت إنك" (Vaxart Inc) على إنتاج جرعة دواء من الحبوب، وتريد الشركات بما في ذلك "ألتميون إنك" إنتاج لقاح للتطعيم باستخدام بخاخات الأنف.
مع الدعم المستمر، ربما في شكل جهد حكومي لدعم سلاسل التوريد، أو التوجيه بشأن التجارب القائمة على المقارنة، ناهيك عن بعض الحظ الجيد، يمكن لهذه الموجة التالية من إنتاج اللقاحات أن تنقل العالم من الندرة إلى الوفرة، وتحقيق خطوة أقرب للقضاء على الوباء.