بلومبرغ
تواجه الأجندة الاقتصادية الشاملة للرئيس الأمريكي جو بايدن مستقبلاً غير مؤكَّد في الكونغرس بعد أن فشل في توحيد حزبه خلال هذا الأسبوع حول استراتيجية تمرير خطة البنية التحتية المتنازع عليها بشدة، والتي تعدُّ واحدة من أهم أولوياته.
يسعى بايدن للحصول على استثمارات بقيمة 550 مليار دولار في قطاع الطرق والسكك الحديدية والجسور الأمريكية وغيرها من الأشغال العامة لتحقيق جزء مميز من الانتعاش الاقتصادي الذي وعد به في حملته عام 2020. وسيوفِّر إقرارها انتصاراً هو في أمّس الحاجة إليه بعد شهور من النكسات.
تفاصيل خطة بايدن الضخمة لاستثمارات البنية التحتية
ولكن الآن؛ أصبحت العودة إلى مسقط رأسه، ومواجهة الناخبين دون تفعيل الأجندة الاقتصادية للرئيس مصدرَ خوف أساسي لبعض الديمقراطيين في الكونغرس.
بعد أن أثار عرضه على مجلس الشيوخ ضجة كبيرة في أغسطس؛ فإنَّ مشروع قانون البنية التحتية من الحزبين معلَّق في الميزان، إذ يتشاجر الديمقراطيون حول حزمة ضرائب، وإنفاق بقيمة 3.5 تريليون دولار تشكِّل قلب أجندته الاقتصادية.
خيبة أمل
تأجل تصويت مجلس النواب على مشروع قانون الأشغال العامة مرة أخرى يوم الجمعة، وزار بايدن مبنى الكابيتول ليطلب من المشرِّعين أن يأخذوا الوقت الكافي لإقراره، في رسالة مخيبة للآمال للوسطيين المتحمِّسين للتباهي بهذا التشريع في انتخابات التجديد النصفي.
قال توم داشل، زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ، إنَّ خطة الطرق والجسور أصبحت "بيدقاً تشريعياً، وهو أمر مؤسف. و ما يمنحني بعض الأمل والتفاؤل هو أنَّ الديمقراطيين يدركون أنَّ هذا أمر ضروري. إذا فشلنا في القيام بذلك، فقد نعود إلى منازلنا أيضاً".
قال دي. جي غريبن، الذي كان كبير مساعدي الرئيس دونالد ترمب في مسائل البنية التحتية: "ستفيد حزمة البنية التحتية وحدها قطاعات الطرق والجسور والمياه، والوصول إلى الإنترنت في البلاد أكثر مما تمَّ القيام به منذ الصفقة الجديدة".
لماذا يجب على الجمهوريين منح بايدن الموافقة على خطة البنية التحتية؟
ضرب بايدن نفسه مصير خطة البنية التحتية، وحزمة الإنفاق الاجتماعي والضرائب الأكبر بكثير. وقالت المتحدِّثة الرسمية للبيت الأبيض جين بساكي في بيان يوم السبت، إنَّه (الرئيس) سيتابع التواصل مع المشرِّعين خلال عطلة نهاية الأسبوع، ويخطط لطرح قضيته على الرأي العام الأمريكي.
وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض: "سأذهب في جميع أنحاء البلاد هذا الأسبوع لأوضِّح سبب أهمية ذلك. أعتقد أنَّنا سننجزها في وقت كافٍ لتكون جزءاً من تغيير قانون ضرائب الأشخاص العام المقبل".
تراجع الشعبية
تآكلت نسبة التأييد العامة للرئيس في الأسابيع الأخيرة، بعد أن أدت سلالة "دلتا" المتحوِّلة إلى عودة ظهور الوباء الذي أعلن أنَّه هُزم بالكامل، إلى جانب الانسحاب الفوضوي والقاتل للولايات المتحدة من أفغانستان، وظهور آلاف المهاجرين الهايتيين على حدود تكساس.
وافق 43% فقط من الأمريكيين على أداء بايدن في سبتمبر، بانخفاض بلغ 14 نقطة عن أعلى مستوى له في أبريل، وفقاً لمؤسسة "غالوب".
قال فرانك لونتز، خبير استطلاعات الرأي الذي يعمل عادة مع الجمهوريين: "تعدُّ أفغانستان شأنا خاسراً بالنسبة إلى بايدن، وينطبق هذا أيضاً على الهجرة. لن نعرف أثر كوفيد حتى حلول الشتاء، لكنَّه فعل كل ما يمكن لأي بشر أن يفعله لتطعيم الناس، لذلك لن يكون مسؤولاً إذا ساءت الأمور".
بيلوسي: حزمة البنية التحتية لن تُطرح للتصويت بدون خطة أكبر
قالت سيليندا ليك، التي تدير شركة "لايك ريسيرش بارتنرز" (Lake Research Partners)، وعملت كواحدة من منظِّمي استطلاعات الرأي الرئيسيين في حملة بايدن لعام 2020، إنَّ الناخبين يسمعون الكثير عن إجراءات الكونغرس، والقليل جداً عمَّا ستفعله خطط بايدن الاقتصادية.
وقالت في مقابلة: "هناك شعور لدى الأمريكيين بأنَّنا لا ننجز أي شيء، وأكثر ما يشير إليه الناس هو أنَّهم يريدون أن يروا أمراً منجزاً. بصراحة، كل حديث عن العملية، بما في ذلك مناقشة مبالغ الأموال، لا معنى له بالنسبة للناخبين. إنَّه لأمر مدهش أنَّنا نتحدَّث عن المبلغ بدلاً مما سنشتري به".
الربط
ومع ذلك؛ كان هذا نتيجة للمفاوضات الشائكة التي كان على بايدن أن يخوضها، التي تتطلَّب إيجاد تكلفة أساسية لخطة الإنفاق الاجتماعي التي يقبلها اثنان من الديمقراطيين الوسطيين في مجلس الشيوخ: كيرستن سينيما من أريزونا، وجو مانشين من فرجينيا الغربية.
يقول التقدُّميون في مجلس النواب، إنَّهم لن يدعموا مشروع قانون الأشغال العامة حتى توافق سينيما ومانشين على تمرير التشريع الأكبر؛ مجموعة برامج التعليم والدعم لأسر الطبقة الدنيا والمتوسطة، بالإضافة إلى تدابير جديدة لمكافحة تغيّر المناخ.
أخبر بايدن أعضاء مجلس النواب من الديمقراطيين، يوم الجمعة في مبنى الكابيتول، أنََِّه إذا كان لديه الأصوات لتمرير خطة البنية التحتية الآن، فسيقوم هو ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بفعل ذلك، والانتقال إلى مشروع قانون الإنفاق الاجتماعي، وفقاً لشخص مطَّلع على ملاحظاته التي أبداها وراء الأبواب المغلقة. لكنَّه قال، إنَّه يملكها، لذا وقف مع التقدُّميين الذين يريدون إبقاء الإجراءين في حالة اتصال.
"إنَّه رئيس الولايات المتحدة، ويقول إنَّه يريد إنجاز ذلك". وقال النائب هنري كويلار من ولاية تكساس بعد ذلك: "لقد ربطهما معاً بشكل أساسي".
قال بايدن، في محادثاته مع مانشين وسينيما، إنَّ الحد الأعلى لخطة الإنفاق الاجتماعي يصل إلى 2.3 تريليون دولار على مدى 10 سنوات، أي أقل بأكثر من تريليون دولار من رغبة الليبراليين، لكنَّه كافٍ، كما أصر بايدن، لإحداث اختلاف عميق في حياة الأمريكيين.
اقرأ المزيد: تريليون دولار الفجوة بين البيت الأبيض والجمهوريين بخطة تطوير البنية التحتية الأمريكية
قال مانشين لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر في يوليو، إنَّه يريد أن يقتصر الإجراء على 1.5 تريليون دولار. وقال بايدن للديمقراطيين يوم الجمعة، إنَّه قضى 100 ساعة مع مانشين وسينيما لمراجعة مشروعي القانون على حدة.
أدت المكائد في الكابيتول هيل إلى أسبوع مربك، مع تغيّر توقُّعات أجندة بايدن ساعة بساعة.
حاول مساعدو البيت الأبيض تصوير المناورة على أنَّها العملية التشريعية المعتادة، برغم أنَّ الحلفاء يقولون سراً، إنَّهم قلقون بشأن فشل الأجندة الاقتصادية للرئيس.
عندما غادر بايدن مبنى الكابيتول بعد ظهر يوم الجمعة دون خطة واضحة لإنهاء أي من التشريعين، أشار للمراسلين بإبهامه المرفوع، وقال: "سننجز العمل".