بلومبرغ
أصبحت مديرة منتجات سابقة لدى "فيسبوك" إحدى أبرز منتقدي الشركة، بعدما كشفت آلاف الوثائق الداخلية، قائلة إنها تُبيّن أن عملاقة وسائل التواصل الاجتماعي فشلت في حماية مستخدميها.
سلّمت فرانسيس هوغين، التي كانت تتصدى للمعلومات المضللة على المنصة، بحثاً داخلياً لمشرّعين أمريكيين ولصحيفة "وول ستريت جورنال"، التي قالت في تقرير إخباري إن الشركة أدركت التأثير السلبي لخدمات مثل "إنستغرام" دون أن تفصح عن ذلك. قالت هوغين إنها سبق أن حذّرت من ممارسات الشركة بعدما رأت أدلة متكررة حول إعطاء "فيسبوك" أولوية للأرباح على حساب مستخدميها.
أعلنت هوغين عبر برنامج "60 دقيقة" في أول مقابلة علنية لها الأحد: "كان هناك تضارب مصالح بين ما هو جيد نسبة إلى (فيسبوك) وما هو جيد للعامة... اختارت (فيسبوك) مراراً وتكراراً الأمثل لمصالحها مثل كسب مزيد من المال".
عاصفة نارية
أشعلت هذه البيانات عاصفة نارية على "فيسبوك" في واشنطن، حيث اتهم مشرّعون المنصة بالتستّر على بحوث داخلية حول آثارها السلبية. ألقت كومة الوثائق التي قدمتها هوغين الضوء على مناقشات الشركة الداخلية بشأن مجهودات الإشراف على المحتوى، وتباين تعاملها المتباين مع حسابات بارزة وحسابات مستخدمين آخرين، والتأثير العقلي لتطبيق مشاركة الصور، "إنستغرام"، على المستخدمين الصغار.
كما أظهرت إحدى الدراسات التي كشفتها هوغين أن نسبة اتخاذ "فيسبوك" لإجراءات بشأن خطاب الكراهية لم تتعدَّ 3% إلى 5%، واتخذت إجراءات حيال أقل من 1% من المحتوى المُصنّف على أنه "عنف وتحريض"، وفقاً لبرنامج "60 دقيقة".
من المقرر أن تمثل هوغين يوم الثلاثاء أمام لجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ بشأن حماية المستهلك، كجزء من جلسة استماع تُركّز على "حماية الأطفال على الإنترنت". استجوب مشرّعون أنتيغون ديفيس، رئيسة السلامة العالمية في "فيسبوك"، الأسبوع الماضي بشأن الوثائق التي أظهرت أن "إنستغرام" يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة العقلية للمراهقين.
شجاعة ضد الأقوى
قال السيناتور الديمقراطي من ولاية كونيكتيكت ورئيس اللجنة الفرعية التي ستعقد اجتماعها الأسبوع المقبل ريتشارد بلومنتال في بيان: "منذ زيارتها الأولى لمكتبي، أعجبت بصلابتها وشجاعتها في الكشف عن الحقائق الرهيبة حول واحدة من عمالقة الشركات الأقوى في العالم... بفضل الوثائق التي كشفتها فرانسيس، نحن نعرف الآن الأضرار المُدمّرة التي تتسبب (فيسبوك) بها على الأطفال، تلك الأضرار التي أخفتها شركة (فيسبوك) واستغلتها عمداً لزيادة أرباحها".
وصفت لينا بيتش، المتحدثة الرسمية باسم "فيسبوك"، هذه الفقرة من برنامج "60 دقيقة" بأنها "مُضلّلة"، مضيفة في بيان أن الشركة تسعى لتحقيق توازن بين حرية التعبير والحاجة إلى إبقاء المنصة آمنة.
قالت: "نواصل إجراء تحسينات لمعالجة نشر المعلومات الخاطئة و المحتوى الضار... الإيحاء بأننا نشجع المحتوى السيئ ولا نفعل شيئاً حياله ليس صحيحاً".
نظريات المؤامرة
يُشير حساب هوغين على "لينكدإن" إلى أنها بدأت العمل في "فيسبوك" بشهر يونيو من العام 2019، بعد عملها في كل من "غوغل" و"يلب" و"بينتريست". عُيّنت هوغين، التي تعود أصولها إلى أيوا، بمنصب مديرة المنتج الرئيسي في فريق المعلومات المُضلّلة المدنية، ثم عملت لاحقاً في فريق مكافحة التجسس التجاري، وفقاً لموقعها الإلكتروني. أخبرت فرانسيس برنامج "60 دقيقة" أنها قبلت بالعمل لدى "فيسبوك" لتتمكن من العمل ضد المعلومات المضللة بعدما رأت انغماس صديق لها في نظريات المؤامرة عبر الإنترنت.
قالت هوغين للشبكة: "لم أرغب أبداً أن يشعر أحد بالآلام التي شعرت بها... لقد رأيت المخاطر الشديدة عندما تحاول التأكد من وجود معلومات عالية الجودة على (فيسبوك)."
زاد قلق هوغين من الخيارات التي اتخذتها "فيسبوك" بشأن إعطاء الأولوية لنموها على حساب العامة خلال الفترة التي قضتها في الشركة، حسب قولها.
تضمنت الوثائق التي قدمتها هوغين سلسلة شرائح من البحث الداخلي توضح تأثير تطبيق مشاركة الصور "إنستغرام" التابع لـ"فيسبوك" على المراهقين، والذي نشرت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" ضمن سلسلة تقارير في سبتمبر. أظهر البحث أن استخدام "إنستغرام" غالباً ما يزيد الأمور سوءاً لدى الصغار الذين يعانون فعلياً من المشاكل الصحية العقلية كالتوتر أو تتعلق بالنظرة إلى الجسد.
قالت فقرة برنامج "60 دقيقة" إن محامي هوغين قدموا ثماني شكاوى على الأقل إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
مع سبق الإصرار
من الواضح أن هوغين غادرت "فيسبوك" وهي تعلم جيداً أنها تخطط لتسليم وثائق لإدانة الشركة. بقيت هوغين في "فيسبوك" شهراً إضافياً بعد استقالتها من وظيفتها في أبريل جمعت خلاله مواد عن الشركة رأتها تثبت أنها فشلت في تحمل المسؤولية، بحسب تقرير "وول ستريت جورنال".
توقعت هوغين أن تلاحظ الشركة نشاطها، الذي تضمن الاطلاع على مستندات لا علاقة لها بوظيفتها، على حد قولها. تستطيع "فيسبوك" معرفة أن موظفيها يطلعون على مستندات معينة أو يجرون عملية بحث محددة عبر منتج التفاعل الداخلي للشركة المسمى "وورك بليس".
ذكرت الصحيفة أن هوغين تركت رسالة مُبهمة للشركة في يومها الأخير عبر خاصية البحث الداخلي قالت فيها: "أنا لا أكره (فيسبوك). أنا أحب (فيسبوك) لكنني أريد إنقاذها".
نشأت هوغين وهي تحضر مع والديها الأكاديميين المؤتمرات الحزبية التحضيرية في أيوا، ما غرس فيها "شعوراً قوياً بالافتخار بالديمقراطية والمسؤولية عن المشاركة المدنية،" وفقاً لموقعها الإلكتروني، وتعتبر نفسها حالياً "داعية للإشراف العام على وسائل التواصل الاجتماعي".
تقول على موقعها الإلكتروني: "يمكننا أن نحظى بوسائل تواصل اجتماعي نتمتع بها وتأتي بأفضل ما في الإنسانية".
"إنستغرام" للأطفال
اعترضت "فيسبوك" على بعض قصص الصحيفة مدعية أن البيانات "منتقاة".
رغم ذلك، أدت الضجة التي تلت التقارير لتعليق الشركة الأسبوع الماضي خطط طرح نسخة منفصلة من "إنستغرام" للأطفال دون سن 13 عاماً، نظراً للحاجة إلى مزيد من التشاور مع خبراء وأولياء الأمور وواضعي السياسات. تقول "فيسبوك" إنها لم تتخلّ كلية عن فكرة إنشاء التطبيق.
غرّد رئيس "إنستغرام" آدم موسيري قائلاً: "ما زلت أعتقد أن بناء هذه التجربة هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله، لكننا نريد قضاء مزيد من الوقت في التحدّث مع أولياء الأمور والخبراء الذين يعملون على كيفية القيام بذلك بشكل صحيح".
انتقد مشرّعون "فيسبوك" في جلسة استماع حول هذا الموضوع الأسبوع الماضي محتجين بأن الشركة ركّزت على الأرباح قبل بذل الجهود لجعل منتجاتها أكثر أماناً للأطفال.
قالت السيناتور الجمهوري عن ولاية تينيسي الأعلى مرتبة ضمن اللجنة مارشا بلاكبيرن: "نحن لا نثق بكم".