أزمة الكهرباء الأوروبية تظهر فوضوية الانتقال للطاقة النظيفة

time reading iconدقائق القراءة - 12
مزرعة طاقة شمسية وعنفة توليد كهرباء من الرياح. التخزين يهدف لاستخدام الطاقة المتجددة عند احتحاب الشمس وسكون الريح. - المصدر: بلومبرغ
مزرعة طاقة شمسية وعنفة توليد كهرباء من الرياح. التخزين يهدف لاستخدام الطاقة المتجددة عند احتحاب الشمس وسكون الريح. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يظهر الارتفاع العالمي بأسعار الكهرباء مدى فوضوية الانتقال إلى أنواع طاقة أنظف، وأحد الحلول لتقلب تكاليف الوقود الأحفوري هو مزيد من المصادر المتجددة.

إذا نظرنا إلى أوروبا على سبيل المثال، كانت سرعة الرياح أدنى من المتوسط هذا العام، ما أدى لاعتماد أكبر على الغاز الطبيعي. تزامنت هذه الظاهرة مع أزمة عالمية في المعروض، ما دفع الأسعار أكثر لأعلى وعادت محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم الأكثر تلويثاً للبيئة للعمل. لا يعطي هذا صورة جيدة عن الاتحاد الأوروبي الذي يروج لاستراتيجية خضراء طموحة أو عن بريطانيا التي من المقرر أن تستضيف محادثات المناخ العالمية في جلاسكو في نوفمبر.

قال توبي كوتشور، وهو مدير لدى شركة "إي 3 أناليتكس" (E3 Analytics) الاستشارية: "فيما بدأنا بالتخلص تدريجياً من التوليد من الفحم والطاقة النووية المتواجدة في النظام منذ عقود، ظهرت خطورة ارتفاع الأسعار أكثر... إذا بدأ ذلك في تهديد ثبات تدفق الكهرباء ولرفع حاد في الأسعار التي يدفعها الناس مقابل الكهرباء، فسيقود إلى مقاومة سياسية كبيرة".

لم يتحقق ذلك على نطاق واسع في أوروبا رغم بعض المخاوف، وأحد الأسباب المحتملة هي أن القارة لم تواجه خطر انتشار انقطاع التيار على نطاق واسع مثل ذلك المشهود في كاليفورنيا وتكساس ونيويورك العام الجاري. السبب الآخر أن تكاليف الطاقة كنسبة من الدخل لا تزال دون المستويات التاريخية. أو ربما هو انعكاس لقبول الأوروبيين، الذين يصنفون التغير المناخي كواحد من أكبر المخاوف، لأسعار الطاقة الأعلى قليلاً إذا كان ذلك سيؤدي إلى عالم انبعاثات الكربون فيه أقل.

أسعارها أقل تقلباً

لا ينبغي أن تثير أسعار الوقود الأحفوري المكلفة الدهشة، وأصبحت أسعار الطاقة الشمسية والرياح حاليا أقل من الغاز أو الفحم في أغلب أجزاء العالم، وفقا لمجموعة البحث "بلومبيرغ إن إي إف" (BloombergNEF)، كما أن أسعار المصادر المتجددة أقل تقلباً بكثير لأن تكاليف سعر الطاقة المستخرجة من الشمس والرياح تثبت عند تركيب معداتها فيما تتأثر أسعار الوقود الأحفوري بكثير من العوامل بدءا من الحوادث في الحفارات إلى الجغرافيا السياسية.

يبرز تباين التكلفة ذلك بوضوح في أوروبا؛ لأن سوق الكربون في الكتلة يستهدف تثبيط الاستثمار في مصادرة الطاقة الملوثة. يتوجب على مشغلي محطات الكهرباء أن يدفعوا مقابل كل طن من ثاني أكسيد الكربون يتسببون بانبعاثه، حيث تضاعفت الأسعار تقريبا العام الجاري إلى 60 يورو (72 دولارا) للطن، مرتفعة بأكثر من 18% منذ منتصف يوليو مع تحول المزيد من المرافق عن الغاز إلى الفحم الذي يولد الكثير من ثاني أكسيد الكربون.

رفعت الشركات والمستثمرون الأسعار عبر شراء الرخص هذا العام تحسباً لتراجع العرض نتيجة خطط الاتحاد الأوروبي لتسريع خفض الانبعاثات. توقع محللو "بلومبيرغ إن إي إف" في مارس أن يصل سعر الكربون إلى 60 يورو بحلول 2024، وبعد بضعة أشهر كانوا يتوقعون بالفعل أسعاراً تصل إلى 65 يورو بحلول نهاية العام الجاري.

الأحفوري ليس الحل

أصبحت اقتصاديات الكربون التي كان من المتوقع أن تأتي بعد سنوات من الآن موجودة بالفعل، ومع هذه السياسات القوية المعمول بها، فإن الاستجابة لارتفاع أسعار الكهرباء، ليس المزيد من الوقود الأحفوري، ولكن المزيد من المعروض من مصادر الطاقة المتجددة. قال كوتشور: "ما نراه في أسواق الكهرباء يمكن تجنبه بالتأكيد... لا يلزم أن تكون أسعار الكهرباء مرتفعة كما هي الآن، وإنما نحن فقط بحاجة إلى أن نكون جادين بشأن توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة".

لننظر إلى ما يحدث في إسبانيا، حيث تضاعفت أسعار الكهرباء أكثر من ثلاثة أضعاف العام الجاري لتصل إلى أكثر من 150 يورو لكل ميغاوات/ساعة، وهو ما يرجع جزئياً لسرعات الرياح المنخفضة، ولكن أيضاً بسبب قلة استثمار إسبانيا في الطاقة الشمسية رغم تمتعها بأفضل مستوى لأشعة الشمس في أوروبا. صححت إسبانيا مسارها في السنوات الماضية، لكن المعروض الجديد لم يكن جاهزاً في الوقت المناسب لتجنب أزمة الكهرباء الحالية، ما دفع الحكومة لمحاولة تسريع البناء.

في نهاية المطاف، ستتوفر إمدادات غاز جديدة وستنخفض الأسعار. التزم العديد من دول الكتلة بالتخلص التدريجي من الفحم بحلول 2025، لذا فإن العودة إلى أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثا لن يكون خياراً في المستقبل. يجب أن نشهد تغلغلاً كبيراً في مصادر الطاقة المتجددة خلال بضع سنوات مع التقنيات الداعمة، مثل الهيدروجين أو بطاريات الجيل التالي.

تظهر مسارات الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 كمنحنيات سلسة في العروض التقديمية للمحللين. يشكل الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء الأوروبية تذكيراً بأن الواقع سيكون مختلفاً جداً.

تصنيفات