ليست السيارات الكهربائية كلها على قدم المساواة، ولا الشركات التي تصنعها. رغم ذلك، يحب المستثمرون وضع هذه الشركات في سلة واحدة، وتخفى عليهم الفروق الدقيقة باستمرار.
الثنائي المفضل هذه الأيام هو شركة "تسلا" مقارنة بشركة "بي واي دي" (BYD) المدعومة من شركة "بيركشاير هاثاواي". برز البحث عن أوجه التشابه بين الشركتين بشكل خاص بعد أن تجاوزت مبيعات سيارات "بي واي دي" مبيعات "تسلا" في عام 2022 في الصين. تتنافس أكبر شركات صناعة السيارات الكهربائية في العالم في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتتنافس على المركز الأول - فما الذي لا يمكن مقارنته؟
في الواقع، أمور كثيرة.
لنبدأ بالأساسيات. في ديسمبر، باعت "بي واي دي" 235,197 سيارة في الصين. من بينها 122,659 من المركبات الهجينة القابلة للشحن الخارجي، والباقي عبارة عن مركبات تعمل بالبطاريات الكهربائية فقط. في عام 2022، باعت الشركة أكثر من 900 ألف من كل نوع. في المقابل، صنعت "تسلا" 55,796 مركبة كهربائية في الصين الشهر الماضي، وأكثر من 700 ألف خلال العام الماضي.
اختلاف جذري
بصورة أساسية، تتنافس الشركتان فيما يسميه المستثمرون بـ"شريحة المنتج" – التي هي جزء يسير مما تفعله الشركة. إليكم كيف يحدث الأمر: تعمل السيارات الهجينة والمركبات التي تعمل بالبطاريات الكهربائية فقط على تقنيات ومحركات مختلفة اختلافاً جذرياً.
تكلفة تصنيع السيارة وسعر بيعها يتغير اعتماداً على كفاءتها ومداها وأدائها. يمكن أن تصل أسعار السيارات الهجينة إلى نصف سعر السيارات الكهربائية أيضاً. لكن مزايا إحداها عن الأخرى هو نقاش منفصل تماماً.
يقول العديد من النقاد (كما تعتقد منظمة السلام الأخضر) إن المركبات الهجينة القابلة للشحن الخارجي هي ليست حتى سيارات خضراء – بل إنها أشبه بذئب في ثياب حمل. لكن شركات من أمثال "تويوتا موتور" تقول إنها بمثابة حل للامتثال. لكننا سنترك الأمر عند هذا الحد في هذه المرحلة. سواء كان ذلك جيداً أم سيئاً، فاستخلاص أوجه تشابه شاملة هو أمر أخرق.
توقعات هامة لراغبي اقتناء سيارة كهربائية في 2023
تنافس متعدد الأوجه
تستخدم "بي واي دي"، و"تسلا" استراتيجيات مختلفة إلى حد كبير لأنهما تمتلكان نماذج أعمال مختلفة تماماً. الأمر ليس ببساطة أي من الشركتين يمكنها أن تنتج سيارات أكثر بشكل أسرع. إذ بدأت "بي واي دي" كشركة بطاريات، وباتت الآن تُصنّع وتبيع السيارات.
أمَّنت "بي واي دي" وصولها إلى أكوام المواد الخام اللازمة لصنع المركبات الكهربائية وبطارياتها، إذ لديها سيطرة مُحكمة على سلاسل التوريد، وتحركت نحو نموذج أكثر تكاملاً رأسياً، ورافق ذلك تحقيقها لنجاح في التكنولوجيا.
على الرغم من حديث إيلون ماسك حول امتلاك مناجم الليثيوم، لا تزال "تسلا" تعتمد على شبكتها الطويلة والراسخة مع الموردين في الصين. إذ تحصل على وحدات تحويل الطاقة من أكبر شركة مصنعة لها في العالم، وهي شركة "كونتيمبوريري امبيريكس تكنولوجي"، وتستفيد أيضاً من "بي واي دي".
سيارات تسلا أرخص 40% بالصين عن أميركا بعد خفض جديد بالأسعار
استراتيجيات متباينة
إذا نظر المرء إلى هاتين الشركتين من هذه الزاوية، فإن تحركاتهما المتعاكسة في الأشهر الأخيرة منطقية. غيّرت "بي واي دي"، و"تسلا" استراتيجياتهما بعد سحب دعم صيني للسيارات الكهربائية عمره عقود في نهاية العام الماضي. رفعت "بي واي دي" أسعار سياراتها، وأصدرت مجموعة فاخرة من المركبات الكهربائية تشبه طرازات "لاندروفر ديفندر" أو "جي واجون" التي تنتجها مجموعة "مرسيدس-بنز"، وحركتها تشبه سيارات "لامبورغيني"، وتكلّف أكثر من مليون يوان (147,721 دولاراً أميركياً).
في غضون ذلك، خفضت "تسلا" الأسعار واغتنمت عمليات الإغلاق في البلاد كفرصة لخفض الإنتاج. كما قدمت حوافز للمستهلكين في ديسمبر. قد يعزو البعض ذلك إلى استقرار نمو الطلب، الذي من المتوقع على نطاق واسع أن يتباطأ إلى حوالي 30% (مقابل حوالي 90% العام الماضي) أو إلى المنافسة المتزايدة أو حتى إلى الطاقة الإنتاجية الزائدة.
يبدو أن "تسلا" قد استفادت من ضعف أسعار بعض المواد الخام والمكونات التي كانت مرتفعة للغاية خلال الأشهر الأخيرة في الصين. "تسلا" لا تؤمن إمداداتها من المواد الخام بنفس مستوى "بي واي دي". من المحتمل أن يشير خفض أسعار السيارات إلى نيتها الاستفادة من الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية التي يقل سعرها عن 300 ألف يوان.
"تسلا" تُؤمِّن معادن البطاريات بصفقات صينية طويلة الأجل
استهداف السوق الصينية بطرق مختلفة
من المتوقع أن تنمو المبيعات 50% في المدن الصينية التي تنتمي إلى الدرجة 3 و4 حيث الدخل أقل. تعمل الشركة على تجديد وتبسيط طرازها "تسلا مودل 3" لخفض تكاليف الإنتاج، من المتوقع أيضاً أن تطلق طرازين جديدين هذا العام. يمكنك أن ترى ذلك على أنه تحول بدرجة أكبر نحو نهج السوق واسع النطاق.
من جانبها تحولت "بي واي دي" إلى الاستفادة بدرجة أكبر من المركبات الكهربائية الفاخرة. إلى جانب طرازاتها التي تحظى بشعبية والتي تتراوح أسعارها بين 100 ألف و200 ألف يوان، فإنها تريد اختراق مدن من الدرجة الأولى والثانية حيث سيزداد الطلب على المنتجات الفاخرة محلية الصنع (تُرفع القبعة للرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن مبادرة الرخاء المشترك). لذا دعونا نقول فقط إن قلة من الناس يريدون أن تتم رؤيتهم وهم يقودون سيارة "بورشيه" الكهربائية متعددة الاستخدامات على طرق بكين هذه الأيام.
نمت مبيعات المركبات الهجينة على نحو مطرد، ومن المتوقع أن تظل قوية، حيث تم إدراجها في قوائم الدعم الحكومي.
الصين تحقق أعلى صادرات شهرية للسيارات الكهربائية على الإطلاق
مقارنة عقيمة
يمكننا، بلا شك، مناقشة النهج الأفضل، أو من الذي يصنع المنتج الأفضل. رغم ذلك، بالنسبة للمستثمرين، كل هذا يعني أن حساب توقعات نمو الأرباح، والهوامش، وتكاليف التشغيل يختلف اختلافاً كبيراً.
لكن مقارنة مضاعف الربحية المستقبلي للشركتين لا معنى لها.
الآن بعد أن بدأت الشركتان بالكاد إظهار المقدار الذي يمكنهما تصنيعه فعلياً، فإن الأمر يستحق إلقاء نظرة أعمق. في الأسبوع الماضي، عندما خفضت "تسلا" أسعار سياراتها، تراجعت أسهم شركات تصنيع السيارات الكهربائية حديثة العهد.
إن شركات مثل "لي اوتو" (Li Auto) لديها طرازات مختلفة للمركبات الكهربائية، ولكن هل هي كذلك حقاً؟
يحتوي طراز "لي وان" - على سبيل المثال - على بطارية مدعومة بما يسمى بـ"نظام تمديد النطاق"، الذي هو فعلياً محرك احتراق داخلي موفر للوقود. أي ببساطة، بطارية يساعدها خزان وقود. شركة "نيو"، تتبنى استراتيجية تعتمد على إمكانية تبديل البطارية والتأجير التمويلي لسياراتها، مما يعني أن القيمة الأساسية للسيارة لا تكمن في وحدات تحويل الطاقة كما هو الحال بالنسبة للسيارات الكهربائية الأخرى.
السيارات الكهربائية تشكل 4% فقط من إجمالي الإنتاج في أميركا
على عكس صناعة السيارات التقليدية، حيث كانت جميع السيارات عبارة عن محركات تعمل بالوقود ذات أربع عجلات، وذات أحجام مختلفة من المحركات، فإن المركبات الكهربائية هي تكنولوجيا متطورة وتُقدّم حالة أكثر تميزاً. إن تصنيعها لا يشبه صناعة البطاريات التي يستخدمونها. لذا نظراً لأن السيارات الخضراء أصبحت أكثر شيوعاً، فقد حان الوقت لإجراء عملية إعادة تقييم لتجنب المفاجآت غير السارة.