بلومبرغ
بدأ الانتعاش الهش لنشاط المطاعم الأمريكية في التعثر، وفق ما تظهره لمحة موجزة من عودة الحياة إلى طبيعتها هذا الصيف.
وأشارت البيانات والمقابلات مع أصحاب المطاعم إلى تدهور الأوضاع المالية، بسبب ارتفاع تكاليف كل شيء، بدءاً من السلمون إلى نقص العمالة وتكلفة الزي الخاص بهم ونقص العمالة. وأظهر استطلاع أن 51% من المطاعم الصغيرة في الولايات المتحدة لم تتمكن من دفع إيجارات شهر سبتمبر، ارتفاعاً من 40% في يوليو.
على عكس العام الماضي، أصبح اليوم من الصعب رصد معاناة المطاعم، حيث يتدفق العملاء إليها رغم ارتفاع الأسعار والمخاوف المستمرة من سلالة دلتا المتحورة، بينما يزداد القلق من ارتفاع النفقات بشكل واضح، والذي يمتد بين أصحاب المطاعم من مدينة نيويورك إلى "ناشفيل" بولاية تينيسي.
اقرأ أيضاً: نقص العمال بالمطاعم الأمريكية يهدّد صناعة بقيمة 860 مليار دولار
قال دايسوك أوتاغاوا، رئيس الطهاة بمجموعة مطاعم في واشنطن، وتشمل مطاعمه "هايكان" و"دايكايا": "قد ترى مطعم يعمل بشكل جيد ليلة الجمعة، لكن هذا لا يعبر على الإطلاق عن أحوالهم، لان الأمر ليس جيداً. وبالنسبة لنا، لم نشهد أي نوع من التعافي فما زلنا نعاني".
ناقوس الخطر
دعت مجموعة الضغط الرئيسية، التي تمثل مشغلي المطاعم هذا الأسبوع، الكونغرس إلى مزيد من الدعم للمساعدة في دفع الرواتب وسداد الديون، مستشهدة بمسح أظهر تدهور ظروف العمل لمعظم مشغلي المطاعم في الأشهر الثلاثة الماضية، على أن يتم دعمهم أسوة بما يحدث مع العديد من شركات الخدمات الغذائية المتضررة من اختناقات سلاسل التوريد حول العالم.
وقالت وزارة التجارة، الجمعة، في تأكيد على ارتفاع النفقات، إن مؤشر الأسعار الذي يتم مراقبته عن كثب وصل في أغسطس إلى أعلى مستوياته منذ 1991، مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
قال جيف كاتز، الشريك في "كراون شي أند ساغا" (Crown Shy and Saga) بمدينة نيويورك: "ارتفعت تكاليف الطهاة بنسبة 20%، وربما أكثر، والسؤال الآن، لأي مدى يمكن للعميل التعامل مع تلك التكلفة المرتفعة، فلم نرفع أسعارنا بعد، لكن تلك التكاليف حقيقية".
وأشار "كاتز" إلى أن الانتعاش كان "هشاً" وغير متساوٍ بكافة أنحاء البلاد، حتى بالنسبة للسلاسل المحلية.
أعلنت سلسلة مطاعم "داردن" المنتشرة عبر 870 موقعاً في أوليف غاردن الأسبوع الماضي، أن المبيعات انتعشت بشكل طفيف في سبتمبر بعد تراجعها في أغسطس. حيث قال جين لي الرئيس التنفيذي لسلسلة المطاعم في مؤتمر عبر الهاتف، إن ولايتي جورجيا وفلوريدا شهدتا ضغوطاً نتيجة تفشي سلالة دلتا المتحورة في الأسابيع الأخيرة. لكن مواقع كاليفورنيا تتحسن.
اقرأ أيضاً: أفضل مطاعم العالم تتجه لبيع حقائب وجبات منزلية
ومن المقرر أن تعلن الشركات الكبيرة العاملة بالقطاع بما في ذلك "شيبوتل ميكسيكان غريل" و"ماكدونالدز" عن أرباح ربع سنوية في أكتوبر.
وفي حين أن انتعاش نشاط الوجبات السريعة كان أقوى، عبر توافر خيارات البيع دون ارتياد المطاعم، فإن هوامش الربحية تضررت من تكاليف الإنتاج ونقص العمالة. وقالت لورين سيلبرمان المحللة في بنك "كريدي سويس": "أكبر تحدٍ للقطاع الآن توافر العمالة. كل هذا يؤثر على الهوامش".
ندرة العاملين
ومع اقتراب فصل الشتاء واستمرار انتشار "كوفيد 19" في أجزاء من الولايات المتحدة، قد يكون بعض العملاء أكثر حذراً تجاه ارتياد الأماكن المغلقة، لكن أحد أكبر مخاوف أصحاب المطاعم اليوم هو ندرة الطهاة والنوادل، خاصة وأن كثير منهم غير مستعدين للعودة للعمل رغم ارتفاع الأجور.
قال داني أبرامز، صاحب مطاعم "ميرميد إن" في مانهاتن: "هناك زيادة مستمرة في الأجور، ولا يزال يتعذر عليك العثور على عُمال". وأضاف: “كان لدي مطعم إيطالي، لا يمكنني إعادة فتحه لأنني لا أستطيع العثور على طاهٍ إيطالي، ولا يمكنني العثور على موظفين".
اقرأ أيضاً: أين سيذهب طهاة مطاعم الشركات بعد التوجه للعمل من المنزل؟
تتضرر المطاعم التي يتم ارتيادها للجلوس بشكل خاص، حيث لا يزال معدل التوظيف عند 500 ألف وظيفة، دون مستويات ما قبل تفشي الوباء. فيما أضر نقص الموظفين وارتفاع معدل الدوران بجودة خدمة العملاء، حيث اشتكى العملاء من الموظفين عديمي الخبرة وطول وقت الانتظار.
رفع العديد من أصحاب المطاعم أسعار قوائم الطعام، وبدأ المستهلكون في ملاحظة ذلك، حيث قال ما يقرب من ثلثي العملاء إنهم يطلبون أقل أو يزورون المطاعم بشكل أقل بسبب الزيادات في الأسعار، وفقاً لاستطلاع أجرته شركة "بلودوت" في أغسطس.
المطاعم السريعة
ورغم التحديات، استمر زخم المبيعات على مستوى البلاد منذ إعادة فتح الاقتصاد، وتوافد الأمريكيون الذين تم تطعيمهم، واستفادوا من المدخرات التي تراكمت خلال أشهر طويلة من الحجر، للإنفاق على المطاعم والحانات.
ارتفع الإنفاق في المطاعم السريعة والكاملة بنسبة 7% مقارنة بعام 2019، وفقاً لبيانات برامج الولاء الخاص بالمطاعم. ومع ذلك، انخفض عدد العملاء، ما يعني أن جزءاً من الارتفاع يرجع إلى ارتفاع أسعار قوائم الطعام.
اقرأ أيضاً: مطاعم "بالم بيتش" و"ميامي" تستعد لاستقبال موظفي وول ستريت الأثرياء
يؤكد أندريو كارميلليني الشريك المؤسس لشركة "نوهو هوسبيتالتي" وجود إقبال كبير على مطاعمه في مدن نيويورك وبالتيمور وديترويت وناشفيل، رغم رفع أسعار شرائح اللحم بنسبة 15%. وقال كارميلليني: "زادت تكلفة كل شيء وخاصة فئة الطعام الفاخر لكن العملاء يدفعون الثمن".
ويبقى السؤال، إلى متى؟، حيث يقول "إبرام"، مالك مطعم "ميرميد" منخفض التكلفة للمأكولات البحرية، إن الحد الأقصى غير الرسمي للمُقبلات يبلغ 30 دولاراً. ورغم ذلك يفقد المكان زبائنه في ظل تضاعف سعر السلمون، ما أدى إلى تراجع هوامش الربح. وأضاف: "نحاول الوقوف على الأمر فنحن نخطط لخريف وشتاء آخر من عدم اليقين. وبأي حال من الأحوال لسنا خارج دائرة التأثر".