بلومبرغ
حمل قاض أميركي دونالد ترمب المسؤولية في دعوى قضائية تزعم احتيال الرئيس السابق عبر تضخيم ثروته بمليارات الدولارات سنوياً في السجلات المالية التي قدمها إلى البنوك وشركات التأمين، وهي ضربة قوية بأكبر قضية مدنية مرفوعة ضده، والمقرر بدء نظرها أمام المحكمة الأسبوع المقبل.
تحسم الإدانة التي أصدرها القاضي آرثر إنغورون في مانهاتن أمس الثلاثاء الجدل حول أكبر دعوى قضائية رفعتها الولاية ضد الرئيس السابق ويضيق نطاق المحاكمة المقرر أن تبدأ جلساتها في الثاني من أكتوبر.
ستركز المحاكمة التي لا تضم هيئة محلفين في الوقت الحالي على الدعاوى المتبقية التي رفعتها الولاية بما في ذلك تزوير السجلات التجارية وإصدار بيانات مالية مزيفة. تطالب الدعوى بسداد تعويض قدره 250 مليون دولار وعقوبات أخرى.
إنغورون يرى أن المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، التي رفعت الدعوى في سبتمبر 2022، أثبتت مسؤولية ترمب وكذلك نجليه دونالد ترمب الابن وإريك ترمب، إلى جانب "منظمة ترمب" ومديرها المالي السابق ألين ويسلبيرغ.
كما أمر إنغورون محاميي ترمب، بينهم كريستوفر كيس، بدفع غرامات قدرها 7500 دولار لكل منهم بسبب تقديمهم المتكرر للرؤى القانونية المرفوضة بشأن القضية. اختتم القاضي قوله، إن جيمس يحق لها الآن الحصول على أمر قضائي بفسخ أي شهادات صادرة لصالح "منظمة ترمب" بموجب القانون التنفيذي لنيويورك، مما يعرض للخطر قدرته على مواصلة إدارة شركته المترامية الأطراف التي يقع مقرها في مانهاتن.
عواقب بعيدة المدى
رغم أن القضايا الجنائية الأربع المرفوعة ضد ترمب طغت على هذه القضية في الأشهر الأخيرة، فإن الدعوى التي رفعتها جيمس قد تكون لها عواقب بعيدة المدى. فإلى جانب العقوبات المالية، تسعى المدعية العامة إلى منع ترمب من العمل في موقع المسؤول أو المدير في أي شركة بالولاية التي ولد فيها ونال شهرته لأول مرة.
في بيان نشره على منصة التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، كرر ترمب العديد من أقواله في القضية، بما في ذلك بعض ما رفضه القاضي، الذي وصفه بأنه "حاقد عليه". قال الرئيس السابق إن صافي ثروته محسوبة وفقاً لقيمة أصوله مطروحاً منها التزاماته، كما هو مذكور في البيانات المالية، وإن البنوك لم تتضرر من قوائمه المالية وإن إخلاء المسؤولية عن البيانات المالية تضمن أنه لا ينبغي الاعتماد عليها.
قال ترمب: "إن ما يحدث أمر غير عادل للغاية، وأطلب المساعدة من أعلى المحاكم في ولاية نيويورك، أو النظام الفيدرالي، للتدخل".
تتهم الدعوى القضائية بتضخيم قيمة أكبر أصول الرئيس السابق في الفترة بين عامي 2011 و2021 للحصول على شروط أفضل من البنوك وشركات التأمين. انحاز القاضي إلى جانب جيمس في قولها إن ترمب تورط بشكل متكرر في الاحتيال من خلال إعلان عن قيم مالية مبالغ فيها لبعض أفضل ممتلكاته عبر بياناته السنوية عن وضعه المالي.
تناقض بمثابة احتيال
أورد القاضي في إدانته عدة أمثلة، تشمل أن الرئيس السابق ادّعى كثيراً أن شقة "بنتهاوس" في برج ترمب كانت أكبر ثلاث مرات مما كانت عليه في الواقع، حتى بعد تنبيهه إلى الخطأ. كتب القاضي: "أن التناقض بهذا الحجم، من جانب مطور عقاري في تحديد قيمة مسكنه الخاص في الشقة العلوية، وما كانت تستحقه بالفعل، على مدى عقود من الزمن، لا يمكن اعتباره إلا احتيالاً".
في معرض إقرار عقوبات ضد محاميي ترمب، قال إنغورون إنهم أثاروا مراراً وتكراراً حججاً طائشة تم رفضها بالفعل، بما في ذلك أن جيمس عديمة الأهلية لمقاضاة موكليهم. قال القاضي: "لا يُسمح للرضع، والأشخاص فاقدي الأهلية قانوناً، والأشخاص الذين يعانون من إعاقات قانونية معينة برفع دعاوى قضائية.. المدعية العامة في نيويورك ليست من الفئات المذكورة أعلاه".
"بند لا قيمة له"
مضى إنغورون في وصف فريق دفاع ترمب بأنه يعيش في "عالم خيالي"، كونه أورد أن "قيمة الشقق الخاضعة للتنظيم الإيجاري تعادل نفس قيمة الأراضي غير الخاضعة للتنظيم، والأراضي المحددة الاستخدام تساوي نفس قيمة الأراضي غير المقيدة، ويمكن أن تتلاشى القيود، رغم أنها ملزمة قانوناً، وإخلاء المسؤولية من جانب أحد الأطراف يلقي بالمسؤولية على الطرف الآخر، الأمر الذي من شأنه أن يبرئ أكاذيب الطرف الأول". كان القاضي يشير إلى عادة ترمب في تقييم العقارات دون الأخذ في الاعتبار القيود المفروضة على استخدامها، وتأكيده على أن إخلاء المسؤولية عن تقييماته يشير إلى أن البنوك والمحاسبين يجب أن ينفذوا التقييمات الخاصة بهم.
حسب أوراق القضية، قدّر ترمب قيمة منتجع "مارالاغو" في بالم بيتش بولاية فلوريدا بأكثر من 700 مليون دولار استناداً إلى فرضية خاطئة مفادها أنه يمكن تطوير المنتجع بالكامل للاستخدام السكني رغم أنه وافق بنفسه على القيود التي تقصر استخدامه على نادي اجتماعي.
قال ترمب في شهادته أثناء نظر القضية خلال أبريل: "لم أشعر قط أن هذه البيانات المالية ستؤخذ على محمل الجد، فعندما تشرع في قراءتها وفي صدر البيان، ستقرأ صفحة ونصف الصفحة من توجيهات تقول راجع حساباتك، أضف هذا وذاك".
كان ترمب قد وصف بنود إخلاء المسؤولية بأنها "لا قيمة لها" لأنها تعني أن البيانات المالية يجب أن يكون لها تأثير ضئيل للغاية على قرارات البنوك. لكن القاضي قال إن هذه البنود غير قابلة للتنفيذ ولا يمكنها تحصين ترمب من المسؤولية عن ارتكاب الاحتيال.
دوافع سياسية
قال إنغورون:"إن اعتماد المدعى عليه على إخلاء المسؤولية "الذي لا قيمة له" أمر باطل". أضاف إنغورون أيضاً في تفاصيل الإدانة أن ترمب انتهك أمراً قضائياً في وقت سابق بهدف كبح جماح الانتهاكات المزعومة لقانون الأعمال في نيويورك أثناء نظر الدعوى. وأوضح إنغورون "حتى مع صدور أمر قضائي أولي، ومع وجود مراقب مستقل يشرف على امتثالهم، واصل المدعى عليهم نشر معلومات كاذبة ومضللة أثناء ممارسة أعمالهم". من المرجح أن يطعن ترمب ضد الحكم، ويقول إن دعوى جيمس القضائية ذات دوافع سياسية. كما يبذل ترمب محاولة أخيرة لتأجيل المحاكمة من خلال مرافعة أمام محكمة الاستئناف في نيويورك بزعم أن إنغورون أخفق في تضييق نطاق القضية بعد أن قضت هيئة استئناف بأن بعض ادعاءات الولاية قد تعود إلى فترة بعيدة ماضية.
قالت جيمس إن المحاكمة بشأن دعوى الاحتيال لم تكن ضرورية كون الأدلة على أن ترمب انتهك القانون التنفيذي لنيويورك دامغة.
قالت المدعية العامة في أوراق الدعوى إن فريقها جمع أدلة على أن ترمب ضخم صافي ثروته سنوياً بمقدار 3.6 مليار دولار من خلال المبالغة في القيمة السوقية للعقارات بما في ذلك منتجع "مارالاغو" في فلوريدا.
جادل ترمب ضد عريضة الولاية بشأن ما يسمى بالحكم المستعجل، قائلاً إن البيانات السنوية للوضع المالي التي قدمها للبنوك وشركات التأمين تحتوي على "إخلاءات قوية للمسؤولية" تقول إنه ينبغي عليهم إجراء التقييمات الخاصة بهم. قال أيضاً إن جيمس ليس لها الحق في رفع دعوى قضائية كون البنوك وشركات التأمين لم تتكبد أي خسائر مالية.