نهم استهلاك السكر في الهند ينتقل إلى الشوكولاتة

time reading iconدقائق القراءة - 7
متجر تقليدي لبيع الحلويات في مومباي، الهند. - المصدر: بلومبرغ
متجر تقليدي لبيع الحلويات في مومباي، الهند. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لطالما اشتهرت الهند بحبها للسكر، حيث تحظى الحلوى فيها بشعبية كبيرة، خاصة في المهرجانات والاحتفالات العائلية الحافلة بالأطعمة الشهية. ومن هذه الحلويات منتج "الجولاب جامون"، وهو عبارة عن كرات عجين مقلية غارقة في شراب السكر، ومنتج "البارفي"، المصنوع من الحليب المكثف. ومع ذلك، لا تعتبر الهند أكبر مستهلك للسكر في العالم فحسب، بل إنها أيضاً واحدة من أكبر المنتجين له.

وكان هذا الميل الشديد للحلوى الرائعة، بجانب الكثافة السكانية الهائلة من الشباب والأثرياء، عاملاً مساهماً في جذب انتباه صانعي الشوكولاتة في جميع أنحاء العالم.

ويمثل استهلاك الهند الحالي للشوكولاتة حوالي عُشر المتوسط العالمي، وقد وصفت مؤخراً "المنظمة الدولية للكاكاو" البلاد بأنها السوق المحتملة الأولى للشوكولاتة في المستقبل.

وفي السنوات الأخيرة، بدأت الشوكولاتة، بالإضافة إلى الآيس كريم والكعك ومخفوق الحليب "الميلك شيك"، تحل محل الحلوى التقليدية بين الطبقات المتوسطة. ولم تكن تلك الحلوى مجرد شيء يُقدم في المناسبات الخاصة، مثل حفلات الزفاف أو مهرجان ديوالي، بل إنها أصبحت أيضاً وجبة خفيفة يومية بالنسبة لكثير من الهنود.

وقدرت قيمة سوق الشوكولاتة في البلاد بـ 172 مليار روبية (2.3 مليار دولار) في عام 2019، ومن المتوقع أن يسجل السوق نمواً سنوياً بنسبة 6.7% بين عامي 2020 إلى 2024، بحسب شركة أبحاث السوق "مينتل" (Mintel).

وجاء بروز الهند كمستهلك للشوكولاتة في توقيت مناسب بالنسبة لصناعة عالمية تكافح مع ركود المبيعات، إذ يبحث الناس عن وجبات خفيفة وصحية بشكل أكبر. حيث تشكل عمليات الإغلاق المفروضة للسيطرة على تفشي وباء "كوفيد-19" تحدياً للصناعة على المدى القصير، إذ سجلت أسعار الكاكاو في نيويورك أكبر هبوط فصلي لها في عام.

ومع انحسار المشهد العالمي، كان أكبر صانع للشوكولاتة في العالم "باري كاليبو" (Barry Callebaut) يبني وجوده في الهند، فقد بدأ بموظف واحد فقط في عام 2007، بينما أصبح يعمل لديه الآن 200 موظف في البلاد، وافتتح للتو مصنعه الثالث بها.

ويعتبر الوجه المتغير لمشهد البيع بالتجزئة في الهند أحد المحركات الرئيسية للاستهلاك، حسبما ذكرت الشركة السويسرية.

وفي حين أن المتاجر الصغيرة في الأحياء ومحلات البقالة التقليدية تظل الأماكن الأكثر شعبية لشراء الشوكولاتة، خاصة في المدن ذات المستويات الدنيا والمناطق الريفية، فإن ظهور متاجر المواد الغذائية الكبرى، ومتاجر التجزئة الحديثة في مدن مثل مومباي يعزز توافر الشوكولاتة. ذلك حسبما قال دروفا سانيال، العضو المنتدب لدى "باري كاليبو" في الهند، الذي قال: "إن المزيد من المستهلكين يختارون التسوق في متاجر التجزئة الحديثة، مثل محلات الـ"هايبر ماركت" والـ"سوبر ماركت"، بشكل أسبوعي أو شهري. وهذا يشجع تجار التجزئة الحديثين على توسيع نطاق منتجاتهم، كما أصبحت الأطعمة مثل الشوكولا متاحة بشكل كبير الآن".

وفي الوقت نفسه، تعتبر التجارة الإلكترونية والإنترنت من العوامل المساهمة في تعزيز المبيعات، حيث يستغل المصنعون المتمرسون في "إنستغرام" سلطة وسائل التواصل الاجتماعي في جذب جيل الألفية.

ويضيف سانيال: "ما فعله العديد من طهاة الحلوى وعشاق الطعام على وسائل التواصل الاجتماعي هو إتاحة وصول ثقافة الشوكولاتة بشكل هائل في الهند".

وهناك أيضاً اهتمام متزايد بالمنتجات الفاخرة، مثل "لي ريسيتس دو لاتليلير"، "Les Recettes de l’Atelier"، وهي ألواح شوكولاتة فاخرة تصدرها مجموعة "نستله"، وشوكولا "فابيل ترينيتي" (Fabelle Trinity) التابعة لشركة "آي تي سي".

وتتوقع "المنظمة الدولية للكاكاو" نمو الشوكولاتة عالية الجودة لتسيطر على 80% من إجمالي السوق في غضون عقد من الزمن، وذلك لترتفع من نسبتها الحالية البالغة 20%. وهذا الأمر من شأنه أن يمثل تحولاً كبيراً من الانقسام الحالي تجاه الشوكولاتة منخفضة الجودة التي تُنتج من الزيت النباتي.

ويشكل كل من تنامي الوعي الصحي، وحقيقة أن الهند لديها عدد متزايد من النباتيين أيضاً، أسباباً رئيسية لتطور الصناعة في البلاد. وهناك تحديات رئيسية عدة يواجهها صانعو الشوكولاتة، إحداها يتمثل في كيفية التغلب على الطبيعة الحساسة للأسعار في السوق، ووفرة البدائل الرخيصة.

ويأمل هؤلاء المصنعون أيضاً ألا تكون هناك أي فضائح أخرى، مثل تلك التي حدثت في عام 2003 عندما وجد العملاء حشرات في ألواح شوكولاتة "كادبوري ديري ميلك" التابعة لمجموعة "موندليز" الدولية.

وتقول سواجتيكا بريادارساني، التي تعمل كمديرة للمبيعات في إحدى شركات التأمين، إنها تفضل الشوكولاتة الداكنة لمذاقها، واحتوائها على مستويات أقل من السكر. وأوضحت الشابة، ذات الـ20 عاماً، والتي تعيش في مدينة بوبانسوار، شرقي ولاية أوديشا الهندية، أنها تفضل تقديم الشوكولاتة الداكنة بدلاً من الحلوى المحلية المليئة بالسكر للأقارب الأصغر سناً وأطفال أصدقائها.

وتستفيد "آمول" (Amul)، وهي أكبر شركة ألبان في الهند، من مثل هذه التفضيلات، فهي تقدم أصنافاً أكثر مرارة ذات محتوى أعلى من الكاكاو. وتعمل الشركة حالياً على مضاعفة طاقتها الإنتاجية من الشوكولاتة.

ويقول ر. س. سودي، العضو المنتدب لدى "اتحاد تسويق الحليب التعاوني في غوجارات"، الذي يمتلك العلامة التجارية "آمول": "يتوقع زيادة استهلاك الكاكاو، بدون إضافة السكر في ذلك". وأضاف: "لقد نمت أعمالنا التجارية في مجال الشوكولاتة الداكنة بأكثر من 100% في العامين الماضيين".

ويمكن أن تحظى أنواع الشوكولاتة ذات الإصدارات المتخصصة، بشعبية كبيرة في الهند بسبب ارتفاع أعداد النباتيين والذين يعانون من حساسية اللاكتوز.

وتعمل الشركة الناشئة "بايبريليف إنديا" (Piperleaf)، ومقرها جورجاون، على تسويق "شوكولاتة ميلك" الغنية بالكاكاو ومعجون البندق الكريمي كبديل لمنتجات الألبان.

وتخطط الشركة أيضاً لتقديم ألواح شوكولاتة خالية من السكر، وصناديق هدايا معبئة بالشوكولاتة بحلول شهر أغسطس المقبل. وذلك بالتزامن مع مهرجان "راكشا باندهان"، وهو مهرجان هندوسي يحتفي بعلاقة الأشقاء بعضهم ببعض، حيث يعد تقديم الحلوى على شكل هدايا جزءاً أساسياً من هذه المناسبة.

ويقول أنشول أغاروال، مؤسس شركة "بايبريليف": "نشهد تحولاً في تفضيلات المستهلكين في الهند، إذ بات الناس ينجذبون بشكل أكبر نحو المنتجات النباتية، كما أنهم أصبحوا أكثر وعياً بالشئون الصحية". وأضاف أخيراً: "سوق الشوكولاتة في الهند لا بد أن ينمو بوتيرة سريعة، فاستهلاك الفرد لا يزال منخفضاً للغاية، بينما يرتفع الدخل ويبحث الناس عن بدائل جيدة".

تصنيفات

قصص قد تهمك