بلومبرغ
بعد سنوات من محاولته الفاشلة لتحويل "تسلا" إلى شركة خاصة، يبدو أن إيلون ماسك يعيد الكرة من جديد، ولكن مع "تويتر"، حيث تسمح له شركة التواصل الاجتماعي، بإعادة المحاولة.
رغم بعض الغموض الذي يكتنف تفاصيل "التمويل المضمون" لهذه الصفقة، تمكّن ماسك من استمالة مجلس إدارة "تويتر" بعرضه البالغ 44 مليار دولار، والذي سيُصبح، في حال تنفيذه، أحد أكبر عمليات الاستحواذ في التاريخ.
اقرأ أيضاً: ماسك مازحاً: سأشتري "كوكاكولا" لإعادة الكوكايين إلى المشروب
تُثير الصفقة تساؤلات وتداعيات هائلة، بدءاً من الطرف الذي سيقوم بتثبيت ماسك في قيادة "تويتر،"وصولاً إلى كيفية محاولته تحقيق الدخل من منصة تعتمد أساساً على الإعلانات.
مع ذلك، السؤال الأهم، هو ما الذي سيعنيه كل ذلك لشركة "تسلا"؟
اقرأ المزيد: استحواذ ماسك على "تويتر" قد يشكّل "المسمار الأخير في نعش" شركة الشيك على بياض لترمب
لطالما كانت مُصنّعة السيارات الكهربائية واضحة دائماً بشأن اعتمادها الكبير على رئيسها التنفيذي الذي أضاف لقب "ملك التكنولوجيا" (Technoking) إلى نفسه. منح ماسك نفسه هذا اللقب المبالغ فيه منذ أكثر من عام بقليل، وكان قد أصبح منذ عام 2008 الرئيس التنفيذي للشركة، وهي أطول مدة لرئيس تنفيذي في كل شركات تصنيع السيارات الأمريكية والألمانية واليابانية. إلا أن ماسك مع ذلك، لم يُركّز بشكل كامل على "تسلا".
تحذير الإدارة
حذّرت الشركة في تقريرها الفصلي الذي أودعته لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، من أن "السيد ماسك، رغم قضائه وقتاً طويلاً مع (تسلا) ونشاطه المكثّف في إدارة الشركة، إلا أنه لا يُكرّس وقته الكامل واهتمامه لـ(تسلا)". مع التذكير بأن ماسك يقود أيضاً شركة "سبيس إكس" (SpaceX)، ويشارك في "بورينغ كومباني" (Boring Company) للأنفاق، و"نيورا لينك" (Neuralink) لتطوير الواجهات الحوسبية الداعمة للعقل البشري.
سلّطت عاصفة المشاحنات حول "تويتر" التي شهدتها الأسابيع القليلة الماضية، الضوء مرة أخرى على مقدار القيمة التي يمنحها المستثمرون لعمل ماسك الجزئي في الشركة، وحجم استثماره فيها فعلياً ومجازياً.
انخفض سهم "تسلا" بحوالي 12%، يوم الثلاثاء، بسبب القلق المستمر على ما يبدو من اضطرار ماسك إلى بيع جزء كبير من 172.6 مليون سهم يمتلكها في الشركة، لتغطية نصف مبلغ تمويل صفقة "تويتر" تقريباً. نحن نعلم بالفعل أنه يتحمل مخاطر كبيرة على قرض الشراء بالهامش.
هناك قلق من ماسك نفسه، البالغ من العمر 50 عاماً، والذي يقوم بمهام كثيرة ولا يملك الوقت الكافي لها جميعاً. يُعزى هذا القلق جزئياً إلى عادات ماسك نفسه التي عبّر عن غالبيتها من خلال تغريداته المنشورة على مرّ السنين، والتي تحدث فيها عن ساعات نومه القليلة، وقضاء الليالي في مصنع "تسلا".
رجل المهام المتعددة
تعمل "تسلا"، بالطبع، عند مستويات أعلى بكثير مما كانت عليه خلال فترة الإنتاج الأولى. وقد أكد والتر أيزاكسون، الذي يعكف على كتابة السيرة الذاتية الرسمية لماسك، عن قدرة الأخير على التوفيق بين إدارة العديد من الشركات، حيث كتب أيزاكسون في تغريدة الثلاثاء قائلاً: "بعد فوزه في معركة (تويتر) في وقت متأخر من الليلة الماضية، كان إيلون ماسك في بوكا تشيكا، حيث عقد اجتماعه المعتاد في العاشرة مساءً حول تصميم محرك (رابتور)، وأمضى أكثر من ساعة في العمل على حلول تسرّب الصمامات. لم يأت أحد على ذكر (تويتر)، ويمكنه القيام بمهام متعددة".
أضاف أيزاكسون في تغريدة أخرى الثلاثاء: "في وقت سابق أمس وقبل الإعلان عن (تويتر) مباشرة، التقى في مصنع (تسلا) العملاق في أوستن، وزير الاستثمار الإندونيسي، لوهوت بنسار باندجيتان للتحدّث عن المناجم وسلاسل توريد البطاريات.
تركيز على حل المشاكل
لكن مهارات ماسك لا تتعلّق فقط بتعدد المهام، حيث أظهر قدرة على التركيز المفرط على مشكلات شركاته المختلفة، والاستمتاع بحل التحديات الهندسية المعقدة.
في شركة "سبيس إكس"، وضع ماسك في المرتبة الثانية، غوين شوت ويل، رئيسة شركة الصواريخ والمديرة في مجلس الإدارة، المعروفة بوضوحها وقدراتها.
لكن لا تتضح الشخصية القيادية الثانية في "تسلا". وضعت الشركة ثلاثة مديرين تنفيذيين فقط في فريق قيادتها، وهم ماسك، وزاكاري كيركهورن، كبير المسؤولين الماليين، ودرو باغلينو، كبير مسؤولي التكنولوجيا فعلياً.
لقد كان كيركهورن رائعاً منذ توليه المنصب المالي الأعلى في عام 2019، ولعب هو وباغلينو أدواراً عامة بشكل متزايد خلال العامين الماضيين، لا سيما خلال الإعلان عن النتائج المالية وفي الفعاليات مثل يوم البطارية. لكن ماسك لم يكن واضحاً بشأن ارتياحه حيال تسليم الدفة حالياً إلى شخص آخر. في الواقع، أعطى ماسك أحياناً سبباً لقلق المساهمين.
ما من بديل
في سبتمبر 2020، قال ماسك لكاتبة المقال في صحيفة "نيويورك تايمز"، كارا سويشر: "إذا عرف مستثمرو (تسلا) الحجم الكامل لما أقوم به في الشركة، فسيقلقون كثيراً. ليس لأنني لدي الرغبة في ذلك، ولكن لهذا فقط.. أنا أرغب في القيام بذلك، بل وأحتاج إلى القيام به. لا يمكنني العثور على أي شخص يفعل ذلك".
شهد ماسك في المحكمة العام الماضي بأنه حاول جاهداً ألا يكون الرئيس التنفيذي لـ(تسلا)، "ولكن كان عليَّ أن أفعل ذلك، وإلا ماتت الشركة".
يعكس استعداد ماسك لمتابعة "تويتر" الوضع الأفضل الذي تتمتع به "تسلا" اليوم عما كانت عليه في السابق. ولكن إذا كنت أحد المساهمين في "تسلا"، فسأتواصل هاتفياً مع علاقات المستثمرين لطلب المزيد من الإيضاح حول خطط تعاقب المسؤولين لديها.