الرؤساء التنفيذيون ينزلون من أبراجهم العاجية لقيادة الاحتجاجات في إسرائيل

رؤساء أركان سابقون وخبراء علاقات عامة ومحامون يديرون الحركة المناهضة للتعديلات القضائية

time reading iconدقائق القراءة - 12
محتجون يغلقون طريق أيالون السريع جنوبي إسرائيل، احتجاجاً على الإصلاحات القضائية المقترحة من الحكومة الائتلافية لرئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، مساء الأحد 26 مارس 2023 - المصدر: بلومبرغ
محتجون يغلقون طريق أيالون السريع جنوبي إسرائيل، احتجاجاً على الإصلاحات القضائية المقترحة من الحكومة الائتلافية لرئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، مساء الأحد 26 مارس 2023 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

فريق عمل متجول يعمل بأجر يضم ستة عشر عضواً. ولجنة توجيهية متطوعة من رؤساء سابقين لأركان الجيش وخبراء في العلاقات العامة ومحامين رفيعي المستوى يتحدثون يومياً إلى بعضهم بعضاً. وميزانية بعشرات الملايين من الدولارات.

على هذا النحو يتألف الإطار المحرك لأكبر حركة احتجاج مناهضة للحكومة تشهدها إسرائيل، والتي تسيطر على الشوارع منذ سبعة أشهر وسط الإعلان عن خطط الحكومة لإضعاف سلطة القضاء. ليل السبت، أخرجت هذه الحركة مرة أخرى مئات الآلاف إلى الشوارع. إنهم ليسوا متطرفين أهملتهم المؤسسة، وإنما هم المؤسسة نفسها بما يمثلون من أطياف وقطاعات ومهن مختلفة. وهم يستخدمون الأدوات التقليدية مثل الأعلام لمحاربة السياسات الشعبوية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

"العمود الفقري للمجتمع"

تقول شيكما بريسلر، عالمة فيزياء ومن قادة الاحتجاج "هذا هو العمود الفقري للمجتمع الإسرائيلي -الأشخاص الذين أسسوا شركات وترأسوا منظمات كبيرة. بعضهم نفذ عمليات عسكرية خاصة".

أضافت "الأشخاص الذين أُلقي القبض عليهم في الشوارع يشملون رؤساء تنفيذيين لشركات يونيكورن"، في إشارة إلى الشركات الناشئة التي تتجاوز قيمتها السوقية مليار دولار.

قدّم خمسة نشطاء آخرون على علم ببواطن الأمور تفاصيل من وراء الكواليس بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.

تسببت في احتجاجات حاشدة.. ما هي الإصلاحات القضائية في إسرائيل؟

تشير التقديرات إلى أن هناك 270 مجموعة نشطة، تضم نحو 800 ألف فرد. ونشروا العشرات من الطائرات المسيرة لتصوير الاحتجاجات، ونظموا عمليات في وقت متأخر من الليل لتغطية المعالم البارزة بلافتات مليئة بالشعارات، ودفعوا بآلاف النساء اللائي ارتدين عباءات حمراء وقلنسوات بيضاء، وهو زي بات رمزاً عالمياً لاحتجاج المرأة، بعد تحويل رواية مارغريت أتوود "ذا هاندميدز تيل" (The Handmaid’s Tale) إلى مسلسل تلفزيوني، والتي تتحدث عن دولة افتراضية يديرها نظام حكم ديني متزمت يضطهد النساء ويجبرهن على ارتداء زي موحد.

نجح المحتجون بالفعل في منع حكومة نتنياهو الدينية اليمينية من الإسراع بإقرار حزمة التعديلات القضائية بأكملها عبر الكنيست، مثلما يُعرف البرلمان هناك. ومع استعداد الحكومة لإقرار تعديل رئيسي واحد على الأقل، تحسب الحركة خطواتها التالية.

المستثمرون العالميون قلقون

أثارت خطط نتنياهو قلق المستثمرين العالميين، إذ كان أداء الأسهم والسندات والعملة الإسرائيلية سيئاً هذا العام مقارنة بأصول مماثلة في دول أخرى. كما انتقدت الولايات المتحدة التعديلات القضائية.

تقول بريسلر: "سيتعين علينا توجيه جهودنا لمناهضة الإجراءات التي سيتيحها القانون الجديد".

مجموعتها الشعبية، المعروفة باسم "قوة كابلان"، على اسم شارع في وسط تل أبيب يستضيف مظاهرات ليل السبت من كل أسبوع، هي الأكبر ضمن مجموعات الاحتجاج. وأصبحت واجهة الحركة.

وبريسلر ليست حديثة العهد بالتظاهر. فهي تقود احتجاجات مناهضة للفساد ضد نتنياهو ابتداء من 2019. وهذا يعني أنه عندما أُثيرت قضية التعديلات القضائية قبل سبعة أشهر، كان لدى المجموعة بنية تحتية قوية لإخراج الناس إلى الشوارع.

وهناك 140 مجموعة قطاعية أو مهنية من جنود الاحتياط والمديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا المتطورة والنشطاء في مجال حقوق المرأة والأطباء والمحامين. وفي احتجاجات ليل السبت، احتلوا المكان نفسه، مثلما ينتشر الباعة والمتسوقون في سوق المزارعين. وإلى جانب ذلك، ينظم نحو 130 مجموعة إضافية مظاهرات محلية في شتى أنحاء إسرائيل.

المجموعات مستقلة وتتواصل عبر تطبيق "واتساب" ولديها جداول أعمال خاصة بها، لكن سرعان ما أدركت أنها بحاجة إلى التمويل والتعاون. ومن هنا جاءت فكرة تحديد مقار للاحتجاج.

"حر في بلدنا"

يُطلق على مجموعة الإشراف اسم "هوفشي بارتزينو" (Hofshi b’artzenu)، وهو عبارة بالعبرية من النشيد الوطني الإسرائيلي تعني "حر في بلدنا". يعمل موظفوها البالغ عددهم 16 بدوام كامل وجزئي ويتناوبون بين أماكن عمل جرى التبرع بها في مكاتب مجهزة بأحدث وسائل التكنولوجيا. الرئيس التنفيذي للمجموعة هو إيران شوارتز، وهو طيار سابق في سلاح الجو ونائب المدير العام في وزارة المساواة الاجتماعية. ومن الموظفين الآخرين داريا شاكيد هينغ، مستثمرة سابقة في رأس المال الجريء وتعمل من أجل تمكين المرأة في وادي السيليكون.

يخضع الفريق لإشراف لجنة توجيهية بعض أعضائها مألوفون في إسرائيل: دان حالوتس وموشيه يعلون، وكلاهما رئيس أركان سابق للجيش، ودينا زيلبر، النائب السابق للمدعي العام، والمحامي البارز جلعاد شير، ومستشار الأعمال يوسي كوشيك. عمل كل من شير وكوشيك مع رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، الذي شارك في بعض الاحتجاجات.

احتجاجات في إسرائيل على إقالة وزير الدفاع.. وواشنطن تعرب عن قلقها

ومن بين الآخرين رجال أعمال كبار مثل أورني بتروشكا، أحد الآباء المؤسسين الإسرائيليين للتكنولوجيا المتطورة، وزوهار ليفكوفيتز، رائد أعمال في مجال التكنولوجيا ومستثمر مغامر، وإيلان شيلوح، الرئيس التنفيذي السابق ورئيس مجلس إدارة أكبر شركة إعلانية في إسرائيل، وإيتاي بن حورين، المالك والرئيس التنفيذي لشركة علاقات عامة كبرى.

يعقد هؤلاء اجتماعات أسبوعية لمناقشة الاتجاهات وتقديم خدمات الدعم للمنظمات، وتتضمن بالأساس مخصصات التمويل والتخطيط الاستراتيجي والمساعدة القانونية. ويقولون إن السلطات اعتقلت 800 متظاهر حتى الآن.

الطبيعة القوية لتركيبة المتظاهرين يمكن أن تتسبب في حدوث توتر. فهناك خلافات متكررة على الوتيرة أو الاتجاه. وأحد الأدوار الرئيسية للجنة التوجيهية هو إبقاء الحركة في سلام وتناغم ووحدة.

أما تمويل العملية، المقدر بعشرات الملايين من الدولارات، فيأتي من مانحين من القطاع الخاص ومصادر جماعية. يقول أعضاء اللجنة إن 90% من المتبرعين إسرائيليون، ولا يقبلون الأموال من الحكومات أو المنظمات السياسية. وتُوجه الأموال من خلال منظمة "المستقبل الأزرق والأبيض" غير الربحية التي أسسها شير وبيتروشكا في 2009 لتعزيز الديمقراطية الإسرائيلية وحل الدولتين مع الفلسطينيين.

جنود الاحتياط

تعتمد احتجاجات الشوارع إلى حد بعيد على جنود الاحتياط من قوات النخبة العسكرية. ففي الربيع الماضي، كانت زيادة عدد طياري الاحتياط المقاتلين الذين هددوا بالتوقف عن التطوع السبب في عدم مضي التعديلات القضائية قدماً. وقال وزير الدفاع يوآف جالانت إن الأمن في خطر ودعا إلى وقف التشريع.

الآن وبعد أن بات مشروع قانون يمنع القضاة من إعلان أن قرارات الحكومة تفتقر إلى "حجة المعقولية" في طريقه لنيل موافقة نهائية في الكنيست، تعهد جنود الاحتياط -الذين يلعبون دوراً رئيسياً في العمليات العسكرية- بالمشاركة مرة أخرى. ووقع 1142 من جنود الاحتياط في سلاح الجو، بمن فيهم 422 طياراً، رسالة يوم الجمعة تفيد بأنهم سيمتنعون عن التطوع إذا أقر الكنيست مشروع القانون.

وأصدر عشرة آلاف من جنود الاحتياط تهديداً مماثلاً أمس السبت. لم يدعمهم جالانت ولكن هناك محادثات في اللحظات الأخيرة بخصوص تسوية محتملة. فهي لعبة سياسة حافة الهاوية.

إذا وجد مشروع القانون الحالي طريقه للإقرار، فسوف يتحول الانتباه إلى ما إذا كانت الحكومة ستدفع بالجزء الثاني من التعديلات القضائية، لضمان زيادة دور الأحزاب السياسية في اختيار القضاة.

تقول الفيزيائية بريسلر إنه إذا كان الأمر على هذا النحو، فإن الاحتجاجات ستتكيف مع الوضع، لكن لن تتوقف.

وأضافت: "لا أحد يعرف كيف سينجلي هذا الأمر في إسرائيل. إنه أمر عصي على الفهم، لكن الحقيقة برمتها لا يمكن سبر أغوارها حالياً".

تصنيفات

قصص قد تهمك