بلومبرغ
سرعان ما أصبح مصطلح "صافي الانبعاثات الصفرية" (Net zero) جزءاً من معجم وول ستريت ومدينة لندن، لكن لا يوجد إجماع حول ما يعنيه، الأمر الذي يضع الأساس للتحريف والإرباك.
للمساعدة في توجيه صناعة التمويل، نشرت مبادرة "الأهداف المستندة إلى العلم" (SBTi) - التي تصادق على سياسات المناخ التي تتبعها الشركات، والتي قدمت معيار صافي الصفر للشركات الشهر الماضي - تقريراً يوم الأربعاء يهدف إلى توفير أساس للتوصل إلى إجماع.
وقالت المبادرة إنه ينبغي النظر إلى الوثيقة على أنها "خطوة أولى" لتطوير معيار "صافي الصفر" المستند إلى العلم للمؤسسات المالية.
دول مجموعة العشرين تتفق على حصر الاحتباس الحراري بـ1.5 درجة مئوية
تعريف موحد
يعد هذا العمل مهماً لأن أكبر البنوك ومديري الصناديق في العالم التزموا بانبعاثات خالية من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050 كجزء من "تحالف جلاسكو المالي لصفر انبعاثات" الذي أعلن عنه مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا السابق، والذي يشغل حالياً منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بالعمل والتمويل المناخي.
وقالت مبادرة "الأهداف المستندة إلى العلم": "إن عدم وجود مبادئ وتعاريف ومقاييس وأدلة متناسقة للاستراتيجيات الفعالة لتحقيق الأهداف، يحد من قدرة المؤسسات المالية على دعم الحد من الانبعاثات في الاقتصاد الحقيقي المطلوب لتثبيت درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة".
في قمة "جلاسكو".. زعماء العالم يسعون إلى تفادي كارثة مناخية
في هذا السياق، قالت سينثيا كوميس، المديرة الفنية والشريكة المؤسسة لمبادرة "الأهداف المستندة إلى العلم"، إن غياب الاتساق "حول ما يعنيه صافي الصفر يسمح للمؤسسات المالية بأن تدَّعي أنها تفعل أكثر مما هي تفعله في الحقيقة، ويجعل التحقق من أي ادعاءات مستحيلة".
تحالف "جلاسكو"
تأتي مبادرة توفير المزيد من الشفافية لتعهدات صافي الصفر في الوقت الذي أعلن فيه "تحالف جلاسكو المالي لصفر انبعاثات"، الذي يرأسه كارني، أن لديه حالياً التزامات عبر الصناعة المالية العالمية تمثل 130 تريليون دولار.
تحالف "جلاسكو المالي" يقود معركة التغير المناخي مُتسلِّحاً بـ130 تريليون دولار
عقدت الأمم المتحدة اجتماعات "تحالف جلاسكو المالي لصفر انبعاثات" في أبريل الماضي، والتي تضم ست مجموعات تغطي جميع أنحاء الصناعة المالية.
وتولى مايكل بلومبرغ، مالك ومؤسس شركة "بلومبرغ نيوز" الأم، منصب الرئيس المشارك للتحالف.
ومن خلال توفير الدعم المالي للأعمال الملوثة، فإن البنوك ومديري الأصول وشركات التأمين هي العوامل التمكينية الكبرى للاحترار العالمي. ويمكنهم استخدام نفس النفوذ لدفع الشركات التي يُقرضونها ويستثمرون فيها لإزالة الكربون من عملياتهم، ومن خلال الاستثمار في التقنيات الخضراء.
الطريق نحو خفض الانبعاثات
على عكس الشركات، فإن الجزء الأكبر من مساهمة البنوك في تغير المناخ لا يأتي من عملياتها، بل من التمويل الذي تقدمه. إذ قالت مبادرة "الأهداف المستندة إلى العلم" إنه لكي تساعد الشركات المالية في مواءمة الاقتصاد العالمي مع أهداف "اتفاقية باريس" للمناخ، ينبغي أن تستخدم "نفوذها المشترك ومسؤوليتها لمواءمة الحوافز وإزالة الحواجز أمام خفض الانبعاثات".
جرى تحديد توقيت تقرير مبادرة "الأهداف المستندة إلى العلم" ليصدر في "يوم التمويل" خلال "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021".
وقالت المبادرة إنها تستكشف ثلاثة مناهج واسعة لكيفية وصول الشركات المالية إلى صافي انبعاثات صفرية: تقليل ما يسمى بـ"الانبعاثات الممولة" بما يتفق مع مسارات إزالة الكربون بمقدار 1.5 درجة مئوية لكل قطاع؛ مواءمة "جميع أنشطة التمويل مع مسارات صافي الصفر ذات الصلة، بحيث يحقق كل أصل فردي حالة صافي صفر"؛ وتمكين المؤسسات المالية من "المساهمة في صافي الصفر بطريقة تضمن تمويل الانتقال لكل من أنشطة إزالة الكربون وتحول واضح لتمويل المزيد من الحلول المناخية".
كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى مجموعة أكثر صرامة من التعريفات حول صافي الصفر.
ففي خطاب ألقاه مؤخراً، قال إن "هناك عجزاً في المصداقية وفائضاً من الارتباك بشأن تخفيضات الانبعاثات وأهداف صافي الصفر، بمعاني مختلفة ومقاييس مختلفة".
لهذا السبب، قال غوتيريش إنه يخطط لإنشاء لجنة خبراء "لاقتراح معايير واضحة لقياس وتحليل الالتزامات الصفرية الصافية من الجهات الفاعلة غير الحكومية".