انظر ما إذا كان يمكنك معرفة أي من نقاط البيانات هذه تتعارض مع النقاط الأخرى: نما الاقتصاد الأمريكي بمعدل سنوي ومعدل تضخم بنسبة 6.5% في الربع الأخير؛ وأضاف حوالي 850 ألف وظيفة في الشهر الماضي.
ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 5% خلال العام الماضي؛ وانخفض عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات مؤخراً إلى 1.2%.
إذا خمنت عائد سندات الخزانة، فأنت على حق. إذ يتعارض مثل هذا السعر المنخفض للفائدة طويلة الأجل تماماً مع النمو الاقتصادي السريع والمكاسب القوية في الوظائف والتضخم المرتفع. والنتيجة!
توافق مع توقعات "المركزي"
لنبدأ تمرين التدقيق والفحص بتحليل عائد الخزانة الاسمي إلى جزأين: التعويض عن التضخم المتوقع والعائد "الحقيقي" بعد التضخم.
بناءً على الفرق بين العوائد على سندات الخزانة الاسمية لأجل 10 سنوات وسندات الخزانة المحمية من التضخم لأجل 10 سنوات (TIPS)، تتوقع السوق أن ترتفع أسعار المستهلك بمتوسط معدل سنوي يبلغ حوالي 2.4% على مدى السنوات العشر القادمة. ليس هناك أي شيء غير عادي هنا.
يبدو أن المستثمرين يتفقون مع الاحتياطي الفيدرالي على أنه بمجرد انتهاء الارتفاع الحالي في التضخم، سيستقر التضخم في مكان ما بالقرب من متوسط هدف البنك المركزي البالغ 2%.
هذه المطابقة متقاربة بشكلٍ خاص عندما تفكر في أن مقياس التضخم المفضَّل لدى الاحتياطي الفيدرالي يميل إلى الانخفاض بمقدار ربع إلى نصف نقطة مئوية تقريباً عن توقعات سوق سندات الخزانة ضمنياً.
العائدات الحقيقية
تكمن المفاجأة في المستوى المنخفض للغاية للعائدات "الحقيقية". في الأسبوع الماضي، انخفضت عائدات سندات الخزانة المحمية من التضخم لأجل 10 سنوات إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.2%. وهذا أمر مروع ليس لأن المستوى منخفض فحسب، ولكن أيضاً لأن العوائد الحقيقية كانت تنخفض حتى مع تعافي الاقتصاد.
أرى تفسيرين رئيسيين لهذه النتيجة غير العادية. أولهما، مع تقدم سكان العالم المتقدم في العمر، تتجاوز مدخراتهم الاستثمار المرغوب - وهو اتجاه شائع من غير المرجح أن يتغير في أي وقت قريب. يؤدي هذا إلى دفع العائدات للانخفاض في الولايات المتحدة، بل وحتى في اليابان وأوروبا.
ثانياً، يشتري الاحتياطي الفيدرالي الكثير من سندات الخزانة طويلة الأجل. كان تأثير هذا التيسير الكمي واضحاً على العوائد الحقيقية منذ الوقت الذي بدأ فيه الاحتياطي الفيدرالي شراء الأصول في عام 2008: فهي تنخفض عادةً كلما زاد البنك المركزي من مشترياته. يحدث هذا لأن الاحتياطي الفيدرالي يأخذ الأوراق المالية طويلة الأجل من التداول ويستبدلها بالودائع والاحتياطيات المصرفية.
يستجيب المستثمرون بالسعي لتجديد ممتلكاتهم من الأوراق المالية طويلة الأجل، ما يؤدي إلى انخفاض العائدات.
لكن السيولة التي ينفقونها لشراء السندات تصبح ودائع ذات عائد شبه صفري لشخص آخر، ما يديم الزخم الأوسع للاستمرار في شراء الأوراق المالية ذات العوائد المرتفعة قليلاً.
ويضيف الاحتياطي الفيدرالي إلى الطلب عن طريق شراء المزيد. هذا هو سبب في أن التيسير الكمي قد يكون أقوى بكثير مما هو متوقع بشكل عام.
"الاحتياطي" يواصل شراء الأصول
الي متي سيستمر هذا؟ لا يزال الاحتياطي الفيدرالي يشتري ما قيمته 80 مليار دولار من سندات الخزانة و40 مليار دولار من السندات المدعومة بالرهن العقاري كل شهر، وربما لن يبدأ حتى في تقليص مشترياته تدريجياً إلا بعد عدة أشهر.
بلغت الودائع المصرفية 17.3 تريليون دولار في الشهر الماضي، مرتفعة من 13.4 تريليون دولار في فبراير 2020.
وتبلغ احتياطيات البنك المركزي حوالي 4 تريليونات دولار، مرتفعة من 1.6 تريليون دولار قبل الوباء.
ومع اقتراب أسعار الفائدة قصيرة الأجل من الصفر، يشعر المستثمرون أنه ليس لديهم خيار سوى الاستمرار في شراء الأوراق المالية طويلة الأجل، مع تزايد الحاجة لذلك على الأرجح نظراً لاستمرار ارتفاع أسعار السندات.
الفائدة سترتفع
في النهاية، ورغم ذلك، سيبدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإبقاء التضخم تحت السيطرة.
عند هذه النقطة، سيواجه سوق سندات الخزانة أخيراً منافسة أشد. لن يبقى الخيار محصوراً بين الودائع ذات العائد الصفري والسندات الحكومية لأجل عشر سنوات التي تحقق عائداً بنسبة 1.2%.
وبالنظر إلى رغبة الاحتياطي الفيدرالي في السماح للتضخم بتجاوز الهدف، فقد يتوجب عليه رفع أسعار الفائدة بشكل كبير، ما سيؤدي إلى ارتفاع العوائد لجميع فترات الاستحقاق.
ساعد التيسير الكمي في الحفاظ على سوق السندات الصاعدة بما يتجاوز ما يتوافق مع الأساسيات طويلة الأجل.
يشير هذا إلى أنه من الحكمة أن يستفيد المستثمرون من الارتفاع الأخير ويقوموا بسحب بعض الأموال من التداول قبل انتهاء سخاء الاحتياطي الفيدرالي.