لعبة فيديو تفضح الاحتيال في صناعة الأدوية

time reading iconدقائق القراءة - 13
كبسولات موضّبة على خط إنتاج أحد مصانع الأدوية في ولاية ساوث كارولينا، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
كبسولات موضّبة على خط إنتاج أحد مصانع الأدوية في ولاية ساوث كارولينا، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لطالما تمتع روبرت لودر، الأستاذ في كلية الصيدلة بجامعة كنتاكي ورائد الأعمال الصيدلانية البيولوجية، بألعاب الفيديو الجيدة، وها هو الآن يحول شغفه بالألعاب إلى أداة قوية لتحديد العقاقير المعيبة والخطيرة.

جنباً إلى جنب مع هيذر كامبل، مهندسة في صناعة الأدوية ولديها ميل للبرمجة، ابتكر لودر لعبة فيديو لمساعدة المستشفيات والصيدليات في اكتشاف الأدوية الرديئة، ووظفا بالفعل لعبتهما التي قادتهما إلى ملاحظة مزعجة: قد تبخل بعض شركات الأدوية في استخدام المواد الفعالة لتوفير المال على حساب جودة الدواء، وبالنسبة لشخص يعاني من الصداع، قد يعني ذلك القليل من الانزعاج الإضافي، أما بالنسبة للمريض الذي يتعافى من جراحة القلب، يمكن أن يتسبب الدواء الضعيف في أضرار جسيمة.

لا يزال لودر وكامبل في المراحل الأولى من بناء لعبتهما، وتكمن فكرتها في التعرف على الأنماط التي قد تشير إلى وجود خلل داخل صناعة الأدوية، وفكر فيها على أنها جهاز محاكاة طيران أكثر من كونها لعبة تشبه "سوبر ماريو"، قال لودر: "كانت الحكومة تفعل ذلك منذ فترة طويلة.. ويعود الفضل إلى مؤسسة الأبحاث الدفاعية "راند كورب" (Rand Corp) وللألعاب الحربية، لكن لم يفكر أحد لفعلها في قطاع الأدوية".

تعتمد لعبة الفيديو على مدخلات من تجربة العالم الحقيقي بما في ذلك واحدة مشتقة من مشروع آخر ساعد لودر في تطويره، وكجزء منه، يجري طلاب الصيدلة اختبارات جودة على الأدوية التي تأتي إلى مستشفيات وعيادات الجامعة تحت مظلة نظام الرعاية الصحية بجامعة كنتاكي، وتشمل مقاييس الجودة، على سبيل المثال، ما إذا كان الدواء يحتوي على جميع المكونات التي تدعيها الشركة أم ما إذا كان يحتوي على شوائب يمكن أن تشير إلى التلوث.

اللعبة

ولا تزال اللعبة في مرحلة تجريبية مبكرة، لكنها ستساعد طلاب لودر في كلية الصيدلة على تحديد الأدوية التي يجب إعطائها أولوية الاختبار في الحياة الحقيقية، لأنه ليس من الممكن تحليل كل شيء يمر عبر نظام الرعاية الصحية للجامعة.

أقام لودر وكامبل عدداً قليلاً من المسابقات التي لعبها عشرات الطلاب من جامعة كنتاكي، جالسين في صفوف على مقاعد مرتفعة في صالة الألعاب بالمدرسة، وتوضع الفروق الدقيقة والاحتمالات في شاشات كطبقات لخلق سيناريوهات يختار منها اللاعبون، وتُظهر الشاشة الأولى منظراً علوياً لأرضية مصنع لتصنيع الأدوية برسومات مشابهة لرسومات أوائل العقد الأول من القرن الحالي.

يختار اللاعبون المكونات الكيميائية من شاشة قائمة منسدلة ثم يقومون بإعداد خطوط الإنتاج. ومن هناك، يمكنهم "الدخول" إلى أرض المصنع، ومنذ تلك اللحظة، يدخلون جزءاً من اللعبة التي صممتها كامبل بأحدث تقنيات الرسومات في وضع اللاعب الأول ما يعني أن اللاعبين يحصلون على رؤية واقعية لأفعالهم أثناء تنقلهم في مهام مختلفة مصممة لاختبار مخاوفهم.

يتخذ اللاعبون العديد من القرارات أثناء تقدمهم عبر مستويات جديدة من اللعبة، هل سيقومون بتنظيف وعاء صناعي لتحضير الدواء الجديد؟ أم سيتخطون هذه الخطوة لتوفير الوقت والمال؟ هل يجب عليهم المخاطرة بغضب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وبيع نسخة غير معتمدة من أحد الأدوية؟ هل يجب عليهم التخلص من مجموعة من الأدوية أثبتت فعاليتها في وجود شوائب أم مجرد خلطها مع بعض المنتجات الجيدة؟ ستؤثر طريقة استجابة اللاعبين على إيرادات الشركة بالإضافة إلى جودة الدواء. وصُممت اللعبة أيضاً لاختبار أخلاقيات اللاعبين: هل سيفعلون الشيء الصحيح للمرضى أم سيركزون أكثر على صافي الأرباح؟ من يربح أكبر قدر من المال يفوز.

الممارسات

يعد برنامج الاختبار الجامعي الذي أثر في عمل لودر وكامبل في لعبة الفيديو واحداً من برامج قليلة في جميع أنحاء الدولة والتي تحلل بشكل مستقل جودة الأدوية، ولا تختبر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية العلاجات بانتظام، بل تعتمد على الاختبارات الروتينية لشركات الأدوية. ومع ذلك، كشفت عمليات التفتيش المفاجئة، التي تجريها إدارة الغذاء والدواء في مصانع إنتاج الأدوية، عن مشكلات تتراوح من دقة اختبار البيانات إلى مشكلات التطهير، ما يشير إلى أن الاعتماد على الصناعة للتحكم ذاتياً في الجودة يمكن أن يكون إشكالياً.

وما تعِد به لعبة الفيديو الخاصة بلودر وكامبل هو أنها قد تساعد المستشفيات وكبار مشترين العقاقير الآخرين على التعرف على علامات السلوك السيئ قبل وقت طويل من توفر الفرصة لإدارة الغذاء والدواء لتوثيقها.

أثناء عمل كامبل في اللعبة، قامت بتنفيذ سيناريو مشروع لاختبار الأدوية قد صادف لودر في الحياة الواقعية: شركة أدوية عامة تبيع دواء بنصف سعر اثنين من منافسيها، وأسفر الاختبار عن مفاجأة، فقد وجد أن الأدوية الأعلى سعراً تحتوي على مستويات أقل من مادة فعالة رئيسية من تلك الأرخص ثمناً - وهي مستويات منخفضة بما يكفي لتجعل الدواء لا يستوفي معايير إدارة الغذاء والدواء.

حدسياً، يبدو أن العكس هو الصحيح إذ يجب أن تكون القوارير التي تكلف أكثر ذات جودة أعلى، لذلك، لعبت كامبل اللعبة، باستخدام نفس الأسعار ومستويات المكونات النشطة مثل سيناريو الحياة الواقعية ووجدت أن النتائج النهائية للشركات التي تبيع الدواء الأعلى تكلفة والأقل جودة ظلت قوية رغم فقدانها بعض الحصة السوقية بسبب تنافسية الدواء منخفض السعر، وهذا يعود إلى التوفير الناتج عن تقليص المكونات.

أعاد لودر وكامبل تجسيد الموقف في مسابقة في أبريل ولاحظا استخدام اللاعبين الإستراتيجية بانتظام.

وصف مايكل جانيو، كبير مديري ممارسات الصيدلة والجودة في الجمعية الأمريكية لصيادلة النظام الصحي، مفهوم لعبة الفيديو بأنه مذهل، وتمثل جمعيته صيادلة المستشفيات وترحب باستخدام النماذج التنبؤية التي يمكن أن تساعدهم في فهم المخاطر.

وقال: "في أرض المعركة، تساعدنا اللعبة على الاستعداد لمواجهة ضعف في سلسلة توريد الأدوية".

لا يزال أمام لودر وكامبل الكثير من العمل قبل أن يتمكنوا من الوفاء بهذا الوعد، وتتمثل خطوتهم التالية في الحصول على تصريح من مجلس مراجعة جامعي لإجراء مسابقات للعبة الفيديو، بجوائز نقدية، كتجارب بحثية رسمية. وإذا حصلوا على الضوء الأخضر للقيام بذلك، فسيكون بمقدورهم البدء في نشر نتائجهم، مما يوفر للمستشفيات أداة قيمة لاكتشاف الممارسات الغريبة لدى صناع الأدوية.

تصنيفات

قصص قد تهمك