الشرق
في مثل هذا اليوم من عام 2022 اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، ومنذ ذلك الحين يتأرجح اقتصادا البلدين وسط تداعيات مالية ونقدية متفاوتة، ففيما تلتقط معدلات النمو أنفاسها، تستمر مستويات الإنتاج والتصدير في أوكرانيا بالتراجع، فيما تشهد روسيا انخفاضاً باحتياطات النقد الأجنبي ولا يزال الروبل دون مستويات ما قبل الحرب.
فيما يلي 8 رسوم بيانية توضح عمق الأثر على اقتصادي موسكو وكييف:
عاد اقتصادا البلدين لتسجيل نموٍ بعد انكماشهما في 2022. بحسب صندوق النقد الدولي، سجّلت روسيا نمواً بلغ 3% في 2023، فيما يُتوقع أن يبلغ هذا النمو 2.6% في 2024. من جهته، نما الاقتصاد الأوكراني 2% خلال 2023، فيما يُتوقع أن ينمو بنسبة 3.2% هذا العام.
تواصل القطاعات الرئيسية للاقتصاد الروسي تكيّفها مع تداعيات الحرب، كشركات الطيران والسيارات. وفي بعض الحالات تشهد انتعاشاً، كالبنوك التي حقق معظمها أرباحاً لافتة العام الماضي، وفق تقارير نتائجها المالية.
تداعيات الحرب على اقتصاد أوكرانيا تبدو أعمق، إذ أوقعت الحرب خسائر ضخمة بأهم قطاعات الاقتصاد. تتركز الصناعات الثقيلة في شرق وجنوب أوكرانيا، حيث حققت روسيا تقدّماً عسكرياً وألحقت بالغ الضرر بتلك المناطق. وقدّر مسح من كلية كييف للاقتصاد في سبتمبر حول خسائر البنية التحتية أن الأضرار التي لحقت بالطرق والجسور والمنازل والمدارس والمستشفيات والأراضي الصالحة للزراعة بلغت 127 مليار دولار.
ارتفعت مستويات إنتاج وتصدير القمح في روسيا خلال 2023 عما كانت عليه في 2022، ويُتوقع أن يستمر هذا الارتفاع في 2024. أما في أوكرانيا فلا تزال معدلات الإنتاج والتصدير دون مستويات 2022.
في يوليو الماضي، أعلنت روسيا انتهاء اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية بعد عام تقريباً من إبرامها، ثم لمّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر لإمكانية إعادة إحيائها وفق شروط.
رغم ذلك، تتجه أسعار القمح لتسجيل أسوأ سلسلة خسائر فصلية منذ 14 عاماً، إذ أدى الحصاد الوفير في أجزاء من نصف الكرة الشمالي إلى تعويض النقص الناتج عن التوترات المستمرة في البحر الأسود بعد إنهاء اتفاق الحبوب.
كان صندوق النقد حذّراً في أكتوبر من أن تشرذم أسواق السلع، مدفوعاً بشكل أساسي بغزو روسيا لأوكرانيا، يهدد الأمن الغذائي العالمي.
شهدت صادرات الوقود الأحفوري الروسي تغيراً جذرياً في وجهتها، متأثرة بالتداعيات الجيوسياسية للحرب، فالتصدير إلى أوروبا انخفض من نحو 800 مليون يورو في بداية الربع الثاني من 2022، إلى نحو 80 مليون يورو في نهاية الربع الرابع من 2023. بالمقابل ارتفعت الصادرات إلى الصين والهند بشكلٍ أساسي.
تزامناً، تلتزم روسيا بتعهداتها لحلفائها في "أوبك+" بتخفيض الإنتاج. في يناير، خفضت البلاد حجم صادرات النفط الخام بمقدار 42 ألف طن مقارنة بمتوسط مايو ويونيو.
يُذكر أنه رغم التصعيد في البحر الأحمر، يواصل "عدد كبير" من ناقلات الوقود الوافدة من روسيا عبور مضيق باب المندب في البحر الأحمر، لتشق طريقها بعد ذلك باتجاه آسيا، رغم تجنب الكثير من وجهات الشحن الأخرى اعتماد هذا الخط البحري، وفق ما نقلته بلومبرغ عن شركة "فورتكسا".
على المستوى النقدي، تراجع سعر الروبل الروسي أمام الدولار 12% خلال العامين الماضيين، ووصل إلى نحو 93 روبل للدولار الواحد.
رغم ذلك، شهد أداء العملة الروسية تحسناً خلال الأشهر الماضية، بفضل القيود الأكثر صرامة التي فرضها المركزي الروسي، إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة، مصحوباً باستقرار الخام عند نحو 80 دولاراً للبرميل، لتصبح بذلك العملة الأفضل أداءً في العالم مقابل الدولار منذ أوائل أكتوبر.
تراجع احتياط روسيا من النقد الأجنبي بنحو 63 مليار دولار منذ اندلاع الحرب، لكن هذا الرقم لا يتجاوز 1% من إجمالي احتياطات البلاد، التي شهدت العام الماضي طفرة في الاستثمار التجاري.
وجّهت الشركات الكبيرة والصغيرة في روسيا إنفاقها لاستبدال المعدات والبرامج الأجنبية، أو إيجاد سلاسل توريد جديدة سعياً للوصول إلى أسواق بديلة. وعلى عكس التوقعات الأولية التي أشارت إلى تراجع الإنفاق الرأسمالي في روسيا بما يصل إلى 20%، شهدت البلاد زيادة بنسبة 6% في 2022، وفقاً لـ"بلومبرغ إيكونوميكس".
كذلك شهدت البلاد نمواً بالنشاط الصناعي بلغ 3.5% العام الماضي، ما يوضح تحولها إلى اقتصاد الحرب في فئات التصنيع الثلاث الأسرع نمواً، والتي تشمل سلعاً مثل القنابل والأسلحة والطائرات ومحركات الصواريخ والسفن والمركبات القتالية. في حين قفز الإنتاج ضمن فئات مثل "السلع المعدنية"، و"أجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات والبصريات"، و"وسائل النقل الأخرى" بما يصل إلى الثلث عن 2022.
تكبدت روسيا خسائر قُدّرت بنحو 4 مليارات دولار جرّاء قطع الاتصال بالإنترنت وإغلاق المواقع الإلكترونية خلال 2023، وهي الكلفة الأكبر مقارنةً بباقي بلدان العالم.
شكلت "الحرب الإلكترونية" جزءاً لا يتجزأ من الصراع الروسي-الأوكراني. كذلك، حظرت موسكو بعض مواقع التواصل بعد اندلاع الحرب، من بينها "فيسبوك" و"إنستغرام" و"X".
قبل أيام، شهدت روسيا انقطاعاً واسع النطاق في الإنترنت أثّر على المستخدمين في جميع أنحاء البلاد، مع تعطل إمكانية الوصول إلى مواقع الويب على نطاق "ru." المحلي.
فُرضت أكثر من 19 ألف عقوبة على روسيا منذ اندلاع الحرب، وقبل أسابيع، بدأ الاتحاد الأوروبي مناقشات حول حزمة جديدة من العقوبات، بهدف اعتمادها بحلول اليوم 24 فبراير، التاريخ الذي يمثل الذكرى الثانية لغزو روسيا لأوكرانيا.
الحزمة الجديدة قد تتضمن إضافات جديدة لقوائم الحظر، وقيوداً تجارية أكثر، وتضييق الخناق على استمرار قدرة موسكو على الالتفاف على العقوبات التي فرضها التكتل، عبر دول ثالثة وشركات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه.
كذلك كثفت الولايات المتحدة وحلفاؤها تدقيقهم على تطبيق سقف أسعار النفط الروسي في الأشهر القليلة الماضية، مستهدفين التجار والشركات التي تساعد في نقل النفط الخام المباع فوق السقف السعري.
حوالي 85% من إجمالي العقوبات المفروضة على روسيا بدأت بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، وبلغ عددها نحو 16.5 ألف عقوبة. وكانت الولايات المتحدة بمقدمة الدول من ناحية فرض هذه العقوبات.
وكشفت الولايات المتحدة عن حزمة عقوبات "كبيرة" ضد موسكو البارحة الجمعة، مع مرور أسبوع على وفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني، وصل عددها إلى 500 عقوبة وطالت مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية.