بلومبرغ
بدا أن غوتام أداني قد صمد أمام أكبر انتقاد حتى الآن لإمبراطوريته المترامية الأطراف، قبيل بدء عطلة في الهند وهو رابع أغنى شخص في العالم، ورافضاً تقريراً من شركة للبيع على المكشوف ووصفه بأنه "قديم" و"لا أساس له من الصحة".
ومع إعادة فتح الأسواق الهندية يوم الجمعة، سرعان ما بات من الواضح أن شركة "هيندنبرغ ريسيرش" (Hindenburg Research)، وهي شركة صغيرة الحجم في نيويورك، اخترقت دفاعات إمبراطورية مجموعة "أداني" القوية التي تقع في النصف الآخر من العالم.
هوت سندات وأسهم مختلف الكيانات بإمبراطورية "أداني"، ثم زادت من تقهقرها على مدار اليوم. في النهاية، تراجعت وحدات مثل "أداني غرين إنرجي" (Adani Green Energy) و"أداني توتال غاز" (Adani Total Gas) بالحد الأقصى اليومي المسموح به والبالغ 20%، لتتكبد بذلك خسائر عنيفة بعد سنوات من التفوّق عالمياً.
فيما يزيد قليلاً عن ست ساعات من التداول في مومباي، خسرت المجموعة أكثر من 50 مليار دولار من قيمتها السوقية، مما كلّف غوتام أداني ما يزيد عن 20 مليار دولار، أو نحو خُمس ثروته، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات.
تحوّل دراماتيكي
تُعدّ هذه أكبر خسارة تتكبدها ثروة غوتام أداني على الإطلاق، وأعنف انخفاض مدفوع بالسوق لثروة أي ملياردير في آسيا منذ أن بدأت بلومبرغ في تتبع ثروات أغنى أغنياء العالم قبل عقد من الزمان- وهي بمثابة ضربة مروعة لرجل صعد على مدار السنوات الأخيرة بقائمة الأكثر ثراءً في العالم بوتيرة بدت وكأنها لا يمكن وقفها.
أثار هذا التحوّل الدراماتيكي المزيد من التساؤلات: ماذا بعد؟ وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على الطرح الحالي لأسهم المجموعة؟ كيف سيكون رد فعل المنظمين في الهند والعالم؟ ولكن أيضاً -وربما الأهم من ذلك- كيف يتم تملّك وإدارة وتمويل إحدى أقوى التكتلات العائلية في الهند.
"التقلبات التي تشهدها أسواق الأسهم في الهند بسبب التقرير تثير قلقاً كبيراً، وتسببت في معاناة غير مرغوب فيها للمواطنين الهنود"، وفقاً لكبير محامي "أداني" يوم الخميس في البيان الذي وصف تقرير "هيندنبرغ" بأنه مضلل ولم يخضع لأبحاث ولا أساس له من الصحة. بدورها، ردت "هيندنبرغ" قائلةً إن أداني "لجأ إلى التوعد والتهديد".
أكبر هدف لشركة البيع على المكشوف
"أداني غروب" هي أكبر هدف حتى الآن لـناثان أندرسون، الرجل الذي يدير "هيندنبرغ" الذي جذب انتباه وول ستريت من خلال الانقضاض على شركات مثل "نيكولا كورب" (Nikola Corp) و"لوردستاون موتورز" (Lordstown Motors). فتضم المجموعة شبكة مترامية الأطراف من الشركات التي تشمل مشغلي الموانئ والمطارات، وتعدين وتجارة الفحم، والغاز الطبيعي، ووسائل الإعلام، والأسمنت، كما تتوافق خططها التوسعية بشكل وثيق مع الأهداف التنموية والاقتصادية لرئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي.
أدت المعركة إلى حدوث انقسام حاد بين المستثمرين العالميين. يقول العديد من المحللين الهنود إن المجموعة لن تواجه تداعيات محلية شديدة لأن ثرواتها واستراتيجيتها مرتبطة بـ"مودي". في الوقت الذي يرى فيه آخرون أن دحض "أداني غروب" غير كافٍ، حيث شبّه الملياردير، بيل أكمان، ذلك بالرد الذي تلقاه من "هربالايف" (Herbalife)، والذي قال على تويتر إنه "لا يزال مخططاً هرمياً".
مزاعم "هيندنبرغ ريسيرش"
زعمت "هيندنبرغ" في تقرير يوم الأربعاء أن البحث الذي أجرته لمدة عامين وجد أن "أداني غروب": "متورطة في التلاعب الواضح في الأسهم ومخطط الاحتيال المحاسبي على مدار عقود". وأشارت إلى "الديون الكبيرة" للمجموعة، والتي تشمل رهن الأسهم للحصول على قروض؛ كما أن العديد من قادتها الرئيسيين هم من أفراد عائلة أداني. ولفتت إلى أن فينود شقيق غوتام "يدير متاهة شاسعة من الكيانات الوهمية في الخارج" التي تنقل المليارات إلى شركات أداني دون تقديم الإفصاح المطلوب، كما أن شركة التدقيق "بالكاد تبدو قادرة على القيام بأعمال التدقيق المعقدة".
وقالت الشركة إنها تقوم ببيع أسهم مجموعة أداني على المكشوف عبر السندات المتداولة في الولايات المتحدة والمشتقات غير المتداولة في الهند، وأن تقريرها "يتعلق فقط بتقييم الأوراق المالية المتداولة خارج الهند". وقالت إنها "ترحب" باتخاذ إجراء قانوني في الولايات المتحدة.
سابع أغنى شخص بالعالم
أما بالنسبة لـ"غوتام أداني"، فحتى بعد خسارة يوم الجمعة -وهي رابع أكبر انخفاض مدفوع بالسوق في تاريخ مؤشر بلومبرغ للثروات- يبلغ صافي ثروة الرجل البالغ من العمر 60 عاماً 92.7 مليار دولار. ليأتي بعد بيل غيتس ووارن بافيت ليصبح سابع أغنى شخص في العالم.
ويُعدّ القلق الأكثر إلحاحاً هو طرح أسهم شركته الرئيسية، "أداني إنتربرايزس" (Adani Enterprises)، البالغ 2.5 مليار دولار والذي يهدف إلى تمويل النفقات الرأسمالية وسداد ديون وحداتها المختلفة.
يهدف هذا الاكتتاب، وهو أكبر طرح عام أولي لشركة مُدرجة في الهند على الإطلاق، إلى جذب مزيج من المؤسسات والمستثمرين الأفراد وذوي الملاءة المالية العالية. كما أنه قد اجتذب بالفعل مستثمرين رئيسيين بما في ذلك هيئة أبوظبي للاستثمار وصندوق تقاعد موظفي "ستيت بنك أوف إنديا" وشركة التأمين "لايف إنشورنس كورب أوف إنديا" قبل صدور تقرير "هيندنبرغ".
أنهت شركة "أداني إنتربرايزس" تداولات يوم الجمعة منخفضة 11% عن الحد السفلي لنطاق طرح الأسهم، والذي سيتم إغلاقه في 31 يناير.
وعلى الرغم من أن المستثمرين عادةً ما ينتظرون بالاكتتابات العامة في الهند حتى اليوم الأخير لتقديم العطاءات، كان الاكتتاب هادئاً بوجه عام. وفي الساعة 3:30 مساء الجمعة في مومباي، تم بيع 1% من الحصة المخصصة للمستثمرين الأفراد، كما تقدم موظفو الشركة بعطاءات على 4% من الأسهم المطروحة، وفق ما كشفت عنه بيانات البورصة.