بلومبرغ
خسرت "تنسينت" و"نت ايز" أكثر من 60 مليار دولار من قيمتهما مع تزايد خشية المستثمرين من أن الجهات التنظيمية الصينية تستعد لإحكام قبضتها بشدة على أكبر صناعة ألعاب في العالم.
استدعى المنظمون الصينيون المديرين التنفيذيين في القطاع لاجتماع الأربعاء لتوجيههم إلى ترك "تركيزهم الوحيد" على الأرباح والالتفات لمنع القاصرين من إدمان الألعاب، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية الصينية "شينخوا". قال المنظمون أيضاً إنه سيكون هناك تجميد مؤقت للموافقات الجديدة على جميع الألعاب على الإنترنت، حسب تقرير لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست". ستنخنق هكذا خطوة إنتاج الألعاب التي يعتمد عليها المطورون بدفع النمو.
تسبب ذلك بتسريع موجة بيع للأسهم بدأت في الصباح رغم أن "شينخوا" لم تذكر تعليق الموافقات. لكن المستثمرين قلقون مسبقاً بسبب حملة الحكومة المستمرة منذ عشرة أشهر لكبح قطاعات؛ بدءا من التجارة الإلكترونية وطلب وسائل النقل إلى التواصل الاجتماعي.
تشن حكومة شي جين بينغ حملة متزامنة للحد من إدمان الألعاب بين القاصرين، وتقليل الإنفاق المتزايد على المشتريات الافتراضية، وحث الشباب على إمضاء الوقت بنشاطات أكثر إنتاجية. أصدرت الحكومة الأسبوع الماضي لوائح جديدة للصناعة، بما فيها تحديد مقدار وقت لعب الأطفال لألعاب الفيديو وهو ثلاث ساعات في الأسبوع.
قصر نظر الأطفال
سيمثل تعليق إصدار ألعاب جديدة تصعيداً في الحملة على قطاع الألعاب، ما من شأنه أن يضرب جيوب المطورين مباشرة، ويذكر الأمر بتجميد بيع تراخيص الألعاب لمدة عشرة أشهر في 2018، وحينها كان الهدف مكافحة الإدمان وقصر النظر بين الأطفال. أدى ذلك إلى انخفاض أرباح "تنسينت" لأول مرة منذ عقد على الأقل وساعد في محو حوالي 200 مليار دولار من قيمتها السوقية في مرحلة ما.
قال كيو تشنيو، محلل ألعاب لدى شركة التحليلات السوقية العالمية "أومديا" (Omdia) في شنغهاي: "نحن قلقون من أن يكون التعليق المعلن مجرد بداية لحملة أوسع على قطاع الألعاب ومن مدى السوء الذي قد تصل إليه الحملة… بالتأكيد سيكون للتعليق تأثير على شركات الألعاب، قد يؤمن عدد الألعاب المرخصة في النصف الأول الإيرادات لبقية 2021 لكن سنرى تأثيراً عكسياً بدءاً من أواخر العام المقبل إذا لم تستأنف الموافقات سريعا".
تواصلت خسائر "تنسينت" الخميس في تداولات بعد الظهر لتغلق متراجعة 8.5%، وهو أكبر تراجع منذ يوليو، كما هبطت "نت ايز" 11%. لم يستجب ممثلو الشركتين فوراً لطلبات التعليق.
أفيون للروح
أفادت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" نقلاً عن شخص مطلع على الأمر أن مسئولين من قسم الدعاية بالحزب الشيوعي والسلطة التنظيمية للقطاع كشفوا عن قرارهم للمديرين التنفيذيين في "تنسينت" و"نت ايز" في اجتماع الأربعاء.
نقلت الصحيفة عن شخص آخر اطلع على المناقشة قوله إن تعليق موافقات الألعاب جاء فيما تستكشف الحكومة كيفية تقليص عدد الألعاب في السوق، خاصة بعد وتيرة جامحة في النصف الأول، مضيفة أنه لم يتضح أمد التعليق.
أصبح المستثمرون قلقين بشكل متزايد بشأن قطاع الألعاب منذ أغسطس عندما انتقدت وسائل الإعلام الحكومية الصينية الألعاب باعتبارها "أفيون للروح"، ما اضطر "تنسينت" لفرض حظر للأطفال. تراجعت صحف عدة عن هذا التعليق منذئذ، وقالت إنه كان مبالغا فيه، لكن القلق الذي يلوح هو أن توجه بكين انتباهها في المرة المقبلة على المجال المحوري لصافي أرباح عمالقة مجال الوسائط المتعددة من "تنسينت" إلى "أبل" و"أكتيفيجن بليزارد" (Activision Blizzard).
على نطاق أوسع، تقترب حملة بكين لكبح جماح صناعة الإنترنت العملاقة من شهرها الحادي عشر، وهي محنة شديدة بدأت عندما نسف المنظمون الاكتتاب العام القياسي لشركة جاك ما "أنت غروب"، أي قبل بدء التحقيقات في"علي بابا" و"ميتوان"، عملاقة توصيل الطعام المدعومة من "تنسينت"، و"ديدي غلوبال".
قال مايكل نوريس، محلل التقنية لدى شركة أبحاث السوق "إيجنسي تشاينا" (AgencyChina) ومقرها في شنغهاي: "إن التعليق المعلن عنه لموافقات الألعاب الجديدة يوحي بتوسع في أحدث التشديدات الصينية على صناعة الألعاب... ما يبدو أشبه بضوابط أبوية على نشاط لعب القاصرين قد يتحول إلى قيود أوسع على المحتوى ونماذج جني المال".