تعكس زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى أوكرانيا يومي 5 و7 مايو قلق إدارة بايدن من خطر أن تشن روسيا عدواناً على جارتها الغربية.
وعلى الرغم من أنَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد خفف التوترات مؤقتاً من خلال إصدار أوامر للقوات الروسية بالانسحاب بعيداً عن الحدود، إلا أنَّه ما يزال مصمماً على تقويض سيطرة الحكومة الأوكرانية على أراضيها.
ويجب على الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي "الناتو" مواجهة التهديد بردٍّ منسق؛ يبدأ بتزويد أوكرانيا بالأسلحة اللازمة للدفاع عن نفسها.
احتدام الصراع
وفي الأسابيع الأخيرة، اشتد الصراع المستمر منذ سبع سنوات بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا في منطقة دونباس الأوكرانية، فقد ضاعفت روسيا تقريباً حجم قواتها على طول الحدود الأوكرانية، وفي شبه جزيرة القرم، التي ضمتها في عام 2014.
وأثار نشر روسيا لأكثر من 100 ألف جندي في المنطقة - إلى جانب الدبابات، والطائرات الحربية، والسفن الهجومية البرمائية، وطائرات الاستطلاع بدون طيار – شبح شن هجوم ضد أوكرانيا، التي يزيد عدد سكانها عن 40 مليون نسمة.
وقال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في خطاب للأمة، إنَّه "مستعد" للحرب مع روسيا، في حين عرض لقاء بوتين "في أي مكان" في منطقة الصراع.
بعد إلقاء خطاب عدائي من جانبه، أعلن بوتين أنَّ القوات المرسلة إلى المنطقة الحدودية ستنسحب إلى قواعدها، على الرغم من أنَّه من غير الواضح متى وكيف يخططون للقيام بذلك سريعاً ؟.
ويتعين على القادة الغربيين توضيح التزامهم إزاء أمن أوكرانيا، ودعم أقوالهم بالأفعال.
وفي هذا الصدد، كانت إدارة الرئيس جو بايدن أكثر اتساقاً من فرنسا وألمانيا، اللتين دعتا كلا الجانبين في البداية إلى وقف تصعيد الأزمة، بدلاً من إلقاء اللوم على بوتين بشكل مباشر.
وفي ضوء هدف بوتين المتمثِّل في تقسيم التحالف عبر الأطلسي، ومنع اندماج أوكرانيا في المؤسسات الغربية، يجب على الولايات المتحدة وأوروبا العمل معاً لإعداد قائمة عقوبات منسقة يتمُّ فرضها ردَّاً على أيِّ محاولات روسية لإغلاق الممرات البحرية الحيوية، أو الاستيلاء على الأرض بالقوة.
تعزيز القوة العسكرية لأوكرانيا
كما ستستفيد أوكرانيا من المساعدة العسكرية المعززة، فجيشها أكبر وأفضل تدريباً مما كان عليه خلال حصار القرم في عام 2014، لكنَّه ما يزال يفتقر إلى الأدوات الكافية لصدِّ هجوم روسي.
ويجب على بايدن الموافقة لبيع صواريخ جافلين إضافية مضادة للدبابات، وتخفيف القيود على مكان وكيفية نشرها بأوكرانيا.
كما يتعين على وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) توفير تكنولوجيا الرادار والصواريخ المضادة للسفن، ونقل بعض صواريخ باتريوت المضادة للطائرات المتمركزة في بولندا إلى أوكرانيا، كما طلب المسؤولون الأوكرانيون.
ويتعين على دول الناتو توسيع التدريبات، وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، وتوفير الأفراد والموارد لمساعدة خططها لبناء قواعد بحرية في البحر الأسود.
وأخيراً، يحتاج الغرب إلى الانخراط بشكل أوضح مع قيادة البلاد والشعب الأوكراني.
إصلاح أخطاء ترمب
من خلال إرسال وزير خارجيته إلى كييف، يأمل بايدن في إصلاح الضرر الذي لحق بمحاولات الرئيس دونالد ترمب لابتزاز الحكومة الأوكرانية بتقديم خدمات سياسية.
ومع ذلك ، لم يرشح بايدن سفيراً إلى كييف، المنصب الشاغر منذ عام 2019. بالإضافة إلى تعيين سفير بشكل سريع؛ يجب عليه تعيين مبعوث خاص مكلَّف بالتواصل مع فريق زيلينسكي، وتنشيط المفاوضات حول مستقبل دونباس، وتنسيق السياسة مع الحلفاء الأوروبيين.
إنَّ التعزيزات العسكرية التي حشدها بوتين على حدود أوكرانيا بمثابة عمل من أعمال الترهيب ضد دولة مجاورة ضعيفة، واختبار لتصميم الغرب.
إنَّ التأييد المطلق لحقِّ أوكرانيا في الدفاع عن النفس هو أفضل طريقة لمنع الاستفزازات من أن تؤدي إلى نشوب الحرب.