بلومبرغ
يشبه التنقل في عالم ماركات السيارات الإيطالية المغمورة، بعد أن تم ضخ النقود فيها من داعمين من الشرق الأوسط أو آسيا، إلى حد ما مشاهدة فيلم تجسس تجري أحداثه في الستينيات مع إيقاف الصوت. إنه جميل ومثير وفي بعض الأحيان مربك قليلاً.
"بيزاريني" - المشهورة بسيارات السباق الشبيهة بفيراري التي تعود إلى حقبة الستينيات- هي أحدث علامة تجارية ذات إرثِ تتلقى دعماً في محاولة جديدة للإنعاش. وشمِل هذا التوجه بشكل ملحوظ مؤخراً "دو توماسو" التي اشتهرت بسيارة "بانتيرا" في السبعينيات، وتدعمها شركة الاستثمار "آيدل تيم فينتشرز" ومقرها هونغ كونغ، و"بينينفارينا"، التي قدمت للتوِّ سيارة كهربائية خارقة بدعم من مجموعة "ماهيندرا".
في 9 نوفمبر، أعلنت شركة "بيغاسوس براندز" التي يقع مقرها في لندن عزمها على إحياء "بيزاريني" رغم أنها لم تُصَنِّع أي سيارة منذ عام 1969.
تعود ملكية بيغاسوس للمواطن الكويتي رزام محمد الرومي وهي وكالة دولية تمثل أستون مارتن لاغوندا، ورولز رويس موتور كارز، "كوينيغسيج"، من بين شركات أخرى، ولديها حصص في أستون مارتن ووركس، القصر التاريخي ومصنع أستون مارتن الذي يعمل منذ عام 1830.
قالت جانيت غرين، مديرة التسويق التي تم تعيينها مؤخراً في الشركة في رسالة بريد إلكتروني إنه تم شراء علامة بيزاريني من بيزاريني ليمتد في أغسطس 2019، تضمنت الصفقة جميع العلامات التجارية والملكية الفكرية والأصول الأخرى. كتبت غرين، وهي المتحدثة باسم "بيغاسوس أوتو" أيضاً، الشركة التابعة "لبيغاسوس براندز": "ستبقى الملكية والمنشأ التاريخي مستمرين". (رُفض طلب إجراء مقابلة مع الرومي، كما رُفض طلب تقديم أي تعليق إضافي).
دخان ومرايا
كما لو أنك رأيت هذا من قبل بالنسبة لعلامة تجارية إيطالية صغيرة أنتجت أقل من 400 سيارة في تاريخها - لا يزال الرقم الدقيق موضع نقاش محتدم - وأدى سوء إدارتها إلى إفلاس سريع. ثم مرة أخرى، فقد كانت مرافقة للمسارات الغريبة والكلاسيكية لنبلاء من رتبة الماركيز في القرن الماضي.
نشأت العلامة التجارية التي تحمل اسم "جيوتو بيزاريني"بعد مغادرة المصمم لشركة فيراري في عام 1960، عندما نظم مع موظفين آخرين رئيسيين إضراباً للاحتجاج على السياسة الداخلية للشركة. بدأ بعد ذلك بالتشاور مع علامات تجارية بارزة أخرى للسيارات الإيطالية منها لامبورجيني و"إيزو"، التي أصبحت سيارات السباق A3/C التي صنعتها من الألمنيوم المخطط الأساسي لأول سيارة تحمل علامتها التجارية. إنها سيارة "بيزاريني جي تي 5300 سترادا "التي تمتاز بتصميم منخفض وعريض لطراز A3/C مع محرك كورفيت V8 مثبت في الوسط وفي الأمام بقوة 365 حصاناً وعلبة تروس يدوية بأربع سرعات. وإن كانت حقيقة وضع محرك أمريكي الصنع فيها قد أضرت بشعبيتها وقيمتها الاستثمارية حتى وقت قريب.
كان لدى سترادا مصدات أمامية مائلة وفتحات جانبية تشبه الخياشيم. لكنها على مضمار السباق، اشتهرت بسرعتها الفائقة وأناقة قيادتها. أنتجت طرازي "1900 جي تي يوروبا" و"P538S" قبل إعلان إفلاس العلامة التجارية في عام 1969. يعيش بيزاريني، الذي يبلغ الآن 94 عاماً، في إيطاليا ويصنع السيارات بالعمولة. ويبدو أنه ليس مرتبطاً بالأحداث الجديدة التي تمر بها شركته السابقة.
تنفيذيون ذوي مصداقية مرتفعة
وقع على الأقل ثلاثة مديرين تنفيذيين سابقين في أستون مارتن مع الشركة الجديدة، فأولريش بيز، كبير المديرين التنفيذيين السابق في شركة أستون مارتن لاغوندا المحدودة، مُدرج في البيانات الصحفية للشركة كرئيس لشركة بيزاريني؛ كما تم إدراج كريستوفر شيبرد، كبير المديرين التنفيذيين السابق لشركة أستون مارتن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ككبير للمديرين التنفيذيين في الشركة الجديدة، إضافة إلى غرين المديرة السابقة لاتصالات العلامات التجارية العالمية في أستون مارتن لاغوندا وهي مُدرجة كرئيس تنفيذي لشؤون التسويق. (تم رفض طلب مقابلة مع بيز).
يضفي وجودهم مصداقية على هذا المسعى رغم تعثر أستون مارتن نفسها مع تحقيقها مبيعات أقل من منافسيها خلال وباء فيروس كورونا وتراجعها بشكل كبير عن أهداف المبيعات لعام 2025 وما بعده، وفقاً لمحلل بلومبرغ إنتليجنس مايكل دين.
ومن الجدير ذكره أيضاً أن باولو غاريلا المهندس الإيطالي الذي يحظى باحترام كبير والذي صنع "غليكينهاوس إس سي جي" و"أسبارك أول"مع شركته للتصميم "مانيفاتورا أوتوموبيلي تورينو"، كان مرتبطاً في وقت ما بهذه العلامة التجارية. تبين سجلات منتدى فيراري منذ عام 2018 أحاديثَ حول تطبيق مانيفاتورا أوتوموبيلي تورينو لكل من العلامات التجارية "سكوديريا بيزاريني" و"بيزاريني ليفورنو" كما قالت مصادر قريبة من غاريلا إنه ذهب إلى أبعد من ذلك في وضع تصور لسيارة بيزاريني حديثة كوسيلة لجعلها أكثر إثارة كما كانت من قبل بالنسبة للمشترين المحتملين من أصحاب الثروات الفردية الهائلة.
ولكن في رسالة بريد إلكتروني، قال غاريلا إنه غير مشترك في مشروع بيغاسوس براندز المعلن عنه، وأن طلب العلامات التجارية لم يُقبل بعد. وقال: "لقد قمنا بذلك من أجل مجموعة من المستثمرين الأمريكيين المهتمين بإنشاء نشاط الترميم وإصدار الشهادات في الولايات المتحدة، ولكن للأسف لم يحدث ذلك". ومع ذلك، فإن مشاركته في العلامة التجارية تُظهِر أن أحد أفضل المهندسين والمصممين في العالم في وقت ما يعتقد أنها واعدة.
جاذبية شيء جديد
إن مجرد التلميح عن إصدار جديد من هذه السيارات التي تعد كمقتنيات نادرة أمر جدير بالملاحظة بالنسبة لنخبة المشترين الذين يحبون سياراتهم الفائقة الحداثة والتي تتراوح أسعارها ما بين مليون إلى ثلاثة ملايين دولار، هؤلاء هم من يشترون "كوينيغسيج" و"باغانيس" و"هينيسيس". لن يستغرق بيع سيارة بيزاريني حديثة طويلاً عند مراعاة كل الأمور بنفس الطريقة التي يحصد بها صانعو السيارات الخارقة المتميزون الأرباح: إنهم ينتجون حفنة من السيارات ويجدون أشخاصاً في العالم يرغبون في شرائها.
يقول تشاك وراي مالك "غراند تورينغ"ورشة الترميم التي يقع مقرها في فيرجينا والمتخصصة في سيارات بيزاريني وما يشبهها: "إن مضت بيزاريني في اتجاه إعادة تطوير العلامة التجارية حقاً حول سباق من نوع ما ثم قامت بتطوير منتجات جديدة مستمدة من روح السباق والتكنولوجيا، فسيكون ذلك كافياً لتروي قصتها وتمنح هذه العلامة التجارية مجالاً جديداً، فهناك عدد كبير جداً من الأثرياء في العالم اليوم، لدرجة أن هذا لم يعد نموذج عمل صعب".
يقول وراي إن الخطر يكمن في وضع اسم علامة تجارية حالية مثل بيزاريني على منتجات رديئة بدلاً من أن تكون جديدة مرة أخرى مع هندسة وتكنولوجيا مثيرة: "عليك حقًا أن تفعل شيئًا أكثر تميزاً عن شركات صناعة السيارات الأخرى الصغيرة، إن كان هذا نموذج عملك، وإلا ستصبح طي النسيان لأنك لست إلا مجرد طامح آخر".
في هذه الأثناء، يراقب المهتمون ببيزاريني القديمة بفضول، لكن صبرهم ربما لم ينفد بعد.
الشغف بالطرازات الأصيلة
يقول ستيف سيريو، خبير السيارات المتميز الذي باع 12 سيارة من أصل 114 سيارة أصلية موجودة بالفعل على الطرقات من طراز بيزاريني 5300: "إنه لأمر مثير للاهتمام، لكنه مشروع مغرور". في الأشهر الستة الماضية، قام سيريو بتسهيل بيع وشراء ثلاث سيارات منها بشكل خاص. وأضاف: "لا يوجد محب لاقتناء سيارة بيزاريني قديمة على هذا الكوكب مهتم بأخرى جديدة من نفس العلامة، فهم جميعاً اشتروا سياراتهم بحوالي 100 ألف دولار. لا أرى أن أياً من الأشخاص الذين بعتهم سيارة بيزاريني من قبل يفكرون في الأمر حتى".
يقول سيريو إن هذه العقلية تنطبق حتى على المقتنين الذين يدفعون الآن أكثر من مليون دولار مقابل النسخ الأصلية. يبلغ متوسط قيمة سيارة بيزاريني 5300 جي تي سترادا اليوم في حالة ممتازة 1.2 مليون دولار، أي ثلاثة أضعاف سعرها في عام 2010، وفقاً لجوناثان كلينغر، المتحدث باسم "هاغيرتي"، حيث يبلغ متوسط سعر سيارة بيزاريني 5300 جي تي أمريكا في حالة ممتازة 850 ألف دولار - أي أكثر من ضعفي ونصف قيمتها في عام 2010. (كلّفت سيارة جي تي 5300 الأصلية المباعة في الولايات المتحدة 10.5 ألف دولار، أو 78.5 ألف دولار بأسعار اليوم، وفقاً لمارك ماكورت من "هيمينغز".
في عام 2015، سجلت دار مزادات "كينو بروزرز فاين أوتوموبيل أوكشينييرز"رقماً قياسياً ببيعها لسيارة بيزاريني 5300 سترادا من طراز عام 1968 بأكثر من مليون دولار بقليل، متضمنة الرسوم. لكن السوق الخاص هو المكان الذي تحدث فيه أكثر من 90% من صفقات سيارات بيزاريني.
يقول سيريو إنه في هذه الأيام، يجب دفع ما لا يقل عن 1.5 مليون دولار لامتلاك سيارة جي تي 5300 سترادا ذات الهيكل المعدني الأصلية في حالة جيدة، وبالطبع، سيكون سعر الطلب أعلى من ذلك بكثير.
يتطلب الأمر الكثير من السحر، حتى بالنسبة للإيطاليين والإنكليز والكويتيين الذين يعملون الآن على كيمياء خاصة بهم معاً - لتتصدر هذا النوع من العلامات.