اعتماد الهند على العتاد الروسي يربط بين رئيس وزرائها وبوتين

time reading iconدقائق القراءة - 15
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي - المصدر: بلومبرغ
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

برزت الهند، أكبر ديموقراطيات العالم، بترددها في انتقاد فلاديمير بوتين رغم كل النجاح الذي حققته حملة عزل روسيا بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على الساحة العالمية، وتشير مشتريات أسلحة بمليارت الدولارات، أن هذا أمر لن يتغير قريباً.

تواجه حكومة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي ضغوطاً متزايدةً من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، شريكاتها في الرباعية، للمساعدة بدفع روسيا لوقف إطلاق النار. دعا رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا بعد لقائه مودي في نيودلهي السبت لزيادة التعاون بين الدول الديمقراطية، مشيراً إلى أن "حرب بوتين هزت النظام العالمي". لكن لم يتحدث مودي من جانبه إلا عن أمورٍ اقتصادية.

يزمع مودي عقد اجتماع قمة عن بعد مع رئيس وزراء أستراليا، سكوت موريسون، الإثنين، فيما يُنتظر أن تزور وكيلة وزراة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، التي ساهمت بتنسيق الرد الأمريكي على حرب أوكرانيا، نيودلهي هذا الأسبوع.

تنوي الهند، وهي أكبر مشترٍ عالمي للعتاد الروسي، أن تدفع بأن هذه المشتريات ضرورية لمواجهة النزعة العسكرية المتنامية عند جارتيها الصين وباكستان.

كما ستحاجج حكومة مودي بأن بدائل السلاح الروسي باهظة التكاليف، حسب قول أشخاص مطّلعين على الموقف، طلبوا عدم كشف هوياتهم لكونهم غير مخولين بالحديث مع الإعلام.

تعويل على روسيا

تشغل الهند ما يزيد على 250 طائرة مقاتلة صناعة روسية من طراز "سوخوي سو-30 إم كيه آي" (Su-30 MKi)، و سبع غواصات من فئة "كيلو" (Kilo-class) وأكثر من 1200 دبابة صناعة روسية من طراز "تي–90" (T-90)، حيث يقول الأشخاص المطلعون إن هذه الأسلحة صالحة للعمل لعشرة أعوام مقبلة. كما ستستقبل أنظمة أسلحة أخرى بقيمة 10 مليارات دولار تقريباً، تشمل غواصة نووية ستُؤجر للهند، وأنظمة صواريخ دفاع جوي من طراز "إس-400" (S-400).

لم ترد وزارة الدفاع الهندية مباشرة على طلب للتعقيب أُرسل بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية.

تعمل مانجاري شاترجي ميلر، باحثة أولى في شؤون الهند وباكستان وجنوب آسيا لدى "مجلس العلاقات الخارجية" وهي مؤلفة كتاب "لماذا تنهض الأمم"، و"الطريق إلى العظمة". قالت: "رغم جهود الهند لتنويع مصادر السلاح، مايزال 70% من عتادها من صنع روسيا. يجب على الهند أن تستمر بالاعتماد على روسيا لتوفير قطع الغيار والصيانة وتحديث المعدات".

إن تكلفة استبدال جميع عتاد الهند روسي المنشأ باهظة. يبلغ إجمالي الميزانية الدفاعية للهند في العام المالي 2021-2022 نحو 70 مليار دولار، وتقدر تكلفة خطة تأخرت كثيراً لشراء 114 طائرة مقاتلة تجديداً للأسطول واستبدال بعض المقاتلات الروسية القديمة بنحو 15 مليار دولار، إلى 18 مليار دولار، حتى لو أنتجتها محلياً، وفقاً للأشخاص المطلعين.

افتقار للبدائل

قال إيان هال، أستاذ العلاقات الدولية في "جامعة غريفيث" ومؤلف كتاب "مودي وإعادة اختراع السياسة الخارجية الهندية": "تفتقر نيودلهي أيضاً للخيارات حيال استبدال أنظمة عسكرية، مثل منصات الدفاع الجوي، فهي لا تستطيع أن تحصل عليها بسهولة من مصدر آخر".

رغم أن الهند أيدت الدعوة إلى وقف إطلاق النار وحل دبلوماسي للأزمة، فقد امتنعت في الأمم المتحدة عن التصويت على مسودات قرارات تدين الغزو الروسي نقضتها موسكو في النهاية. تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها رغم ذلك حتى الآن لتجنب أي شقاق علني مع الهند، وقد فشل بيان مشترك صدر عقب مباحثات زعماء الدول الأربع في بداية غزو بوتين بإدانة روسيا.

يرجع ذلك إلى حدٍّ كبير إلى أن الهند ماتزال شريكاً هاماً في مواجهة الصين، وتحديداً بعدما دفعت المواجهات العنيفة على طول الحدود في جبال الهيملايا رئيس الوزراء، مودي لتحريك مزيد من القوات والأسلحة الروسية إلى مواقع رئيسية ساخنة. كما غيرت الهند بعض القوانين لتقييد نشاط الشركات الصينية والاستثمار الصيني، وحظرت ما يزيد على 300 تطبيق للهواتف المحمولة، كما ألغت تأشيرات رجال أعمال من الصين مع تصاعد الأزمة الحدودية.

قال دونالد لو، مساعد وزير الخارجية في "مكتب شؤون جنوب ووسط آسيا" رداً على سؤال أمام لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي في 2 مارس عن إمكانية فرض عقوبات على الهند بسبب شرائها أسلحة روسية،: "إن الهند شريك أمني شديد الأهمية بالنسبة لنا حالياً".

أضاف قوله: "نقدر تقديراً عالياً تحقيق التقدم في هذه الشراكة،" وأشار إلى أن الهند أوقفت أخيراً طلبات إضافية لشراء طائرات مقاتلة روسية من طراز "ميغ-29" (MiG-29) وطائرات هيليكوبتر وأسلحة مضادة للدبابات. قال: "إنني آمل أن جزءاً من مفاعيل النقد الشديد تجاه روسيا سيكون إدراك الهند أن وقت النأي عن روسيا قد حان".

صديق عدوي

تحرص الهند أيضاً على تجنب أن تصبح روسيا أقرب إلى باكستان منها، وهو مُرجح إن انضمت حكومة مودي لحلفاء الولايات المتحدة في إدانة بوتين. لقد اشتبكت الهند وباكستان في ثلاث حروب، وماتزال قوات البلدين في حالة تأهب عالية.

قاد رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، في فبراير، أول وفد من بلاده إلى موسكو منذ عقدين في نفس توقيت انطلاق غزوة بوتين. زار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف باكستان العام الماضي، فيما كانت روسيا تسعى لتعزيز مكانتها في المنطقة، وتحديداً في أفغانستان، بعد انسحاب الولايات المتحدة الفوضوي منها.

كانت باكستان ثامن أكبر دول العالم شراءً للسلاح بين 2017 و 2021، وتمثل الأسلحة الروسية نسبة ضئيلة من وارداتها. تخشى الهند أن حيازة مزيد من الأسلحة الروسية يمكن أن "يعطي باكستان ميزة نوعية"، حسب قول ريتشارد روسو، صاحب كرسي وادهواني لدراسات سياسة الولايات المتحدة الهندية لدى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية.

قالت ميلر من مجلس العلاقات الخارجية إن الهند ستواجه صعوبة بالاحتفاظ "بموقف محايد تماماً" دون أن تتباعد عن الولايات المتحدة والدول الأخرى أعضاء الرباعية، خاصة بسبب أن روسيا اعتبرت مواقف نيودلهي "تأييداً صامتاً".

بينت ميلر أن: "الأزمة الأوكرانية ليست أزمة أوروبية إقليمية محدودة جغرافياً لا تؤثر على الهند. بل إن لها نتائجها على مستقبل النظام الليبرالي الدولي".

تصنيفات