بلومبرغ
ستوزع شركة "غلينكور" 4.45 مليار دولار إضافية على المساهمين في صورة أرباح وإعادة شراء للأسهم بعد أن ارتفعت أرباحها عن النصف الأول من العام بما يزيد على الضعف، مسجلة رقماً قياسياً جديداً بفضل زيادة أسعار الفحم.
تعد "غلينكور"، أكبر شركة لتصدير الفحم في العالم، واحدة من أهم المستفيدين من أزمة الطاقة العالمية في ضوء ارتفاع الطلب على منتجات الوقود الأحفوري. وحقق نشاط الشركة التجاري المتشعب مكاسب من التقلبات الدرامية في الأسعار في مختلف أسواق السلع الأولية، من المعادن إلى النفط، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
الأرباح والإيرادات الهائلة تضع "غلينكور" في موقع متميز مقارنة مع شركات التعدين الأخرى المنافسة لها، التي أعلنت عن انخفاض أرباحها، وتخفيض التوزيعات بسبب تراجع أسعار بعض السلع، مثل خام الحديد والنحاس.
أسوأ أداء فصلي للمعادن منذ الأزمة العالمية في 2008
تخلّفت الشركة عن ركب المنافسين عادة في الأعوام الأخيرة لأنَّها لا تنتج الحديد الخام – وقد كان قاطرة رئيسية لأرباح شركتي التعدين العملاقتين "بي إتش بي غروب" و "ريو تينتو غروب". والآن، انتقلت الميزة التنافسية إلى "غلينكور" بعد أن اختارت أن تتمسك بنشاط إنتاج الفحم في حين تراجعت شركات أخرى عن إنتاجه بوصفه أقذر أنواع الوقود.
صعود أسعار الفحم
ارتفعت أرباح النشاط الأساسي في النصف الأول من العام إلى 18.9 مليار دولار، منها 9.5 مليار دولار من وحدة إنتاج الفحم التابعة للشركة – بما يزيد عن إجمالي ما حققته في الفترة نفسها من العام الماضي.
حلّقت أسعار الفحم إلى مستوى قياسي هذا العام مع تخفيض شركات المرافق وارداتها من روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى نقص كمية المعروض المتاحة في الأسواق، بينما تسبّب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في زيادة الطلب على مصادر الطاقة الأخرى.
انضمّت الشركة إلى منافسيها الأكبر حجماً في التحذير من تصاعد الرياح المعاكسة في مواجهة الطلب على منتجاتها الرئيسية من السلع، لكنَّها قالت إنَّ أسعار الطاقة ستظل مرتفعة.
قال الرئيس التنفيذي للشركة غاري ناغل: "ينتظر أن تستمر أسعار الفحم والغاز الطبيعي المسال على ارتفاعها في هذه الفترة، مع ندرة الحلول التي يمكن أن تعيد التوازن إلى أسواق الطاقة العالمية في المدى القصير، خاصة في ضوء التحدي الراهن الذي يتمثل في تأمين إمدادات كافية ومستقرة من الطاقة لنصف الكرة الشمالي في فصل الشتاء القادم".
الصين تعمّق اعتمادها على الفحم
أرباح التداول والآربيتراج
حققت وحدة التداول التابعة لشركة "غلينكور" أرباحاً هائلة بلغت 3.7 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من العام، بما يزيد بنسبة كبيرة عن الحد الأعلى للأرباح في دليلها الاسترشادي للسنة بأكملها، بسبب أنَّ ارتفاع الأسعار وتقلباتها أتاحت فرصاً للمراجحة أو "الآربيتراج".
مع ذلك، تحققت هذه الأرباح العالية من التداول بتكلفة في المدى القصير – فقد صرحت الشركة بأنَّها استثمرت 5 مليارات دولار إضافية في شركة التداول، مما أدى إلى انخفاض قدرتها على دفع عوائد للمساهمين. وبرغم أنَّ صعود أسعار السلع الأولية يساهم في تغذية الأرباح القياسية بالنسبة إلى شركات التداول؛ فقد أصبحت التقلبات اليومية الكبيرة في الأسعار أيضاً عبئاً يدفع بعض صغار اللاعبين إلى خفض استثمارهم فيها.
ألمانيا تقرر التوقف عن شراء الفحم والنفط الروسيين بنهاية العام
تستطيع "غلينكور" الاستفادة من ميزانيتها الهائلة وخطوط الائتمان الكبيرة، غير أنَّ الشركة حذرت في الأسبوع الماضي من أنَّ احتياجات رأس المال العامل في وحدة التداول التابعة لها قفزت بسبب ارتفاع تكاليف تمويل أعمال الشحن في السلع الأولية، بالإضافة إلى مطالب البورصات والوسطاء بمزيد من النقود السائلة لتنفيذ صفقات التحوط والاستمرار فيها.
قال ستيف كالمين، رئيس الشركة للشؤون المالية، إنَّ "غلينكور" سجلت ملياري دولار إضافية في قيمة مدفوعات الهامش المبدئي خلال هذه الفترة، ولكنَّها تعمل على تنفيذ خطة تهدف إلى تحرير 800 مليون دولار من ذلك الهامش بحلول نهاية العام الحالي.
توقعات متباينة
أعلنت الشركة يوم الخميس أنَّها سترفع توزيع الأرباح بقيمة 1.45 مليار دولار، وتعيد شراء أسهم بقيمة 3 مليارات دولار أخرى.
تباينت التوقُّعات بشأن عوائد حاملي الأسهم تبايناً حاداً قبيل صدور التقرير، إذ وازن المحللون توقُّعات الشركة بتحقيق أرباح قوية مع إخطار أصدرته الأسبوع الماضي يتعلق برأس المال العامل.
قالت الشركة إنَّها تتوقَّع أداءً طبيعياً أكثر في نشاط التداول خلال النصف الثاني من العام، استناداً إلى نطاق توقُّعاتها على المدى الطويل، مما يضع وحدة التداول التابعة لها على مسار تحقيق أرباح قيمتها 5 مليارات دولار تقريباً في عام 2022.
في حين ساهم غزو روسيا لأوكرانيا بأن تحقق الشركة أرباحاً قياسية؛ لكنَّه أثر سلباً أيضاً على حصص "غلينكور" في اثنتين من كبرى الشركات الروسية، وهما: "إن+ غروب إنترناشيونال" (En+ Group International) و"روزنفت" (Rosneft). وأعلنت "غلينكور" الخميس أنَّها تعمل على شطب قيمة أسهمها في الشركتين إلى صفر، متحملة 1.3 مليار دولار كخسائر في هذا السياق.