بلومبرغ
أنهى بنك اليابان سياسته لأسعار الفائدة السلبية، وهو آخر بنك في العالم يتخذ مثل هذه الخطوة اللازمة لتشجيع الإقراض المصرفي وتحفيز الطلب وزيادة الأسعار. والآن يرى البنك أن مهمة هذه الأداة قد انتهت، بعد أن ساعد ارتفاع الأجور القوي في الوصول إلى هدف التضخم. سيختلف تأثير هذا التحول في السياسات عبر الاقتصاد والأسواق المالية، مما يجلب فوائد أو تحديات، أو كليهما.
1- ما هي أسعار الفائدة السلبية؟
أسعار الفائدة السلبية تعني أن المودع سيدفع فائدة لإيداع أمواله في البنوك بدلاً من تلقيها، فهي أداة سياسية جذرية قدمتها البنوك المركزية في أوروبا بعد 2010 لمكافحة انخفاض الأسعار. اتبع بنك اليابان سياسة الفائدة السلبية خلال 2016، ليضيف بذلك أداة جديدة إلى معركته الطويلة ضد الانكماش أو تراجع الأسعار.
من المؤكد أن برنامج سعر الفائدة السلبي لبنك اليابان طُبق فقط على جزء صغير من ودائع البنوك الخاصة لدى البنك المركزي، لكن ودائع الأفراد لم تخضع لهذه السياسة. كان الهدف هو تشجيع البنوك على تشغيل أموالها عبر الإقراض. أُضيف هذا البرنامج إلى عمليات الشراء المكثفة التي أجراها بنك اليابان للأصول المالية لإغراق الاقتصاد بالمال.
2- هل نجحت السياسة؟
يتباين تقييم فعالية أسعار الفائدة السلبية عالمياً. ففي حالة اليابان، ربما ساعدت هذه التدابير، بجانب شراء بنك اليابان للأصول، في التصدي لانكماش أعمق في الاقتصاد. لكن في نهاية المطاف، تطلب الأمر صدمات العرض خلال جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا لإثارة ارتفاعات حادة في تكاليف استيراد الطاقة والمواد والغذاء التي دفعت معدل التضخم بالبلاد لتجاوز هدف البنك المركزي البالغ 2%.
اقرأ أيضاً: هل تتعافى اليابان من الركود؟ وماذا سيفعل البنك المركزي؟
كان بنك اليابان آخر بنك مركزي يبقي على سياسة سعر الفائدة السلبية، وأسهم استخدامه لفترة طويلة لهذا النهج في تقليص ربحية البنوك، ودفع قيمة الين إلى الهبوط، بينما رفعت بنوك مركزية أخرى أسعار الفائدة، وهذا خفض الجاذبية النسبية للعملة اليابانية. كما أسهم ضعف الين في زيادة تكاليف الاستيراد، مما أثقل كاهل المستهلكين الذين فشلت أجورهم في مواكبة تكاليف المعيشة المتزايدة.
3- لماذا أنهى بنك اليابان البرنامج الآن؟
اتفقت الشركات اليابانية على رفع الأجور بشكل كبير، مما عزز التوقعات التي تفيد بأن الأجور الأعلى ستجعل الأسر أكثر استعداداً لإنفاق المال. وهذا ما يسميه بنك اليابان بـ"الدورة الإيجابية" لارتفاع الأسعار المصاحب لزيادة الأجور.
في الأسبوع الماضي، أعلنت النقابات أن التقديرات الأولية لنمو الأجور عند أعلى مستوى لها منذ عقود، مما دفع بنك اليابان لاتخاذ خطوة يوم الثلاثاء. يقول البنك المركزي الآن إن الدورة الإيجابية "أصبحت أكثر قوة".
4- ماذا تعني نهاية سعر الفائدة السلبي بالنسبة للاقتصاد؟
تشكّل هذه خطوة أولى للتخلص من تدابير التحفيز النقدي الهادفة إلى وضع الاقتصاد على مسار النمو المستدام. على مدار أعوام عديدة، أدى انخفاض الأسعار إلى تقييد الاقتصاد في دوامة هبوطية خفضت خلالها الشركات تكاليفها لتتمكن من المنافسة، حتى لو كان ذلك يعني التضحية بأرباحها. كما أن هذه الدوامة الهبوطية منعتهم من الاستثمار ورفع الأجور، مما أثر على الاستهلاك وفرض ضغوط على الأسعار. يأمل رئيس الوزراء فوميو كيشيدا الآن حدوث العكس، مع ارتفاع الاستثمار والأسعار والأجور في آن واحد.
5- الرابحون والخاسرون
الحكومة وبنك اليابان سيعانيان من تسبب أسعار الفائدة المرتفعة في زيادة تكاليف خدمة الدين الحكومي، وإحداثها خسائر دفترية (غير محققة) في حيازات السندات السيادية، حيث ستُخفض أسعار الفائدة المرتفعة من قيمتها. من جهتها، ستتمكن البنوك الخاصة من تحقيق أرباح أكثر من الإقراض بأسعار فائدة أعلى، بينما ستتضرر حيازاتها من السندات بسبب ارتفاع المعدلات طويلة الأجل. كما سيشهد مشترو المنازل ارتفاع معدلات الرهن العقاري، مما قد يُبطئ سوق العقارات.
اقرأ أيضاً: بنك اليابان يرفع سعر الفائدة للمرة الأولى في 17 عاماً
من شأن الين القوي نتيجة أسعار الفائدة المرتفعة أن يخفض تكاليف الاستيراد، وأيضاً يخفض تكاليف المواد الغذائية والطاقة المستورة بالنسبة للأسر. وعلى الجانب الآخر، فإن ذلك سيقوّض القدرة التنافسية للمصدّرين وأرباحهم في الخارج.
لا شك أن الين القوي من شأنه مساعدة اليابانيين المسافرين إلى الخارج، لكنه سيجعل اليابان وجهة مكلفة للغاية بالنسبة إلى السياح. وفي هذه الحالة، انخفض الين قليلاً بعد إعلان إنهاء سياسة الفائدة السلبية، حيث يتخذ بنك اليابان نهجاً حذراً، وهذا يظهر في قوله إنه يرى أن الظروف المالية ستبقى مواتية في الوقت الحالي.