آراء مصرفيين حول مستقبل الاندماج والاستحواذ بعد ذروة 5 تريليون دولار

time reading iconدقائق القراءة - 12
مشاة في وول ستريت قرب تمثال الثور الهائج - المصدر: بلومبرغ
مشاة في وول ستريت قرب تمثال الثور الهائج - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لا يبدو أي مؤشر تباطؤ على أكبر طفرات الاندماج والاستحواذات في التاريخ.

أعلنت الشركات عن صفقات ضخمة تزيد مجتمعة على 5 تريليون دولار في 2021، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السنوي السابق المسجّل في 2007 بنحو تريليون دولار، بفضل موجات متتالية من عمليات اندماج واستحواذ تحولية استمرت حتى موسم الأعياد.

أبرمت الشركات صفقات لتعزيز نموها واكتساب قدرات جديدة، أو لتبسيط هياكلها، مدفوعة بأموال رخيصة وسوق أوراق مالية صعودي. في كل يوم عمل من هذا العام، سجلت شركة ما رقماً قياسياً جديداً لنفسها في مجال الاستحواذ، كمثل استحواذ "أوراكل" على "سيرنر" (Cerner) مقابل 28.3 مليار دولار، وهي أكبر صفقاتها على الإطلاق. شجّع المستثمرون الشركات في حالات كثيرة على السعي لإبرام صفقات.

"بنترست" أكبر صفقة استحواذ في قطاع التكنولوجيا 2021 بـ45 مليار دولار

قال ستيفان فيلدغويز، الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ العالمية في مجموعة "غولدمان ساكس": "تجاوزت مجالس الإدارة والمساهمون وفرق الإدارة التقلبات، ولم تُظهر سوق الاندماج والاستحواذ أي تردّد على مدى 12 شهراً في 2021".

شهد العام إعلان شركات بارزة مثل "جونسون آند جونسون" (Johnson & Johnson) و"جنرال إلكتريك" (General Electric) عن تجزيئها لعدة شركات، كما شهد حرب مزايدة على شركة السكة الحديدية "كانساس سيتي سذرن" التي انتهت باستحواذ شركة "كنيديان باسيفيك ريلواي" (Canadian Pacific Railway) عليها مقابل 31 مليار دولار. إضافة إلى الاندماج المخطط لتوابع شركة "إيه أي أند تي" (AT&T) الإعلامية مع "ديسكفري" (Discovery).

استمرار الوتيرة

يتوقّع صانعو الصفقات أن تظل الوتيرة قوية العام المقبل بعد مرور ما يقرب من عامين على بدء الجائحة العالمية.

قال كاري كوتشمان، الرئيس المشارك العالمي لعمليات الاندماج والاستحواذ في مجموعة "سيتي غروب" (Citigroup): "بالرغم من حقيقة أننا حقّقنا رقماً قياسياً لسوق الاندماج والاستحواذ، أعتقد أننا قادرون على الوصول إلى مستويات أعلى في حال ظلت ثقة الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة قوية".

تُظهر البيانات أن المحرك الرئيسي لتدفق الصفقات كان شركات الملكية الخاصة، التي شكّل إنفاقها على عمليات الاستحواذ رقماً قياسياً بنسبة 24% من قيمة الصفقات العالمية هذا العام. كما تَبرُز عمليتا الاستحواذ على "ميدلاين إنداستريز" (Medline Industries) بقيمة 34 مليار دولار و"أثيناهيلث" (Athenahealth) بقيمة 17 مليار دولار اللتين جائتا من مجموعات داعمين ماليين، كأكبر صفقتين في العام، حيث أعادتا صفقات النادي التي أصبحت أقل شيوعاً بعد الأزمة المالية.

طوفان من الاستحواذات الممولة بالدين سيضرب سوق العائد المرتفع

يُرجح أن تسعى شركات الاستحواذ، التي لديها أكثر من تريليوني دولار من نقد ينتظر الاستثمار، لتنفيذ عمليات استحواذ أكبر في 2022، وذلك وفقاً لإريك شيل، الشريك المؤسسي في شركة المحاماة "كيركلاند أند إيليس" (Kirkland & Ellis)، حيث قال: "لا أعتقد أن هذا الجزء من السوق سيتوجه إلى أية وجهة أخرى"، مضيفاً أن الداعمين يتمتعون عموماً بميزة على الإستراتيجيين في بيئة مكافحة الاحتكار الحالية الأكثر صرامة.

شعبية متزايدة

أضافت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، التي تحظى بشعبية متزايدة ويتمثّل هدفها الوحيد في شراء شركات أخرى، المليارات إلى إجمالي الصفقات. تنتهي صلاحية حوالي ربع رؤوس أموال شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة مع نهاية 2022، وفقاً لتقديرات شركة "جيه بي مورغان تشيس أند كو" (JPMorgan Chase & Co)، لذلك من المرجح أن تستمر شركات الشيكات على بياض بالتنافس مع مشترين آخرين لتحقيق عمليات الاستحواذ الخاصة بها في مجموعة قطاعات خلال العام المقبل، حتى مع تعثّر شعبية الشركات، بحسب مستشارين.

فيما يبدو أن المخاطر على الطفرة القياسية تتزايد مع انتشار متغيرات كوفيد-19 الجديدة وقضايا سلاسل التوريد واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم وبيئة مكافحة الاحتكار الأكثر صرامة، إلا أنها لا تتثبط حماس صانعي الصفقات.

الاستحواذات الممولة بالديون تتسارع بقوة في "وول ستريت".. ما القصة؟

قال آدم إمريش، الشريك في شركة "واتشتيل، ليبتون، روزين أند كاتز" (Wachtell, Lipton, Rosen & Katz): "أشعر اليوم أنه لا يوجد تغيير على المدى المنظور لعام 2022... يمكنكم استشعار ذلك في أسواق الأسهم وأسواق الدين وفي المحادثات التي نُجريها مع فرق ومجالس إدارة الشركات".

حتى أن بعض المستشارين يرون أن الصفقات الضخمة من عيار 50 مليار دولار أو أكثر، والتي ميزت فترات الازدهار السابقة، ستعود بشكل أكثر وضوحاً في 2022.

قالت مارثا ماكغاري، الرئيسة المشاركة لعمليات الاندماج والاستحواذ في شركة "ماير براون" (Mayer Brown) في الولايات المتحدة: "في حال صمدت سوق الأسهم ولم يُؤثّر أي حدث كبير عليها، أعتقد أن جميع الصفقات ذات الحجم، بما فيها الصفقات الكبيرة جداً، قابلة جداً للتنفيذ".

عوائق تنظيمية؟

في حين يقول آخرون إن الأجواء المحيطة بإنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار قد تمنع ذلك، حيث قال غاري بوسترناك، الرئيس العالمي لعمليات الاندماج والاستحواذ لدى "باركليز": "نعتقد أن الشركات ستكون حذرة حيال إجراء تحويلات عالية المستوى في الصناعة، إلى أن يكون هناك المزيد من الوضوح حول البيئة التنظيمية لمكافحة الاحتكار؛ ومن المحتمل أن نستمر في رؤية عدد من المعاملات في نطاق يتراوح بين مليار دولار و10 مليارات دولار مقارنة بالمعاملات الضخمة التي رأيناها في بعض السنوات السابقة".

في كلتا الحالتين فقد أصبحت الشركات أكثر ارتياحاً تجاه عقد صفقات.

تحالف "بلاكستون" و"كارلايل" يقتنص صفقة شراء أكبر شركة إمدادات طبية في أمريكا

أعلنت الشركات مع حلول سبتمبر عن زيادة الصفقات تجاه أهداف خارج حدودها بنسبة 30% مقارنة بما كان في العام الماضي بأكمله، وذلك وفقاً لما قاله ديفيد واه، رئيس قسم الاستشارات العالمية في مجموعة "كريدي سويس". ويتضمن ذلك إعلان هذا الشهر أن شركة "سي إس إل" (CSL) الأسترالية للتكنولوجيا الحيوية، التي كانت "كريدي سويس" من بين مستشاريها، وافقت على الاستحواذ على شركة الأدوية السويسرية "فيفور فارما" (Vifor Pharma) مقابل ما يقرب من 12 مليار دولار.

قال ماركو كاجيانو، الرئيس المشارك للاندماج والاستحواذ في أمريكا الشمالية لدى "جيه بي مورغان تشيس أند كو": "لا نلاحظ أية نقطة من شأنها أن تجعلنا نتوقع انهيار سوق الاندماج والاستحواذ أو تدهوره العام المقبل".

طلبنا من عدد من كبار المستشارين أن يتفكروا حول العام المنقضي ويُشاركونا توقعاتهم لما سيأتي لاحقاً. مايلي المزيد مما قالوا:

  • كاري كوتشمان، الرئيس المشارك العالمي للاندماج والاستحواذ في مجموعة "سيتي غروب"

"أتوقع زيادة عنصر الصفقة الأكبر في السوق خلال العام المقبل، رغم الحديث حول تعزيز التدقيق التنظيمي. مع زيادة الثقة والاستقرار وميل أسواق الاندماج والاستحواذ إلى التطور، تميل الصفقات الأكبر إلى الظهور؛ حيث تُشير المحادثات التي نجريها إلى هذا الاتجاه".

  • بلير إيفرون، الشريك المؤسس في "سنترفيو بارتنرز" (Centerview Partners)

"أعتقد أن 2022 ستكون سنة قوية، إلا أنها ليست بنفس قوة 2021. وأودّ أن أكون مخطئاً، حيث أعتقد أن الضغوط التضخمية ستستمر خلال العام، وأفترض أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتصرف بحزم. كما ستكون أسعار الفائدة على مدار العام كافية لجعل المعاملات أكثر تكلفة قليلاً. أكاد أرى ارتفاع حجم الصفقات في حال قمنا بما يكفي من صفقات تتراوح قيمتها بين 10 و25 مليار دولار ولقيت استحساناً".

  • مارثا ماكغاري، الرئيسة المشاركة للاندماج والاستحواذ لدى "ماير براون" في الولايات المتحدة

"ظل الأداء التشغيلي للشركات قوياً للغاية، ولا أتوقع أن يتغير ذلك على الأقل خلال الربعين الأولين من العام المقبل. من خلال التحدث مع فرق الإدارة أعلم أن لديهم خطط اندماج واستحواذ كبيرة على جانب الشراء وجانب البيع في العام المقبل. هناك الكثير من الأمور التي يريدون تحقيقها، وهذا يجعلني متفائلة جداً".

  • ستيفان فيلدغويز، الرئيس المشارك للاندماجات والاستحواذات العالمية لدى "غولدمان ساكس".

"هذه واحدة من أولى السنوات التي لم تشهد فجوة في عمليات الاندماج والاستحواذ. رغم وجود نقص في العمالة وأشباه الموصلات والأمور الأخرى التي تجعل بعض الصناعات تكافح لتقديم منتجاتها، إلا أن هذا لا يعود إلى نقص الطلب، فأداء الشركات جيد حقاً. أتوقع بالتأكيد استمرار الصفقات التي تتراوح قيمتها بين 10 و50 مليار دولار".

  • ديفيد واه، رئيس قسم الاستشارات العالمية لدى "كريدي سويس"

"إن الارتفاع في الشركات المنبثقة هو انعكاس لوتيرة نشاط الاندماج والاستحواذ على مدى السنوات العشر الماضية، حيث جمعت الشركات أصولاً كبيرة، وتطوّرت أجزاء منها وتوسّعت لتكون كافية لخلق فرصها المستقلة الخاصة بها وإطلاق عنان القيمة للمستثمرين. في بعض الحالات، يعكس الارتفاع أيضاً التقييمات العالية، ما يخلق فرصة لمجالس الإدارة لتحسين القيمة من خلال فصل الشركات".

  • جيم لانغستون، القائد المشارك لمجموعة الاندماج والاستحواذ في الولايات المتحدة الأمريكية لدى "كليري غوتليب ستين أند هاملتون" (Cleary Gottlieb Steen & Hamilton).

"ستخرج بعض الشركات من موقع المتفرج. في هذه البيئة الحجم هو كل ما يهم، وبالتالي إذا كانت الشركات الأخرى في نفس القطاع تنمو عبر الاندماج والاستحواذ، وتُحوّل أو تُحسّن شركاتها، ولم تكونوا جزءاً من هذا المشهد، فأنتم تخاطرون بالتخلّف عن الركب. لقد استكشف الناس إلى حدٍّ كبير كيف ستبدو البيئة التنظيمية، وشعروا بالراحة لأن السماء لم تسقط على رؤوسهم ولأن الصفقات ما تزال تجري. كما تشعر الشركات براحة أكبر لأن المشهد التنظيمي، رغم أنه قد يُمثّل تحدياً، ما يزال محتضناً لاستمرار العمل، حيث يمكن أن يُحفّز ذلك المزيد من الصفقات الضخمة العام المقبل".

  • غاري بوسترناك، الرئيس العالمي للاندماج والاستحواذ لدى "باركليز"

"كنا نعمل بأقصى طاقتنا على مدى 18 شهراً مضت. نتوقع أن يبدأ العام الجديد مزدحماً للغاية، تماماً كما نُنهي هذا العام، حيث يُحبّ مصرفيو الاندماج والاستحواذ أن يكونوا مشغولين. سيكون من الصعب مجاراة إجماليات الحجم لهذا العام، حيث من المحتمل أن يكون مكّون شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في السوق على وجه الخصوص أصغر في العام المقبل".

  • إريك شيل، شريك مؤسسي في "كيركلاند أند إيليس".

"كان الكثير من حجم الصفقات مدفوعاً بصفقات ضخمة في عامي 2018 و2019. إلا أننا لم نرَ ذلك حقاً هذا العام. ويعود ذلك في جزء منه إلى أن الناس يعتادون على بيئة تنظيمية مختلفة تماماً من كلٍ من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية ولجنة التجارة الفيدرالية. وقد كان الناس مترددين قليلاً بشأن بعض الصفقات الأكبر. إلا أنني أتوقع أنه مع اعتياد الإستراتيجيين على هذه البيئة التنظيمية سنبدأ برؤية عودة بعض الصفقات الإستراتيجية الأكبر. كما أعتقد أنه من المحتمل أن يكون هناك طلب شديد على المستوى العادي لعقد الصفقات الضخمة".

  • توم مايلز، الرئيس المشارك لنشاط الاندماج والاستحواذ للأمريكيتين لدى "مورغان ستانلي"

"كانت لدينا بيئة تقييم مبنية على استعداد مجالس الإدارة وفرق الإدارة والمساهمين للبيع. لقد مروا بجائحة كوفيد، وهم يقولون: إذا كان بوسع شخص ما أن يدفع لي علاوة في هذا الوقت فأنا على استعداد للنظر في ذلك".

  • ماركو كاجيانو، الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ في أمريكا الشمالية لدى "جيه بي مورغان تشيس أند كو".

"هذه بالتأكيد أكثر بيئة رأيناها نشاطاً، ولا نرى أية علامات تدل على أنها تتراجع بشكل فعلي. كما نتوقع أن يستمر وضوح الشركات في كونه محركاً كبيراً، حيث يمكنكم ملاحظة علاوة مضاعف للسعر للربحية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمرور الوقت للشركات "أحادية النشاط" التي لديها قطاع تقارير واحد فقط مقابل الشركات التي لديها أكثر من قطاع تقارير واحد. كما يحاول الإستراتيجيون أن يُسهّلوا على المستثمرين تكليفهم لتقييم العلاوات على أمل أن يُؤدي ذلك لارتفاع في أسعار الأسهم".

  • آدم إمريش، شريك في شركة "واتشتيل، ليبتون، روزين أند كاتز"

"كل مَن يقوم بعمليات الاندماج والاستحواذ لفترة من الوقت يشهد دورات ازدهار وكساد. حيث يتساءل الناس لم لا يتصرف الجميع "بعقلانية" أكبر كونهم يعلمون أن الأمور ستنهار؟ الحقيقة هي أنه سيكون هناك تحوّل في الاندماج والاستحواذ في مرحلة ما، لكن لا يمكننا تحديد متى. من المؤكد أنه لا يوجد ما يدّل على أن هذا التحول سيحدث في الربع الأول من 2022. في نهاية المطاف، تكون جميع الالتفافات عكس الاتجاه دورية".

تصنيفات