بلومبرغ
إن كنت قد تابعت "ليلة الأحد لكرة القدم" (Sunday Night Football) على قناة "إن بي سي" (NBC) الأمريكية في الخريف الماضي، فعلى الأرجح شاهدت إعلان "هيونداي" (Hyundai) المسمى "بطاقة البنزين" أو "غاز كارد" (Gas Card)، الذي يسير على النحو التالي: يعطي الأب ابنته بطاقة هدية لمحطة وقود، لكنها لا تستخدمها أبداً لأنها تقود سيارة "توسون" هجينة تعمل بالكهرباء من "هيونداي"، ثم تعيد إليه البطاقة في عيد ميلاده. هذا الأسلوب، كما هي الحال في أماكن أخرى ضمن حملة "هيونداي" لترويج سياراتها الرياضية متعددة الاستخدامات الكهربائية الجديدة، مألوف لأي مشاهد عادي للتليفزيون الأمريكي: قليل من الفكاهة الخفيفة تتكشف في مكان مشمس، مع عشب فناء المنازل مشذب جيداً، وحركة مرور خفيفة، وجيران ودودين.
اقرأ أيضاً: ما ينبغي متابعته في أخبار السيارات في 2022
تقول أنجيلا زيبيدا، كبيرة مسؤولي التسويق في "هوينداي موتور أمريكا" (Hyundai Motor America): "نريد أن نترك انطباعاً بأنها جزء من علامتنا التجارية. نحن نحاول أن نستأثر بجزء من قلوبهم وندخل إليه الفرح".
اقرأ المزيد: عمالقة صناعة السيارات يعدّون العدّة للإطاحة بإيلون ماسك
زيادة التركيز
كانت حملة "هيونداي" جزءاً من عام فاصل في الإعلان عن السيارات الكهربائية. بدأ عديد من صانعي السيارات الرئيسيين، وللمرة الأولى، في منح نوع من الدفع للسيارات الكهربائية على الصعيد الوطني المخصص عادةً لنماذج محركات الاحتراق الأكثر مبيعاً.
عرضت العلامات التجارية للسيارات مجتمعة إعلانات تليفزيونية على الشبكات الوطنية لسيارات كهربائية في عام 2021، تعادل أربعة أضعاف تلك التي عرضتها في أي من العامين الماضيين. أنفقت شركات "جنرال موتورز" و"فورد موتور" و"فولكس واجن" وغيرها نحو 248 مليون دولار على 33 ألف موقع تقريباً، في زيادة على مبلغ 83 مليون دولار الذي أُنفق على 8,000 إعلان تجاري في عام 2019، وفقاً لبيانات شركة التحليل التسويقي "إي دي أو" (EDO). وفي المقابل تراجعت إعلانات الطرازات التقليدية بأكثر من 35 ألف بث إعلاني، إذ خفضت شركات صناعة السيارات ميزانياتها التليفزيونية الوطنية من 3.8 مليار دولار في 2019 إلى 3.1 مليار دولار في 2021.
اقرأ أيضاً: انتعاش المركبات الكهربائية يحفز تعافي مبيعات السيارات بالصين في 2021
لدى "جنرال موتورز"، على سبيل المثال، تتألف الخطة الإعلانية للمركبات الكهربائية من ثلاث مراحل، وفقاً لرئيسة قسم التسويق ديبورا وال، وهي التطبيع والتخصيص والانبهار. وتقول: "إن تسارع عملية اتخاذ قرار شراء سيارة كهربائية أسرع بكثير مما كنا نظن. لقد تجاوزنا مرحلة التطبيع في أذهاننا بالفعل".
اضطراب سلاسل التوريد
يعود جزء من التحول السريع نحو تسويق السيارات الكهربائية إلى التأثير غير المباشر لاضطرابات سلاسل التوريد، وفقاً لرئيس شركة "إي دي أو" (EDO) ومديرها التنفيذي كيفن كريم. عادةً ما يقسم صانعو السيارات ميزانياتهم للإعلانات على الشبكات الوطنية بين أحداث المبيعات السنوية ("ديسمبر لا ينسى")، وإطلاق طرازات جديدة، وصقل العلامة التجارية ("فورد صُنعت صلبة"). في هذا العام، ومع نقص المعروض من سيارات محرك الاحتراق الداخلي، تراجعت العلامات التجارية عن أول فئتين: لماذا ستطلب من المستهلكين الإسراع اليوم لشراء سيارة غير موجودة؟ واستخدمت وقت البث، الذي غالباً ما تُدفع قيمته مقدماً لفترة طويلة، لبدء حث المشترين على التفكير في السيارات الكهربائية.
يقول كريم: "إنه لمن المذهل حقاً أنه رغم أن الجميع رأوا السيارات الكهربائية قادمة منذ فترة طويلة جداً، فإنّ أحداً لم يرسل هذه الرسالة فعلياً على أي نطاق، حتى لم يعُد هناك أي سيارات تقليدية فجأة، لذلك يمكنك أيضاً بيع المستقبل".
تجاوب المستهلكين
ما إن بدأ صانعو السيارات في استكشاف هذا المجال حتى وجدوا استجابة مرحبة من المستهلكين. تتتبع "إي دي أو" (EDO) عمليات البحث عبر الإنترنت عن العلامات التجارية والمنتجات لقياس أداء الإعلانات. عادةً، عند بث الإعلان، سيبحث جزء من المشاهدين عبر الإنترنت للحصول على مزيد من المعلومات. يقول كريم إن إعلانات السيارات الكهربائية تتفوق في الأداء على مواقع السيارات التقليدية في هذه النتيجة. على سبيل المثال، كان احتمال أن يبحث المشاهدون الذين شاهدوا إعلاناً لسيارة "أودي" (Audi) الكهربائية عن العلامة التجارية عبر الإنترنت مقارنة بالمشاهدين الذين شاهدوا إعلاناً لأحد طرازات سيارات محركات الاحتراق الخاصة بالعلامة التجارية أكثر بنسبة 90%.
حققت "أودي" أكبر تحول دراماتيكي. فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية تغيَّر تخصيص إعلاناتها من أغلبية لسيارات محرك الاحتراق إلى أغلبية للسيارات الكهربائية. في عام 2019، أنفقت هذه العلامة التجارية الألمانية 22 مليون دولار تقريباً على إعلانات السيارات الكهربائية على مستوى الولايات المتحدة، و56 مليون دولار على الطرازات التقليدية، ثم في عام 2021 أنفقت 54 مليون دولار على السيارات الكهربائية و13 مليون دولار على الباقي.
ليست تنازلاً
بالنسبة إلى "أودي"، يُعَدّ التبديل ضرورة وجودية، وفقاً لجيسيكا ثور، مديرة استراتيجية حملات التسويق في الشركة. في هذا العام صرحت شركة صناعة السيارات الألمانية بأنها ستقدم طرازات سيارات كهربائية أكثر من أي علامة تجارية أخرى، وقد التزمت أن تصنع آخر سيارة بمحرك احتراق داخلي لها في عام 2026. تقول ثور: "يُظهِر كثير من أبحاثنا أن الناس ينظرون إلى السيارات الكهربائية على أنها السيارة التي سيشترونها تالياً. نحن نحاول سد تلك الفجوة بالنسبة إليهم، وإظهار أن السيارة الكهربائية ليست تنازلاً في الواقع".
حتى هذا العام، لم يكن يوجد تاريخ للإعلانات عن السيارات الكهربائية. تشتهر شركة "تسلا"، الشركة الرائدة في السوق، بأنها لا تعلن، وقد أهملت شركات صناعة السيارات القديمة في الغالب النماذج الكهربائية القليلة التي قدمتها. في كثير من الحالات، كانت السيارة الكهربائية تخسر المال، أو ما يسمى بـ"سيارات الامتثال"، المصممة لتلبية متطلبات الانبعاثات الفيدرالية والخاصة بالولاية. كان الإعلان مقصوراً إلى حد كبير على الوسائط الرقمية والبريد المباشر وخيارات أخرى منخفضة التكلفة تستهدف المستهلكين الذين أبدوا اهتماماً. إذا كنت من أوائل متبنّي السيارات الكهربائية في ولاية لها اشتراطاتها من السيارات الكهربائية على شركات صناعة السيارات، فقد تكون شاهدت لافتة على الإنترنت، ولكن هذا كل شيء.
تقول زيبيدا من "هيونداي": "لقد ركزنا حقاً في السابق على إيصال مزيد من الرسائل على المستوى الإقليمي. كنا نرسل كثيراً من رسائل البريد المباشر، وكثيراً من رسائل البريد الإلكتروني، والإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية".
تغير الأولويات
يتغير هذا مع تخصيص العلامات التجارية القديمة لمزيد من الموارد لصنع سيارات كهربائية تجذب نوعاً جديداً من المشترين. تقول كارنا كروفورد، مديرة اتصالات التسويق في شركة "فورد"، مشيرة إلى إطلاق سيارة "موستانغ ماك إي" (Mustang Mach-E) و"إف-150 لايتنينغ" (F-150 Lightning) في الربيع: "نتبع الآن استراتيجية مختلفة لأننا نجعل من سيارتنا الأيقونية كهربائية. هذا يعني أننا نمنح هذه السيارات الأولوية ونعتبرها مركزية لاستراتيجيتنا التسويقية". في عام 2019، بثت شركة "فورد" أقل من 100 إعلان للسيارات الكهربائية، وفقاً لـ"إي دي أو". أما في عام 2021 فقد بلغ عددها 1,500 تقريباً.
تثقيف المستهلكين
سيتطلب تعميم استخدام السيارات الكهربائية تثقيف المستهلكين. تقول زيبيدا: "نحن لا نفترض فقط أن الناس يعرفون عن هذه التكنولوجيا والآن هم يجرون مقارنات تسوق فحسب، الأمر يتعلق بالتعليم". باستخدام المصطلحات الدراجة في الصناعة فإنّ جميع العلامات التجارية "تبيع الفئة"، في محاولة لإقناع المستهلكين بأن السيارات الكهربائية ليست حجَر رحى يمنعك من الابتعاد عن المنزل، ولكنها تقنية جديدة مبهجة تسمح لك بتخطي محطة الوقود. يقول وال، من "جنرال موتورز": "الأمر لا يتعلق حقاً بالإعلان، بل يتعلق بتأسيس حركة".
في ما يتعلق بسيارة "إف-150 لايتنينغ"، تسلط "فورد" الضوء الأولي على الجزء الأمامي الفسيح، وتُظهِر استخدام المالكين للشاحنة لتزويد منازلهم بالطاقة في أثناء انقطاع التيار. يقول كروفورد: "هذه الميزات والوظائف عبارة عن قصص لا يمكن سردها عندما كنا نروّج لسيارات محركات لاحتراق الداخلي".
مع مرور الوقت، وفي حال نجاح الإعلانات، ستظهر العلامة التجارية قبل نوع المحرك في أذهان المستهلكين. ومع ظهور مزيد من الطرازات في السوق، يمكن للعلامات التجارية العودة إلى التمييز بين المنتجات. ستكون العلامة الأكيدة على نضوج سوق السيارات الكهربائية عندما تدور الإعلانات حول الرافعات المركبة على بوابات الصندوق الخلفي ومكبرات الصوت والمفروشات.
تقول ثور: "نريد أن نُظهِر أنها (أودي)، والأهم أنها تعمل بالكهرباء".