بلومبرغ
أعلنت "مايكروسوفت" عن إصدارين جديدين من محرك البحث على الإنترنت "بينغ" ومتصفح الإنترنت "إدج"، مدعومين بأحدث تكنولوجيا من شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، التي طورت تطبيق "تشات جي بي تي" (ChatGPT).
يأتي ذلك في إطار سعي الشركة لأن تحرز تقدماً على حساب عملاق البحث على الإنترنت "غوغل"، بأن تصبح الأولى في تقديم خدمة تفاعلية تشبه المحادثة في الاستجابة لأسئلة متصفحي الإنترنت وإنشاء المحتوى.
قال ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لـ"مايكروسوفت"، في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء في مقر الشركة الرئيسي في ريدموند، بواشنطن: "هذه التكنولوجيا سوف تعيد تشكيل كل تطبيق في البرمجيات إلى حد كبير"، مؤكداً إن هذا وقت عودة الابتكار إلى مجال البحث على الإنترنت.
تطبيق "بينغ" الجديد، الذي يعتمد على نموذج لغوي طورته شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) أكثر تطوراً من الذي يعتمد عليه تطبيق "تشات جي بي تي" (ChatGPT)، يمكن فيه تشغيل حالة الدردشة أو وقفها، ويستطيع المستخدمون الاستفادة من الآلة في كتابة رسائل البريد الإلكتروني. ويضيف الإصدار الجديد من متصفح "إدج" تطبيق "بينغ" القائم على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للدردشة وكتابة النصوص، ويستطيع تلخيص محتوى صفحات الإنترنت والرد على الأسئلة.
أعلنت "مايكروسوفت" مؤخراً عن استثمارات بعدة مليارات في شركة "أوبن إيه آي"، معززة علاقاتها مع الشركة الناشئة حتى تستطيع متابعة نماذجها للذكاء الاصطناعي من الداخل مثل تطبيقي "تشات جي بي تي" و"دال-إي" (Dall-E)، اللذين جذبا ملايين المستخدمين في شهور قليلة.
بالإضافة إلى البحث على الإنترنت، يقول مسؤولو "مايكروسوفت" إنهم يرغبون في إضافة تكنولوجيا "أوبن إيه آي" إلى تطبيقات "أوفيسِ"، وبرامج الأمان وأدوات ألعاب الفيديو.
صندوق محرك "بينغ" الجديد يستطيع استقبال أسئلة تصل إلى 1000 حرف. وفي عرض توضيحي، سأل نائب رئيس "مايكروسوفت" يوسف مهدي محرك البحث القائم على الدردشة حول أحداث دورة كرة القدم "السوبر بول" في مدينة سكوتسديل بولاية أريزونا الأميركية خلال العطلة الأسبوعية. فعرض تطبيق "بينغ" الجديد معلومات حول حفل أسبوعي "للسوبر بول"، ومهرجان للطبخ وأحداث أخرى ذات صلة.
تستطيع هذه الخدمة المدعمة أيضاً تقدير مدى ملاءمة كنبة أيكيا في سيارة هوندا أدويسي طراز 2019 – أجاب تطبيق "بينغ" مهدي بأنه غير متأكد، وأن الأمر يعتمد على ما إذا كان الصف الثاني والثالث في السيارة مطويين.
عند سؤاله عن بديل للبيض في وصفات للطعام، عرض "بينغ" عدداً من الخيارات ومقاس كل واحدة منها يعادل بيضة واحدة. وقد ناقش أيضاً خصائص كل بديل، مثل أيها سوف يجعل الوصفة هشة ومنتفخة.
منتجات جديدة للذكاء الاصطناعي
تدفق الإعلان عن منتجات من جانب "مايكروسوفت" و"غوغل" في الأسابيع الأخيرة يأتي وسط تركيز مفاجئ ومكثف على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يستطيع توليد محتوى جديد من مخزون رقمي من النصوص والصور والأعمال الفنية.
أعلنت "مايكروسوفت" الأسبوع الماضي عن تطبيق لإدارة العملاء يستخدم أدوات توليد النصوص لشركة "أوبن إيه آي" بهدف كتابة رسائل البريد الإلكتروني لموظفي المبيعات، وعززت النسخة غير المجانية من تطبيق "تيمز" (Teams) للدردشة والاجتماعات بملاحظات يكتبها الذكاء الاصطناعي بعد الاجتماع.
تستخدم شركة "غوغل" التابعة لشركة "ألفابت"، التي يستحوذ محرك بحثها على 90% من السوق، تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي غير أنها تعتمد على نموذج لغوي أقدم. ومن ناحية المنافسة، أدت هيمنة "غوغل" التي استمرت على مدى زمني طويل إلى أن السوق أصبحت مملة ورتيبة، حيث لم يستطع تطبيق "بينغ" الذي صدر منذ 14 عاماً وتطبيقات أخرى ناشئة تحقيق اختراق هام على حساب "غوغل". ورغم تغيير أجزاء من تصميم الصفحة الأساسية والميزات من اللاعبين الرئيسيين على مدى سنوات، فإن تنسيق نتائج البحث - قائمة الروابط – مازال قائماً على حاله.
منتجات البحث المعتمدة على "تشات جي بي تي" وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي الأخرى تسعى إلى تغيير هذه الصورة عبر استبدال الروابط التي قد تجيب أو لا تجيب على أسئلة المستخدم بردود سياقية تقوم على المحادثة.
مخاطر هذا النهج الذي ينتشر بسرعة تتمثل في أن عدم الدقة أو المعلومات المضللة يمكن أن تتسرب إلى الردود، وبناءً على كيفية عرض النتائج، قد لا يتمكن المستخدمون من تحديد مصدر أو دقة المعلومات التي قدمتها الخدمة كإجابة مؤكدة.
تهديد عاجل وخطير
في الأشهر الأخيرة، فقدت وحدة الذكاء الاصطناعي التي تباهت بها "غوغل" زخمها، بعد أن طغت "أوبن إيه آي" عليها مؤخراً. كانت الشركة الكبرى محاصرة، في حيرة تتعلق بالإعلان عن منتجها أو متى ستصدر هذا المنتج وكيف تبتكر دون تعريض أنشطتها الأساسية في البحث والإعلانات للخطر.
في ديسمبر، سأل موظفو "غوغل" الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي ورئيس أبحاث الذكاء الاصطناعي جيف دين عن المنافسة من تطبيق "تشات جي بي تي". وبحسب شبكة "سي إن بي سي" (CNBC) الإخبارية، أجاب المسؤولون التنفيذيون أن "غوغل"، على عكس الشركات الناشئة، التي يمكن أن تطرح أدوات جديدة بسرعة للجمهور، تواجه مخاطر كبيرة تتعلق بسمعتها من أي أخطاء أو عيوب بسبب أن لديها بالفعل مليارات المستخدمين.
نجاح تطبيق "تشات جي بي تي" مع زيادة استثمار شركة "مايكروسوفت" في مطوريه قد أديا إلى تسريع الجدول الزمني عند سوندار بيتشاي. حشدت إدارة "غوغل" فرقاً من الباحثين للرد على التطبيق المنافس، معلنة أن الموقف يمثل تهديداً عاجلاً وخطيراً.
"بارد" و"كلود" يدخلان المنافسة
يوم الإثنين، أعلنت "غوغل" أن خدمتها الخاصة للذكاء الاصطناعي عبر المحادثة، تطبيق "بارد" (Bard)، مطروحة الآن للاختبار من قبل مستخدمين ثقاة، وأن الشركة تجهز هذه الخدمة للطرح للجمهور العام "في الأسابيع المقبلة".
يهدف تطبيق "بارد" إلى توليد إجابات تفصيلية عند توجيه أسئلة بسيطة إليه، مثل ماذا نطبخ لوجبة الغداء أو كيفية التخطيط لحفل صديقة تنتظر طفلاً، وفقاً لـ"غوغل". وتعتمد الخدمة على نموذج "لا إم دي إيه" (LaMDA)، أي نظام "النموذج اللغوي للتطبيقات الحوارية" عند "غوغل" (Google’s Language Model for Dialogue Applications).
قدمت "غوغل" أيضاً إشارة إلى بعض الملامح التي تعمل بالذكاء الاصطناعي التي ستظهر قريباً في محرك البحث وتهدف إلى أن تقدم للمستخدمين أفكاراً حول الأسئلة عندما لا توجد إجابة واحدة صحيحة.
في نفس الوقت، تعزز شركة "مايكروسوفت" رهانها على ميزات الذكاء الاصطناعي بصورة منتظمة، وتسعى لإضافة قدرات جديدة إلى المنتجات الحالية للمستهلكين والشركات وخلق تجارب جديدة.
تستثمر الشركة في هذا المجال حتى مع تراجع نشاطها على أصعدة أخرى – إذ تقوم حالياً بتسريح 10000 موظف وحذرت من تباطؤ مبيعات برمجيات الشركات والحوسبة السحابية لبقية السنة المالية التي تنتهي في يونيو.
في حين تتحالف "مايكروسوفت" مع "أوبن إيه آي"، تستثمر "غوغل" أيضاً ما يقرب من 400 مليون دولار في شركة "انثروبيك" الناشئة (Anthropic) للذكاء الاصطناعي، التي تجري اختبارات على تطبيق منافس لـ"تشات جي بي تي" يسمى "كلود" (Claude)، وفقاً لشخص مطلع على الأمر.