بلومبرغ
تعكف المملكة المتحدة على تخصيص مليار جنيه إسترليني (1.24 مليار دولار) لتعزيز صناعة أشباه الموصلات المحلية على مدى العقد المقبل، وتمويل استراتيجية طال انتظارها للمشاركة في معركة الهيمنة في سوق الرقائق العالمية.
ويمثل هذا الاستثمار جزءاً ضئيلاً مما تعهدت به الحكومات الأخرى للقطاع؛ بعد أن قلب نقص الرقائق الحاد الذي شهدته السوق خلال فترة تفشي كورونا سلاسل التوريد العالمية رأساً على عقب وأبرز اعتماد العالم على آسيا للحصول على إمداداته من الرقائق المستخدمة في مختلف المجالات بدءاً من الهواتف المحمولة إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية المنزلية. وتعهدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الأخيرة بتقديم ما يقرب من 50 مليار دولار و43 مليار يورو (46.3 مليار دولار)، على التوالي، لتعزيز هذه الصناعة في منطقتيهما.
تتمثل خطة بريطانيا في التركيز على مجالات القطاع التي تعتقد الحكومة أن الدولة تتمتع فيها بالفعل بميزة نسبية والعمل على تطويرها بدلاً من منافسة الحكومات التي تلقي أموالاً أكثر بكثير على الصناعة ككل. وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك: "تكمن استراتيجيتنا الجديدة في تركيز جهودنا وتعزيزها حيث تكمن نقاط قوتنا، في مجالات مثل البحث والتصميم".
حماية سلاسل التوريد
أدت اضطرابات إمدادات الرقائق العالمية الناجمة عن القيود المفروضة إثر تفشي كورونا إلى منافسة حادة بين الاقتصادات الكبرى سيعاً إلى تأمين المخزونات وحماية تقنياتها الخاصة وإنتاج المزيد من أشباه الموصلات محلياً. استهدفت الولايات المتحدة على وجه الخصوص بقوة جهود الصين لتطوير تقنيات أشباه الموصلات، ومنع الشركات الأميركية من توفير معدات وخدمات معينة للبلاد.
في هذا الإطار، أكدت وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا في المملكة المتحدة أن تركيز استثمارات الحكومة سينصب في مجالات تشمل البحث وتصميم أشباه الموصلات. تعتبر بريطانيا بالفعل موطناً لـ"أرم" (Arm)، -شركة تصميم الرقائق البريطانية التابعة لـ"سوفت بنك غروب". وتستهدف المملكة المتحدة أيضاً أشباه الموصلات المركبة، المصنوعة من مجموعات من العناصر ذات الخصائص التي تعتبر واعدة في التقنيات الناشئة مثل الجيل الخامس، والسيارات الكهربائية، والتعرف على الوجه.
أشارت الحكومة إلى أن هذا الاستثمار سيوسع القطاع المحلي ويحمي الأمن القومي ويخفف من مخاطر تعطل سلاسل التوريد. ومع ذلك، فإن رقائق السيليكون الأكثر أهمية للتطبيقات اليومية ستظل مستوردة من الخارج؛ خاصة من تايوان البلد الرائد في صناعة وتوريد الرقائق للعالم. وقالت الحكومة إن المملكة المتحدة "ستزيد تعاونها مع الشركاء المقربين" لتطوير مرونة سلاسل التوريد.
ضغوط متزايدة
يعتبر إجمالي التزام المملكة المتحدة بالتمويل لمدة 10 سنوات أقل مما تنفقه الشركة العالمية الرائدة في صناعة الرقائق "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ" (Taiwan Semiconductor Manufacturing) كل أسبوعين.
تتعرض حكومة المملكة المتحدة لضغوط متزايدة كي تضع استراتيجية؛ حيث تتخذ الدول الأخرى تدابير صارمة لتأمين إمداداتها الخاصة. وفي الوقت نفسه، ظهرت علامات على أن الصناعة البريطانية تنتقل إلى الملكية الأجنبية. على سبيل المثال، قررت "أرم" إدراج أسهمها في الولايات المتحدة بدلاً من لندن. في مقابلة مع قناة "بي بي سي" عام 2021، قالت شركة "إنتل" (Intel) الأميركية العملاقة لصناعة الرقائق إنها استبعدت المملكة المتحدة كموقع لتشييد مصنعها الجديد بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تعرضت الاستراتيجية للانتقاد من قبل لوسي باول من حزب العمال المعارض، التي قالت إنها "ستُقابل بخيبة أمل من حجم طموحها". وبعد قرار "أرم" الإدراج في الولايات المتحدة، قالت باول إن "هذه الاستراتيجية تقدم القليل من الضمانات التي يمكننا من خلالها الحفاظ على صناعة حيوية للنمو والأمن القومي وتنميتها".