الشرق
يعتزم بنك المغرب المركزي شراء سندات خزينة من البنوك في السوق الثانوية بما قيمته نحو 25 مليار درهم (2.5 مليار دولار)، وذلك بهدف ضخ سيولة من دون التأثير في أسعار الفائدة، وفق ما أفاد به يونس عصامي، مدير العمليات النقدية والصرف في البنك.
لجأ المركزي المغربي إلى هذا الأمر للمرة الأولى من خلال عمليتين يومَي 9 و16 يناير الجاري، إذ اشترى في العملية الأولى ما قيمته 16.3 مليار درهم من السندات لدى البنوك لأجل 6 أشهر ونصف وبعائد 3.34%، فيما اشترى في العملية الثانية سندات لأجل 3 أشهر وبعائد 3.16%.
"المركزي المغربي" يواصل شراء سنداته استباقاً لتفاقم أعباء ديونه
يأتي ذلك بعدما رفع بنك المغرب في العام الماضي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس إلى 2.5%، وهي المرة الأولى الذي لجأ فيها إلى زيادة الفائدة منذ عام 2008، إذ كان قد ثبتها منذ يونيو 2020 عندما خفّضها بمقدار 50 نقطة إلى 1.5% لدعم اقتصاد البلاد الذي تضرّر من جائحة كورونا.
حسب "المركزي"، يُتوقع أن يكون معدل التضخم في المغرب قد بلغ 6.6% خلال العام الماضي، ارتفاعاً من 1.4% في 2021، مدفوعاً بتسارع وتيرة ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية التي ساهمت في وصول معدل التضخم في نوفمبر الماضي إلى مستوى غير مسبوق عند 8.3%.
ضعف الطلب وانحسار السيولة
أوضح مدير العمليات النقدية والصرف في البنك المركزي المغربي خلال مؤتمر صحفي اليوم الخميس في الرباط أن "عملية شراء السندات هذه تدخل في إطار السياسة النقدية وعمليات ضخ السيولة في السوق، وقد شملت سندات ذات أجل استحقاق أقل من سنة، جرى إصدارها منذ أكثر من شهر، واشتراها بثمن السوق".
أضاف عصامي أن البنك لجأ إلى هذه الخطوة "بعدما لاحظ نقصاً في السيولة في السوق الثانوية لسندات الخزينة نتيجة انخفاض الطلب عليها، بعدما وصلت البنوك إلى السقف المحدد في إطار عملياتها الاحترازية، بحيث لم يعُد بإمكانها حيازة مزيد من السندات ضمن محافظها الاستثمارية بالنظر إلى تأثير ارتفاع سعر الفائدة على الأداء وتقلص الهوامش".
من الأسباب الأخرى التي تتسبب أيضاً في نقص الطلب على سندات الخزينة مخاوف المستثمرين بشأن تطور أسعار الفائدة بعد رفعها البنك المركزي مرتين في سبتمبر وديسمبر لتصل إلى 2.5%، وهو ما دفع بعضهم إلى التريث لحين وضوح الرؤية بخصوص مستقبل سعر الفائدة الرئيسي الذي سيقرره البنك في مارس المقبل.
أكد المسؤول في بنك المغرب أن "الهدف من العملية هو إيجاد حل لنقص السيولة في سوق سندات الخزينة، دون التأثير في استقلالية البنك المركزي وتنفيذ سياسته النقدية، لا سيما لجهة رفع سعر الفائدة الرئيسي". وقال إنّ الحل يكمن في شراء سندات خزينة في إطار ما يسمى بعمليات السوق المفتوحة (open market).
ليس تيسيراً كمياً
أشار عصامي إلى أن بعض التحليلات اعتبرت أن خطوة بنك المغرب مماثلة لعمليات التيسير الكمي التي تقوم بها البنوك المركزية في الدول المتقدمة، وهو ما نفاه بالقول إن عمليات التيسير الكمي تستهدف شراء سندات خزينة لمدة طويلة بهدف ضخ السيولة بشكل كبير في السوق حين تكون أسعار الفائدة منخفضة جداً إلى حدود الصفر. لكن في حالة بنك المغرب الراهنة فإنه اشترى سندات خزينة ذات آجال استحقاق قصيرة، ومن دون التأثير في حجم السيولة العامة في السوق. فبدل ضخ السيولة عن طريق ضخها لدى البنوك لمدة 7 أيام (تسبيقات لمدة سبع أيام)، استخدم أداة شراء سندات الخزينة، التي تستهدف فقط السندات قصيرة الأمد".
سيتوقف بنك المغرب عن إطلاق طلبات عروض لشراء سندات الخزينة لدى البنوك، حين يصل مجموع مشترياته إلى 25 مليار درهم، وهو سقف جرى وضعه على أساس توقعات بأن يتراوح عجز السيولة ما بين 90 و100 مليار درهم خلال العامين المقبلين. كذلك يأخذ هذا السقف بعين الاعتبار عدم التأثير في برامج تشجيع البنوك على تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. لكن بنك المغرب لا يستعبد أن يجري تمديد العملية، بعد قيامه بتحليل وضع السيولة في السوق.
كشف يونس عصامي أن الخزينة ستصدر قريباً سندات بأسعار فائدة متغيرة، لحماية المستثمرين في حال ارتفاع أسعار الفائدة الرئيسي لضمان استمرار الطلب. وأوضح أن المبالغ التي ضخها بنك المغرب من خلال هذه العملية مشروطة بإعادة ضخها من طرف البنوك في سوق السندات.