بلومبرغ
قام البنك المركزي الأوروبي بتسريع عملية إنهاء التحفيز النقدي، بشكل غير متوقَّع، مما يشير إلى أنَّه أكثر قلقاً بشأن معدل التضخم القياسي مقارنة بمعدل النمو الاقتصادي الأضعف، في ظل تهديدات الغزو الروسي لأوكرانيا على الأسعار.
وصف مسؤولو البنك المركزي الأوروبي الحرب بأنَّها لحظة تاريخية فاصلة بالنسبة لأوروبا، وتعهدوا بإبطاء مشتريات السندات اعتباراً من مطلع مايو، وقالوا إنَّهم قد يوقفون البرنامج في أقرب وقت خلال الربع الثالث. وحاولوا التخفيف من ذلك من خلال جعل رفع سعر الفائدة المتتالي أقل تلقائية.
قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد للصحفيين في فرانكفورت: "يرى مجلس الإدارة أنَّه من المرجح بشكل متزايد أن يستقر التضخم عند مستهدفه البالغ 2% على المدى المتوسط .. تمثل الحرب في أوكرانيا مخاطر صعودية كبيرة، خاصة على أسعار الطاقة". وكانت لاغارد قد ارتدت شارة بألوان العلم الأوكراني على سترتها.
جاءت النتيجة على خلاف توقُّعات الاقتصاديين الذين رجحوا التأخر في قرارات السياسة الرئيسية للسماح للمسؤولين بتقييم الوضع بشكل أفضل. كان العديد من أعضاء مجلس إدارة المركزي الأوروبي قد أكدوا في السابق التزامهم بإنهاء مشتريات الأصول على نطاق واسع وأسعار الفائدة السلبية، برغم إشارتهم إلى أنَّه قد يتم تأخير تلك المخططات على الأرجح.
عوّض اليورو خسائره، ليشهد تغيّراً طفيفاً في التداولات حول مستوى 1.1061 دولاراً. تراجعت السندات الإيطالية، مما رفع العائد على الأوراق المالية لأجل 10 سنوات 22 نقطة أساس إلى 1.89%.
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"
يقول ديفيد باول ومايفا كوزين، المحللان في "بلومبرغ ايكونوميكس" :"بشكل عام؛ ترى بلومبرغ إيكونوميكس نتائج اجتماع البنك المركزي الأوروبي متشددة".
"في أول اجتماع له منذ غزو روسيا لأوكرانيا؛ سرّع مجلس الإدارة إنهاء مشتريات الأصول، لكنَّه خفف الربط بين إنهاء شراء السندات وأول زيادة في سعر الفائدة، مما خلق قدراً كبيراً من المرونة حول توقيت أول رفع لسعر الفائدة".
منذ الغزو الروسي قبل أسبوعين؛ تسابقت لاغارد وزملاؤها لتقييم مدى تأثر تكتل منطقة اليورو الذي يضم 19 دولة، بآثار العقوبات والاضطرابات التجارية، وقبل كل شيء ارتفاع تكاليف الطاقة.
كما يبدو من المؤكّد أنَّ هجوم الكرملين، وما نتج عنه من ارتفاع في عقود النفط والغاز الطبيعي؛ سيدفع التضخم لأعلى من المعدل القياسي الحالي البالغ 5.8%، مما يجعل من الصعب تقديم الدعم مع منع الأسعار من الخروج عن نطاق السيطرة.
توازن صعب
قال بول كريغ، مدير محفظة في شركة "كويلتر إنفستورز" (Quilter Investors)، في بيان:"إنَّ تحقيق البنك المركزي الأوروبي لعملية التوازن أمر صعب للغاية".
في مواجهة الصدمة التضخمية التي تتطلب "إجراء سريعاً وحاسماً"، بالإضافة إلى خطر الركود بسبب الغزو الروسي؛ "اختار البنك المركزي الأوروبي المسار الأقل مخاطرة".
في ضوء ارتفاع أسعار الطاقة؛ كشف البنك المركزي الأوروبي عن تقديرات جديدة، تتضمن رفع توقُّعات التضخم خلال 2022 إلى 5.1% من 3.2%.
قالت لاغارد، إنَّ متوسط معدل التضخم في عام 2024 سيكون 1.9%، وهو أقل بقليل من مستهدف البنك المركزي الأوروبي.
في وقت سابق اليوم الخميس؛ توقَّع بنك "غولدمان ساكس" أن ينكمش الناتج الاقتصادي لمنطقة اليورو في الربع الثاني بسبب الحرب، ومن المرجح أن يقفز التضخم إلى نحو 8%.
الخطر الأكبر
حذّر المسؤول السابق في البنك المركزي الأوروبي أوتمار إيسينغ من أنَّ تكرار ظاهرة الركود التضخمي التي حدثت في سبعينيات القرن الماضي، بمثابة "الخطر الأكبر" الذي يواجه منطقة اليورو.
سيبدأ سحب حزم التحفيز في مايو، عندما يبطئ البنك المركزي الأوروبي شراء السندات إلى 30 مليار يورو (33 مليار دولار)، ثم إلى 20 مليار يورو في يونيو.
خفّف مجلس إدارة المركزي الأوروبي من حدة هذا القرار بصياغة جديدة بشأن مسار أسعار الفائدة.
تحول "المركزي الأوروبي" قد يضع نهاية لأطول تجربة في العالم لأسعار الفائدة السلبية
في حين أنَّ المسؤولين لم يعودوا يقترحون أنَّ بإمكانهم خفض أسعار الفائدة "أقل" من الحالية؛ إلا أنَّهم يقولون الآن أيضاً، إنَّ أي رفع لأسعار الفائدة سيكون "تدريجياً"، وسيحدث " بعد بعض الوقت" من وقف مشتريات السندات بدلاً من "بعد فترة وجيزة".
بشكل منفصل؛ قرر صانعو السياسة أيضاً تمديد تسهيل احترازي، يقضي بتوفير اليورو للبنوك المركزية خارج تكتل منطقة اليورو حتى 15 يناير 2023.