بلومبرغ
يجتمع قادة العالم في دبي للمشاركة في المحادثات السنوية حول تغير المناخ في شهر ديسمبر القادم. ويشمل جدول أعمال هذه القمة موضوعات تتنوع ما بين خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، والتأقلم مع الظواهر المناخية المتطرفة، وتداول انبعاثات الكربون، وعدم المساواة بين الجنسين.
مرة أخرى، شهد العام الجاري الآثار المدمرة لتغير المناخ على الكوكب. فكان فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي الأشد حراً على الإطلاق على مستوى العالم، ومات 5 آلاف شخص على الأقل في ليبيا خلال عاصفة "دانيال" التي اجتاحت البحر المتوسط في سبتمبر، في حين أسفرت حرائق الغابات على جزيرة ماوي في هاواي عن مقتل 115 شخصاً على الأقل.
متى ستنعقد قمة "كوب 28"؟
ستبدأ أعمال "كوب 28 في الإمارات" يوم الخميس 30 نوفمبر، ومن المتوقع أن تنتهي يوم الخميس 12 ديسمبر. بينما يُتوقع أن تستمر المحادثات لأسبوعين، فالمعروف أنها قد تمتد ليوم إضافي أو اثنين، في ظل مناقشة الوفود للصيغة النهائية لبيان القمة.
أين ستنعقد "كوب 28"؟
تتولى الإمارات في العام الجاري رئاسة القمة، وستنعقد "كوب 28 في الإمارات" بمدينة إكسبو في دبي.
بينما أثار اختيار إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم لرئاسة المحادثات الدهشة، أشارت الإمارات إلى قوة موقفها وقدرتها على إقناع الدول الأخرى الغنية بالنفط والغاز بإحراز مزيد من التقدم في خفض الانبعاثات وبوتيرة أسرع.
ما هي "كوب 28"؟
هي قمة سنوية تجتمع فيها مئتا دولة تقريباً، تستضيفها الأمم المتحدة، لمناقشة سبل تجنب تغير المناخ الذي تسبب فيه البشر، والتأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة. وما تزال المحادثات مستمرة منذ 28 عاما، وقد أعطيت مفاوضات هذا العام عنواناً من الناحية التقنية هو الدورة الثامنة والعشرون من "مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ".
كانت الفكرة الأصلية التي ظهرت قبل 3 عقود هي إنشاء مسار متعدد الأطراف، يكون صوت كل المشاركين فيه على قدم المساواة بشأن الطريقة الأفضل التي يمكن للعالم من خلالها خفض انبعاثات الغازات الدفيئة. وفي الواقع، هناك خلافات مستعصية بين الدول الغنية والفقيرة. فتشير الدول النامية إلى أن الدول المتقدمة جنت ثرواتها خلال العقد الماضي بابتكار صناعات تقوم على الوقود الأحفوري، لذا؛ من حقها هي أيضاً أن تفعل ذلك.
أدى مسار قمم "كوب" إلى اتفاق تاريخي في باريس عام 2015، عندما وافقت كل الدول للمرة الأولى على ضمان أن يبقى الارتفاع في درجات الحرارة أدنى من درجتين مئويتين عن معدلات ما قبل الثورة الصناعية، وحددت هدفاً طموحاً بضمان ألا يتجاوز ارتفاع درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية. وتحقيق هذا الهدف يعني ضرورة خفض الانبعاثات إلى صافٍ صفري بحلول منتصف القرن الجاري.
وبينما كان اتفاق باريس لحظة تاريخية، عانت الدول للوفاء بالتزاماتها. فقد توجّب على كل عضو أن يظهر تعهداً يوضح طريقة اضطلاعه بما يجب عليه لمقاومة ارتفاع درجات الحرارة. لكن تلك الخطط لم تكفِ.
كم عدد من سيحضرون "كوب 28"؟
من المتوقع أن تكون قمة العام الجاري هي الأكبر على الإطلاق. وقد أحسنت الإمارات الاستعداد لاستضافة مؤتمر عملاق بتوفير عدد كبير من غرف الفنادق في دبي، وأحد أكثر المطارات اتصالاً بالعالم.
حضر قمتي "كوب 21" في باريس و"كوب 26" في غلاسغو أكثر من 40 ألف مشارك مسجل. في حين سجل 33 ألف شخص لحضور قمة كوب 27 في مصر.
من يمكنه حضور "كوب 28"؟
يكمن المفاوضون في صلب "كوب 28 في الإمارات"؛ حيث سيمضي مسؤولون من 197 دولة أسبوعين خلف الأبواب المغلقة للانخراط في مناقشة تفاصيل الاتفاقات المفترض أن توجه العمل على التصدي لتغير المناخ. غالباً ما يرافق المفاوضين وزراء، وفي بعض الأحيان، رؤساء وزعماء الدول الذين يمكنهم المساعدة على التوصل إلى اتفاق.
لكن الحضور لا يقتصر على المسؤولين الحكوميين؛ إذ يحضرها أعضاء مؤسسات المجتمع المدني إلى جانب الشركات أيضاً، لعرض آرائهم على هامش القمة. وبالتأكيد، يعُج المكان بالصحفيين الذين ينقلون ما يحدث إلى العالم الواسع.
ما أهمية "كوب 28"؟
سيشهد العام الجاري المرة الأولى التي تقيّم فيها الدول مدى التقدم الذي أحرزته في التصدي لمواجهة المناخ منذ اتفاق باريس المُوقع في 2015. لكننا نعرف الإجابة من قبل: الدول لم تتقدم بالسرعة الكافية في خفض الانبعاثات حسب الوتيرة التي تعهد بها اتفاق باريس. المُفترض أن يضغط التقييم على الدول لتسريع وتيرة التقدم.
بعد "كوب 28 في الإمارات"، ستنال الدول فرصة حتى عام 2025 لتقديم خططها الوطنية الجديدة لمكافحة تغير المناخ، والتي ستحدد حقاً إذا ما كان العالم يسير في الاتجاه الصحيح أم لا.
تضغط بعض الدول الغنية، لا سيما في أوروبا، لتقديم تعهدات أكثر صرامة، مثل التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري وبلوغ "سقف" للانبعاثات لا تتجاوزه بحلول 2025. وهو مطلب يصعب على عديد من الدول النامية تحقيقه، مثل الهند التي تعتبر الوقود الأحفوري عاملاً حاسماً لنموها الاقتصادي.
ستضطلع "كوب 28 في الإمارات" أيضاً بدور حاسم في تمويل العمل المناخي، فلم تتمكن الدول الغنية قط من الوفاء بتعهداتها بتوفير 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول الفقيرة على التعامل مع أسوأ آثار تغير المناخ. وفي العام المقبل، سيسعى المفاوضون إلى التوصل إلى اتفاق على هدف جماعي جديد لتمويل العمل المناخي بعد عام 2025. في البداية، طُلب من الدول الغنية المسؤولة عن معظم الانبعاثات التاريخية المشاركة في التمويل، لكن دولاً، مثل غانا، تطالب في الفترة الحالية بتوسيع مجموعة المساهمين لتشمل الاقتصادات الكبرى مثل الصين، أكبر مصدر في العالم للغازات المسببة للاحترار العالمي.
هل تُخفق "كوب 28"؟
الإخفاق الحقيقي لقمة المناخ هو عدم الاتفاق على إحراز أي تقدم بنهاية الأسبوعين. حدث هذا في مدريد عام 2019، إذ انتهت "كوب 25" بالفشل عندما لم يتمكن الأطراف من التوصل إلى توافق على البيان الختامي في مجالات مختلفة. كما اعتُبرت "كوب 21" في كوبنهاغن عام 2009 فاشلة على نطاق واسع؛ فلم يتمكن المفاوضون من التوصل إلى اتفاق ملزم لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، كان المفترض أن يحل محل بروتوكول كيوتو، الذي انتهت صلاحيته في 2012.
حتى إذا اتفق المشاركون على نص نهائي، ستظل دول عديدة -لا سيما الدول الجزرية الصغيرة- تُعتبر القمة فاشلة، إلا إذا التزمت بلهجة شديدة وقوية بالتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري وإبقاء الاحترار العالمي أدنى من 1.5 درجة مئوية. ويكمن الخطر في قمة هذا العام أن رئيسها قد لا يكون محايداً بما يكفي للتوسط في عقد اتفاق مع جميع الأطراف.
من هو رئيس "كوب 28"؟
عيّنت الإمارات الدكتور سلطان أحمد الجابر رئيساً لـقمة "كوب 28 في الإمارات". يترأس الجابر أيضاً مجلس إدارة "بترول أبوظبي الوطنية" (أدنوك) وهي أكبر شركة منتجة للنفط مملوكة للحكومة في الإمارات، وأدى ذلك إلى تشكك عدد من نشطاء البيئة في قدرته على التزام الحياد، في ظل احتدام المفاوضات خلال القمة.
لكن مؤيديه يلفتون إلى أن الجابر يترأس مجلس إدارة "مصدر"، شركة الطاقة المتجددة التي تملكها الدولة وأحد أكبر مطوري الطاقة الشمسية في العالم، وأن المهمة التي سيضطلع بها هي توحيد صف مئة وسبع وتسعين دولة مشاركة في القمة، وتسخير مهاراته الدبلوماسية لمساعدة الدول على تجاوز خلافاتها، والتوصل إلى اتفاق نهائي.