قد يراني البعض عاطفياً. فبينما يمدح الجميع ارتفاع القيمة السوقية المذهل لشركة "تسلا" لأكثر من تريليون دولار يوم الاثنين، كنت أفكر في مدى البؤس الذي يجب أن تشعر به بقية شركات صناعة السيارات وكيف يمكنهم أن يستجيبوا لذلك.
نجحت "تسلا" في إضافة 118 مليار دولار لقيمتها السوقية في جلسة تداول واحدة، وتمثل تلك الزيادة نحو ضعف كامل القيمة السوقية لشركة "فورد".
ترجع الطفرة الأخيرة نتيجة لصفقة بيع "تسلا" لـ 100 ألف سيارة لشركة "هرتز غلوبل هولدنغ" والتي ستدر إيرادات بنحو 4.2 مليار دولار. ويمكن القول إنها رغم ذلك ليست أهم صفقة لشركة تأجير سيارات هذا العام.
أعلن كونسورتيوم تقوده "فولكس واجن" في يوليو اتجاهه للاستحواذ على مجموعة "يوروب كار موبيليتي" أكبر مشغل لتأجير السيارات في أوروبا مقابل 2.5 مليار يورو (2.9 مليار دولار). وتخطط "فولكس واجن" لتطوير "يوروب كار" لتتحول إلى "منصة تنقل" لتقديم خدمات مثل مشاركة السيارات والحصول على سيارات تنقل باشتراكات.
تتوقع "يوروب كار" أن يصبح أكثر من ثلث أسطولها من السيارات الكهربائية أو الهجينة في غضون عامين. الأمر لم يثر دهشة المستثمرين.
فارق كبير
يسلك منافسو "تسلا" في الولايات المتحدة وأوروبا كافة الطرق الممكنة لإبراز مناطق تفوقهم وكبح جماح سهمها. يسعى الجميع لتقليد إيلون ماسك وطرح نماذج كهربائية وبناء مصانع بطاريات والاستثمار بكثافة في البرمجيات لتهيئة مبيعاتهم من السيارات لتلائم احتياجات العملاء.
أتوقع استمرارهم في زعزعة الأمور، لكن حتى الآن لم يتمكنوا من صنع فارق كبير.
هناك ما يبرر ذلك الفرق الكبير، وأهم سبب هو الوقت الطويل الذي استغرقته شركات صناعة السيارات لتبدأ في التعامل مع السيارات الكهربائية على محمل الجد، وهو ما استغله ماسك.
وحتى الآن ورغم بدء اهتمامهم بقضية التحول للكهرباء، مازالت تقييماتهم هزيلة نسبياً على نطاق واسع. تساوي قيمة "تسلا" التسع شركات التي تليها في قائمة الأعلى قيمة في صناعة السيارات. وهذه هي طريقة سوق الأسهم التي تعكس صورة المتقاعسين والمستسلمين، ولكن الأمر غريب، فمعظمهم ما زالوا يكسبون الكثير من المال.
تواصل "تسلا" تحقيق المكاسب أيضاً، وإن أرادت، لاتجهت للاستفادة من ارتفاع قيمة أسهمها لتمويل المصانع والتكنولوجيا، كما فعلت في الماضي. في المقابل، يتعين على المنافسين تمويل تلك الاستثمارات بشكل أساسي من تدفقاتهم النقدية.
50 مرة
قدمت "فولفو" تجربة مفيدة في الآونة الأخيرة. حيث اضطرت الشركة السويدية لصناعة السيارات الفارهة، في نفس اليوم الذي تخطت فيه القيمة السوقية لـ "تسلا" تريليون دولار، إلى خفض حجم الاكتتاب العام الأولي الوشيك لأسهمها بسبب ضعف إقبال المستثمرين.
باعت "فولفو" نحو 800 ألف سيارة في الاثني عشر شهراً الماضية، تقريباً نفس حجم مبيعات "تسلا"، وعلى الرغم من تواضع حجم مبيعات سياراتها الكهربائية في الوقت الحالي، إلا أنها تعهدت بأن تصبح نصف مبيعاتها بحلول عام 2025 سيارات كهربائية، على أن يصبح كامل إنتاجها من السيارات الكهربائية بحلول عام 2030.
كما تمتلك "فولفو" نحو 50% من أسهم "بولستار" الناشئة للسيارات الكهربائية بالكامل. ورغم كل ذلك، تبلغ قيمة "فولفو" أقل من 20 مليار دولار، وستتداول أسهمها يوم الجمعة بأقل بنحو 50 مرة من قيمة "تسلا".
التقييم
بدا في بعض الأوقات العام الماضي أن الشركات الكبرى استعادت ميزات تنافسية، لكن ما تمتعوا به من زخم كان متواضعاً أو سريع الزوال.
تعد "فورد" و"دايملر" من بين أولئك الذين بدأوا في تطبيق فعاليات بطابع "تسلا" التكنولوجي، للتأكيد على تعهداتهم الكهربائية، وإشعال الحماس على أسهمهم، ولحقت بهم "فولكس واجن" الأسبوع الماضي فقط، بعد أن عقدت فعالية للمستثمرين لتسليط الضوء على قيمة وحدة السيارات الرياضية الفاخرة "لامبورغيني".
قد يكون فصل الأعمال أداة شائعة بين الشركات لسد فجوة التقييم. تقوم "دايملر" بإدراج وحدتها للشاحنات الثقيلة، كما أن هناك توقعات بإدراج "فولكس واجن" وحدة "بورشه" ذات الربحية العالية، وهو الأمر الذي نفته الشركة من قبل وأكدت الحاجة إلى التفكير.
الأفضل أن تقوم الشركات بإدراج شركة تابعة تنتج سيارات كهربائية بالكامل للحصول على التقييم المثالي، تميل أسواق الولايات المتحدة لتقييم التقنيات بشكل أكثر "طموحاً". بلغت قيمة صفقة استحواذ شركة الشيك على بياض على "بولستار" 20 مليار دولار بزيادة عن قيمة "فولفو" المتوقعة مع بداية الطرح. ولسوء الحظ، يصعب على معظم شركات صناعة السيارات التحول للسيارات الكهربائية، لأنها مرتبطة بشكل كبير بوحدات محرك الاحتراق الموجودة لديها.
ليس غريباً لجوء البعض لتغيير بسيط في اسم العلامة التجارية، حيث تخلت شركة السيارات الفاخرة الألمانية "دايملر" عن علامتها التجارية من أجل سيارة "مرسيدس-بنز" الأكثر إثارة. وبينما كانت "فولكس واجن" تمزح بشأن إمكانية تغيير اسمها إلى "فولتس واجن" فربما يجب أن تفكر بجدية في الفكرة، فكذبة أبريل حولت سهم الشركة في فترة وجيزة إلى سهم "ميم". وقد تعلم هربرت دييس الرئيس التنفيذي لشركة "فولكس واجن" الآن كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وإقامة صداقة ناشئة مع ماسك لصالح شركته.
ومع ذلك، لم تكن تلك الجهود كافية. يواصل ماسك التباهي بريادته. وقد أقامت "تسلا" مؤخراً حفلاً ضخماً في مصنعها الجديد بالقرب من برلين ليمثل إشارة للعبث بصناعة السيارات الألمانية وقسوة المقارنة بينهما.
تعاملت "تسلا" أيضاً بشكل مثير للإعجاب مع أزمة نقص إمدادات أشباه الموصلات، وهو ما أدى إلى زيادة الإعجاب بما حققته من هوامش ربحية.
ما لم تتراجع أسهم "تسلا"، سيتعين على شركات السيارات التقليدية التعايش مع الفجوة التي أحدثتها سوق الأوراق المالية. ويبقى تقليدهم لأفضل مناهج "تسلا" هو سبيلهم الوحيد للخلاص. ولكن لا تنتظر أيضاً الحصول على مقابل كبير نظير ذلك.