بعد ترسيخ سيطرته على شركة اتصالات تبث بسعر اشتراك يبلغ دولارين، يسعى سابع أغنى رجل في العالم إلى ثروته التالية في مشروع بث محتوى باشتراك يبلغ دولاراً واحداً.
في الواقع، إن الغنائم من الحقوق الرقمية للكريكيت في "الدوري الهندي الممتاز"، التي حصلت عليها شركة "فياكوم 18" (Viacom18) التابعة للملياردير موكيش أمباني عبر إزاحتها لـ"والت ديزني" على مدى السنوات الخمس المقبلة، لم تصل حتى الآن إلى حد 1 دولار.
تعرف "ديزني+ هوتستار" في المقام الأول على أنها خدمة مخصصة للهنود المحبين للكريكيت وهي متوفرة أيضاً في بعض الأسواق الآسيوية الأخرى، ولديها 50 مليون مشترك وتنمو سريعاً. لكن متوسط العائد الشهري من كل مستخدم للتطبيق المدعوم بالإعلانات جزئياً هو 76 سنتاً فقط، وهو ما يمثل عبئاً على ما تحققه "ديزني+هوتستار" من العملاء في أماكن أخرى الذين يدفعون التكلفة الكاملة لقاء الخدمة الترفيهية.
طالع المزيد: صراع المليارديرات.."بيزوس" يصطدم بـ"إمباني" في المنافسة على مباريات "الكريكيت"
حقوق البث المباشر
بلغت حقوق البث المباشر لـ"الدوري الهندي الممتاز"، الذي يعتبر بمثابة "سوبر بول الكريكيت"، 205 مليارات روبية (2.6 مليار دولار)، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام. تدفع "فياكوم 18 ميديا" – التي هي مشروع مشترك بين "ريلاينس اندستريز" التابعة لأمباني و"باراماونت غلوبل" (Paramount Global) - هذا المبلغ مقابل 410 مباريات على مدار خمس سنوات بدءاً من عام 2023، أو 6.4 مليون دولار لكل لعبة. هناك صفقة تلفزيونية منفصلة بقيمة 3 مليارات دولار لشبه القارة الهندية، وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح من الذي حصل عليها؛ إلا أن صحيفة "فاينانشيال تايمز" تقول إنه لربما تمكنت ديزني من الاحتفاظ بها؛ بينما تشير تقارير أخرى إلى أن شركة "سوني غروب" هي الفائزة.
سيأتي الإعلان الرسمي بعد المزادات الأصغر - للمحتوى الرقمي غير الحصري وحقوق البث التلفزيوني في الخارج - التي من المرجح أن تنتهي يوم الثلاثاء.
إن الرقم الذي يستحوذ على العناوين الرئيسية هو القيمة التي يضعها مقدمو العروض على حزمة البث، والتي تساوي الآن ما يقرب من بث "الدوري الهندي الممتاز" على التلفزيون. جزء كبير من الفضل في ذلك اللحاق بالركب يعود إلى أمباني، إذ أحدثت شبكة "4 جيو جي" (4G Jio) الخاصة به هزةً في سوق الاتصالات الهندية ببياناتها الرخيصة، واكتسبت أكثر من 410 ملايين عميل منذ إطلاقها في عام 2016.
نظراً لأن المشتركين في "جيو" يستهلكون تعريفاتهم لمشاهدة لعبة الكريكيت على أجهزتهم المحمولة، فإن الشركة المشغلة للاتصالات التابعة لأمباني ستحصل على دفعة تلقائية من استثماره في المحتوى. بعد زيادة التعريفة، سيدفع مستخدمو الاتصالات له أخيراً ما يزيد قليلاً عن دولارين شهرياً؛ إذا تمكن من الحصول على دولار آخر - عن طريق إغرائهم بالكريكيت والاحتفاظ بهم لمحتوى ترفيهي آخر - فإن إمبراطوريته الاستهلاكية التي تحقق 38 مليار دولار سنوياً يمكن أن تتضخم أكثر.
اقراً أيضاً: موكيش أمباني يشتري شركة روبوتات ناشئة لدعم الطموح التكنولوجي
تقليص الإنفاق الاختياري
مع ذلك، لن يكون من السهل جني الأموال من هذا الاستثمار الجديد في وقت يؤدي فيه ارتفاع التضخم إلى تقليص الإنفاق الاختياري. وهنا يأتي دور الرئيس التنفيذي السابق لشركة "تونتي-فرست سينتوري فوكس" (21st Century Fox) أدي شانكار، الرجل الذي يقف وراء التطبيق الهندي الشهير - الذي اشترته شركة "ديزني" لاحقاً - هو المحرك الرئيسي لطموحات أمباني الإعلامية. تلقت "فياكوم 18"مؤخراً مبلغ 1.8 مليار دولار من شركة "بودهي تري سيستمز" (Bodhi Tree Systems)، وهي شركة استثمارية أنشأها شانكار ورئيسه السابق جيمس مردوخ. يتوقع أمباني أن ينجح شانكار - المعروف بحماسته الشديدة تجاه نشر المحتوى الإعلامي ليستهلك في البلدات الهندية النائية - في التغلب على "ديزني+ هوتستار" كونه قد شارك في إنشاء "هوتستار" لمردوخ ووالده روبرت.
من بين أمور أخرى، يتعين على شانكار الحفاظ على اهتمام المشاهد والمعلن بـ"الدوري الهندي الممتاز". لقد كان له دور فعال في إخراج المنافسة من حالة من الفوضى العميقة بعد فضيحة التلاعب بنتائج المباريات في عام 2012. الوضع الحالي ليس مروعاً كما كان في ذلك الوقت، ولكنه ليس رائعاً أيضاً. نسبة مشاهدة التلفزيون ضعيفة؛ استشهدت وسائل الإعلام الهندية بمصادر لم تسمها حين نشرت أنباء عن أن بعض المعلنين طلبوا من شركة "ديزني" تعويضهم عن انخفاض نسبة المشاهدة في نسخة هذا العام. وفي حين أن جزءاً من الجمهور قد توقف عن مشاهدة تلفزيون الكابل وانتقل إلى الإنترنت، فإن البطولة نفسها معرضة لخطر أن تصبح مملة.
"أمازون" تخرج من المنافسة
ومع ذلك، كان من المفاجئ أن "أمازون"، التي كان من المتوقع على نطاق واسع أن تكون منافساً صبعاً لشركة "فياكوم 18"، قررت في اللحظة الأخيرة البقاء خارج المزايدة على "الدوري الهندي الممتاز". لم تتحقق الجولة الثانية التي طال انتظارها في المنافسة بين أمباني وجيف بيزوس من "أمازون".
طالع أيضاً: "أمازون" تنسحب من منافسة شرسة على كعكة بث مباريات "الكريكيت" الهندي
يذكر أن أمباني تغلب على منافسه عندما استحوذ مؤخراً على شركة بيع بالتجزئة كانت على وشك الإفلاس. ربما تكون الشركة العملاقة التي تتخذ من سياتل مقراً لها سعيدة ببث مباريات كرة القدم الدوري الإنجليزي الممتاز. وربما ترى مساراً أكثر أماناً (وأقل تكلفة) لتنمو خدمة "برايم" في الهند على خلفية التجارة الإلكترونية، بدلاً من لعبة الكريكيت (الإلكترونية).
إن لا مبالات "أمازون" يجب أن تستوقف أيضاً أمباني. فهو أكبر بائع تجزئة في الهند. ولكن هل يمكنه استغلال تلك الضجة في بعض التجارة الإضافية لشركة "جيو مارت" (JioMart)، وهو تحالف عبر الإنترنت للمتاجر الموجودة في الأحياء السكانية والتي من شأنها دعم شبكته الخاصة التي تضم أكثر من 15000 من متاجر "ريلاينس ريتيل" (Reliance Retail)؟
هل يمكن أن تساعده خدمة "واتساب" الشهيرة التابعة لشركة "ميتا بلاتفورمز" في تحصيل مدفوعات الوجبات الخفيفة التي يتم طلبها عبر الإنترنت بينما يتنافس فريق الكريكيت "مومباي إنديانز" (المملوك لعائلة أمباني) مع فريق "تشيناي سوبر كينغز"؟
منافسة أداني
بصرف النظر عن التجارة، يتعين على أمباني الاستثمار في المحتوى لأن منافسه اللدود غوتام أداني هو منافس عتيد أيضاً، إذ أطلق قيصر الفحم برامج إخبارية عن طريق شراء حصة في "كوينتيليون بيزنس ميديا" (Quintillion Business Media). يذكر أن "كوينتيليون" كانت شريكاً هندياً لـ"بلومبرغ إل بي"، الشركة الأم لـ"بلومبرغ نيوز".
قام تاسع أغنى رجل أعمال في العالم (أداني) أيضاً بتأسيس شركة إعلامية تابعة له، تريد أن تغطي كل المجالات من النشر إلى الإعلان. لم يُظهر أداني بعد اهتماماً ببث الكريكيت أو المسلسلات التلفزيونية الموجهة للعائلة. لكنه حصل للتو على حقوق امتلاك وتشغيل فريق في بطولة كأس العالم للكريكيت (T20) للرجال في الرائدة في الإمارات العربية المتحدة. لذلك يصعب التكهن بما سيحدث.
مع ذلك، فإن البقاء في الصدارة مقارنة بـ"أمازون" وأداني هو اعتبارات ثانوية. خلاصة القول هو أن أمباني قرر إنفاق المليارات على المحتوى، والآن عليه أن يكسبها بالكامل في غضون خمس سنوات. ليس فقط من المعلنين، ولكن عبر النقل والتجارة. كل دولار واحد على حدة.