باشرت ديفين تومب في عامها الرابع والعشرين وظيفة جديدة محررةً في مجلة للمراهقين. قالت: "علمت منذ ثاني أيام العمل أن قراري كان غلطةً... لم تكن شخصية رئيسة التحرير في المكتب تماثل الشخصية الدافئة الودية التي تبديها للعامة. بلغ الأمر من السوء درجة جعلت المحرر التنفيذي يحاول مواساتي ذات يوم قائلاً إنها تضغطني لاكتسب الصلابة".
مررت بتجربة مماثلة حين كنت في الثالثة والعشرين من عمري والتحقت بوظيفة تعد بسفر دولي، لكن في الواقع لم يكن هناك إلا سفرات إلى أوهايو. تبين لي أن هذه الظاهرة أكثر شيوعاً مما يدركه كثير من الناس.
ادفعوا لي أكثر أو أستقيل: العمال يلعبون لعبة خطرة مع رؤسائهم
أظهر استبيان لموقع التوظيف "ذا ميوز" (The Muse)، الذي أسسته، وشمل أكثر من 2,500 شخص أن 72% من العاملين في الولايات المتحدة مروا بتجربة الالتحاق بعمل جديد ليدركوا بتأسف أن الوظيفة أو الشركة كانت مختلفة كثيراً عمّا زُين لهم. قال 30% منهم إن الوظيفة والشركة كانتا مختلفتين كليةً. أسمّي هذه المفاجأة "صدمة التحول" لتمييزها عن التوترات العادية التي تصاحب الوظائف الجديدة. أن تشعر بالتوتر عند بدء وظيفة جديدة أمر طبيعي، لكن المشكلة الكبيرة هي تعيينك لأداء وظيفة تشمل مجموعة مسؤوليات ثم يُطلب منك أداء وظيفة أخرى، أو الانضمام إلى ثقافة شركة يتبين أنها تشابه طائفة بعد تصويرها على أنها تعزز روح الصداقة.
شعور بالندم
قيّم أرباب العمل والساعون للوظائف بعضهم بعضاً عبر برنامج الاتصال "زوم" خلال العامين الماضيين، أعتقد أن كثيراً من الناس شعروا بأنهم ارتكبوا خطأً فادحاً بعدها. انتظرت ديفين، التي تشغل الآن منصب مديرة التحرير والعلامة التجارية في "ذا ميوز" (The Muse)، عاماً كاملاً لتترك عملها في مجلة المراهقين، الذي لم يكن يتوافق مع الإعلان عنه. يرجع ذلك إلى حد كبير إلى قاعدة عفا عليها الزمن مفادها أنه يجب الاستمرار في أي وظيفة جديدة لمدة عام. قال 41% من المشاركين في الاستطلاع إنهم سيستمرون في وظائفهم الجديدة بين شهرين وستة أشهر قبل أن يقرروا تركها. وافق 80% على أنه من المقبول ترك وظيفة جديدة قبل مضي ستة أشهر إن لم تماشَ التوقعات.
البنوك الكبرى أمام معضلة للحفاظ على موظفيها
هذا هو تغير الأجيال الذي يدفعه مرشحين للعمل من جيل النصف الثاني من التسعينات وجيل الألفية، ممن يعتقدون على الإرجح أن العلاقة بين صاحب العمل والموظف يجب أن تكون طريقاً باتجاهين. ما استقاه كثير من الناس من الوباء هو أن الحياة قصيرة، ما يجعل الناس أقل تقبلاً للبقاء في وظائف غير مرضية. رغم أن هذا قد يبدو تهوراً للموظفين الأكبر سناً، فمن المحتمل أن يكون الموظفون الأصغر سناً محقين بترك وظائفهم. حيث يصبح الموظفون الذين يعانون صدمة الانتقال أقل انخراطاً ويتدنى احتمال بروزهم من حيث الأداء حين يبقون في وظائفهم، وفقاً لجمعية إدارة الموارد البشرية. كما قد يحد هذا من نموهم الوظيفي.
تكلفة الاستقالة
كما قد تكون الاستقالة مكلفة لكل من الشركة والموظف. قدرت مقالة في "هارفرد بيزنيس ريفيو" (Harvard Business Review) أن أرباب العمل ينفقون في المتوسط 4129 دولاراً على كل عملية توظيف في الولايات المتحدة من حيث التعيينات الجديدة. قد يكون فقدان المزايا الصحية وحده مكلفاً، حيث يبلغ متوسط تكلفة التأمين الصحي في الولايات المتحدة 541 دولاراً شهرياً. قد يضطر الموظف الذي يستقيل للاعتماد على مدخراته، إذ يستغرق البحث عن وظيفة وتحديد مقابلة عمل شهرين على الأقل.
10 أمور تمنيت معرفتها في بداية مسيرتي المهنية
ينبغي أن يتحدث الموظفون الذين يجدون أنفسهم في وضع سيئ مفاجئ أن يتحدثوا مع مديريهم قبل اتخاذ قرار الاستقالة. اقترحت برين باني بوركهارت، مدربة وخبيرة في الإدارة المهنية، أن يحتفظوا بمذكرات عمل لمدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع، ما يسمح لهم بمناقشة الأنماط مع المدير الذي وظفهم. قالت: "ابدأ المحادثة بطريقة إيجابية حتى لا تبدو كأنها شكوى... ابتعد عن المشاعر وتواصل بالمنطق والحقائق." كما توصي باستخدام صيغة السؤال كي يكون الطرح مواتياً، مثل: "أجد صعوبة في الالتزام بساعات العمل التي تم الاتفاق عليها عندما قبلت العرض، حيث إن بعض الاجتماعات الأسبوعية المهمة تكون خارج تلك الساعات. هل يمكننا العمل معاً لمعالجة هذا؟"
لا تنتظر لحين الاستقالة
ابدأ البحث عن وظيفة جديدة في الوقت نفسه. إن كنت حقاً تحب عملك القديم وندمت على تركه، ففكر بأن تطلب من مديرك السابق العودة إلى الشركة، حيث ترحب شركات عديدة بعودة موظفيها السابقين. إن مرت أشهر ولم يتحسن شيء فإن ادخار أكبر قدر ممكن من المال مفيد.
قالت ألويز أونيت، وهي مدربة وخبيرة مهارات الاتصال والقيادة، عندما يحين وقت الاستقالة "اجعل الأمر متعلقاً بك" عندما تخبر مديرك أنك ستغادر. "دعهم يعرفون أنك كنت متحمساً حقاً للانضمام إلى الفريق، لكنك تدرك الآن أنك لن تنجح في هذا الموقع. لتكن مبرراتك مهنية وذات مستوى مرتفع وربما تقول: يمكنني المساهمة بشكل هادف حين يكون لدي مزيد من المسؤولية والاستقلالية بصنع القرار. أعرف هذا عن نفسي وأحتاج للعثور على وظيفة تتماشى بشكل أفضل مع الكيفية التي تعينني على الازدهار." إن شعرت أن العلاقة تضمن تقدير تعليقاتك، فقد يكون هذا أيضاً وقتاً مناسباً للإشارة لبعض التباعد بين التوقعات التي رُسمت خلال المقابلة وبين واقع الوظيفة.
قد لا يمكن دائماً تجنب صدمة التحول نظراً لمدى شيوعها، لكن التحدث مع الموظفين الحاليين والسابقين في شركة المستقبل وطرح أسئلة تساعد على استجرار الصراحة مثل "ما هو أكثر وأقل ما تفضله في عملك هنا؟" سيقلل من احتمال تعرضك لهذا مجدداً. إن إحساسك بالرضا عن العمل يعتمد على ذلك.