يخت روسي فاخر يتحول إلى سفينة أشباح في الكاريبي

"ألفا نيرو" يقف لأكثر من عام في ميناء أنتيغو بعد حظر التعامل عليه

time reading iconدقائق القراءة - 14
اليخت \"ألفا نيرو\"، في الوسط، يرسو في أنتيغوا - المصدر: بلومبرغ
اليخت "ألفا نيرو"، في الوسط، يرسو في أنتيغوا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أمضى اليخت الروسي الفاخر "ألفا نيرو" أكثر من عام بميناء فالماوث، في أنتيغوا، منذ تركه مهجوراً هناك، يصل ارتفاع اليخت إلى 267 قدماً ويبلغ وزنه 2500 طن إجمالياً.

عند صعود سلم اليخت ما يزال هذا القصر العائم البالغ تكلفته 120 مليون دولار يبدو مرتباً جيداً، حتى مع وجود طاقم تشغيل صغير فقط. جرى طي قمصان من نوع "بولو" الخاصة باليخت باللونين الأحمر والأبيض والرمادي ووضعها فوق البيانو من الحجم الكبير المخصص للأطفال. كما توجد لوحة فنية معلقة على الحائط للرسام خوان ميرو. يتلألأ المسبح الشاسع الذي يتحول، عبر ماكينة هيدروليكية، لمهبط مخصص للطائرات العمودية، تحت أشعة شمس منطقة الكاريبي.

يتوافر في الطابق العلوي مكان للمطالعة مغطى بألواح خشبية بالجناح الرئيسي، دليل على أن المعيشة على متن "ألفا نيرو" قد أخذت منحى غريباً تماماً.

يوجد بلاي ستيشن يحتوي ألعاب فيديو على غرار لعبة "نداء الواجب" أو (Call of Duty) والتي تعود لطاقم العمل المتململ، إذ لم يعد يحضر إليهم ركاب على اليخت.

في هذا الموقع قبالة الشواطئ الجنوبية لدولة أنتيغوا، لاحقت البحرية البريطانية في واحدة من المرات قراصنة حقيقيين بمنطقة البحر الكاريبي. اصطدم غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا بالثروة الهائلة التي ساعد بتنميتها في روسيا.

احتل أفراد متبقون من طاقم "ألفا نيرو" جزءاً من الجناح الرئيسي. ينام القبطان في غرفة نوم مخصصة للضيوف، ولكن عدا ذلك يبقى الطاقم غالباً بالطابق السفلي لليخت، حيث لا يستخدم إلى حد بعيد 5 كبائن فاخرة أخرى ومنتجعاً صحياً وصالة للألعاب الرياضية والمصعد وكافة الأشياء الأخرى على متن اليخت.

سفينة أشباح

رسا "ألفا نيرو" في هذا الموقع منذ مارس 2022، وهي سفينة أشباح للحرب في أوكرانيا، على بعد 5500 ميل (8851 كيلومتراً). بعد فترة وجيزة من عبور القوات الروسية للحدود الأوكرانية، وقّعت المملكة المتحدة عقوبات على مالكها المزعوم، ملياردير قطاع الأسمدة أندريه غورييف. تبعتها الولايات المتحدة الأميركية خلال أغسطس من نفس العام، إذ أرسلت عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي لتفتيش السفينة بالتعاون مع سلطات إنفاذ القانون المحلية.

عزت واشنطن ملكية اليخت لغورييف، وهو ادعاء ينفيه قطب الأعمال. أوضح محامي غورييف أنه استعمل يخت "ألفا نيرو" "بين الحين والآخر" منذ 2014. بُني اليخت في حوض بناء السفن للشركة الهولندية "أوشنكو" في 2007، وكان متاحاً للتأجير مقابل مليون دولار للأسبوع الواحد حتى وقت قريب.

يستحيل غالباً التعرف فقط على هوية المالك من السجلات العامة بالنظر للتعقيدات المتشابكة التي يعمد إليها العديد من فائقي الثراء على مستوى العالم للعمل على إخفاء ثرواتهم وأصولهم. تلقى غورييف إخطار مصادرة السفينة موجه من قبل حكومة أنتيغوا، علاوة على الشركات في جزر فيرجن البريطانية وجزر القنال الإنجليزي.

أُطلعت "بلومبرغ" على متن السفينة، على أوراق مدون بها ملاحظات من قبل الطاقم تحتوي على إشارات إلى "السيد والسيدة يرمز لهما بحرف ج".

منذ غزو روسيا لأوكرانيا مع أوائل 2022، وقّعت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها عقوبات على عشرات الأثرياء الروس لمعاقبة بوتين والحاشية المقربة منه. خلال هذه العملية، حولت اليخوت الفاخرة ذات الصلة بروسيا من ألعوبة مسلية بيد المليارديرات إلى رموز للعداء المتنامي بين روسيا والغرب. صودر ما يفوق 20 سفينة بقيمة 4 مليارات دولار تقريباً عبر موانئ منتشرة حول العالم.

حالياً تريد أنتيغوا التخلص مما تعتبره سفينة مهجورة. صودر يخت "ألفا نيرو" خلال أبريل الماضي رسمياً، ورُفع علم أنتيغوا عليه، وعيّنت على سبيل الاحتياط اثنين من حراس الأمن على متنه.

يؤكد المسؤولون أن رسو يخت "ألفا نيرو" بالميناء بات خطراً عائماً وينطوي على تكلفة نتيجة ذلك. يرغب الطاقم في الحصول على مستحقاتهم المتأخرة. يتكلف ديزل تشغيل المولد ثروة صغيرة. بدأت الفواتير في التراكم منذ أن تمت مصادرة أنتيغوا له خلال أبريل الماضي، إذ تكلف نفقات طاقم التشغيل وحدها 112 ألف دولار شهرياً.

طلبت السلطات من الولايات المتحدة الأميركية رفع عقوباتها على اليخت حتى تتمكن أنتيغوا من طرحه بالمزاد لبيعه لصاحب أعلى سعر. وتشير إلى إنهم تلقوا فعلاً 20 عرضاً تقريباً.

ملكية محظورة

لكن ما دامت واشنطن تواصل تصنيف يخت "ألفا نيرو" على أنه ملكية "محظورة"، فإن أنتيغوا يساورها القلق من أن إيرادات أي عملية بيع قد تجمد في نهاية المطاف جراء امتثال البنوك لنص القانون. لهذا السبب عليهم الانتظار.

قال السير رونالد ساندرز، سفير أنتيغوا لدى الولايات المتحدة الأميركية، في مقابلة عبر الهاتف: "لم يدع أحد ملكيته لليخت، ولم يسدد أحد فواتيره، بدأت الأموال تنفد سريعاً، وبات اليخت يشكل خطراً على الميناء بحد ذاته".

أضاف ساندرز أن أنتيغوا عرضت إرسال هويات مقدمي العطاءات المحتملين للولايات المتحدة الأميركية للتأكد من امتثال أي عملية بيع لقواعد وزارة الخزانة الأميركية. امتنع مسؤولون بالوزارة عن التعليق على الموضوع.

بناءً عليه، تتمايل "ألفا نيرو" وسط المياه في نادي "أنتيغو يخت كلوب مارينا" لليخوت. ينظف أفراد الطاقم المتبقون الأسطح المغطاة بخشب الساج. يلمعون جسمه الأسود ليكون براقاً. تبحر اليخوت الأخرى عبر الخليج ذهاباً وإياباً.

حالياً يكلف "ألفا نيرو" العالق نفقات باهظة لمجرد الإبقاء على اليخت طافياً فوق المياه.

تقلص عددد طاقم اليخت المكون من 44 شخصاً إلى 6 أشخاص. رفع 25 فرداً منهم دعوى قضائية لاسترداد 2.1 مليون دولار أجور غير مدفوعة، بحسب كريغ جاكاس، المحامي المحلي الممثل لهم.

أوضح جاكاس أن هدف عملائنا يتمثل ببساطة في الحصول على مستحقاتهم القانونية.

اقتراب موسم الأعاصير

يعتني الأفراد الستة الذين ما زالوا يعيشون على متنها بشدة بيخت "ألفا نيرو". ويغطسون من حين لآخر في المسبح.

يقضي القبطان ساعات بدون عمل على كرسي حديقة قابل للطي على سطح الجانب المطل على الميناء. يمكنه من موقعه هذا النظر لأسطول اليخوت الفاخرة الأخرى التي تدخل عبر مياه الميناء. خلال أبريل الماضي، دخل يخت "موغامبو" -ارتفاعه 241 قدماً (73 متراً)- المملوك لجان خوم وهو ملياردير أوكراني أميركي والشريك المؤسس لتطبيق "واتساب" لمكان قريب.

في هذا المكان حيث يتوافر الأمان بالمرسى نسبياً، تمثل الشمس والبحر خطراً مستمراً. فالمياه المالحة تؤثر سلباً عليه. يتعين على يخت "ألفا نيرو" إبقاء محركات الديزل تعمل باستمرار لتشغيل كافة الأشياء على متن اليخت. يعمل مكيف الهواء على مدار الأربع والعشرين ساعة لحماية الخشب الثمين والطبقة الصدفية والجلد الناعم الذي يزين التصميمات الداخلية الفاخرة.

أوضح توم باترسون، مدير المرسى في "أنتيغوا يخت كلوب": لا يمكن مجرد فتح أبواب اليخت بدون ديزل، فهذه اليخوت، من يوم تدشينها إلى حين خروجها من الخدمة، تستهلك الوقود الأحفوري".

يوجد مصدر آخر للقلق المتنامي: عوامل الزمن حيث يقترب موسم الأعاصير مرة ثانية. شرعت اليخوت الأخرى فعلاً بمغادرة الميناء. خلال سبتمبر الماضي، عندما ضربت العاصفة الاستوائية فيونا، هددت أمواج البحار العاتية اليخت المقيد بالرصيف بالارتطام. طلب مسؤولو المرسى من الطاقم نقل اليخت إلى عرض البحر شريطة أن يذهب معهم باترسون المدير المسؤول أيضاً للتأكد من عدم هروب اليخت "ألفا نيرو". اختتم باترسون: "المرسى رغب بالحصول على أجر مقابل ذلك".

تصنيفات

قصص قد تهمك