بلومبرغ
بدأ نشاط القطاع الخاص بمنطقة اليورو الربع الأخير من 2023 بأداء سيئ مرة أخرى، ما يدل على أن اقتصاد المنطقة ربما يكون في حالة ركود.
بلغ مؤشر مديري المشتريات الخاص بشركة "إس أند بي غلوبال" (S&P Global) أدنى مستوى له خلال 3 أعوام في أكتوبر الجاري، وتراجع إلى 46.5 نقطة، ما يُعد أقل كثيراً من درجة 50 التي تفصل بين النمو والانكماش. وتوقع خبراء اقتصاد تحسناً محدوداً ليصل إلى 47.4 نقطة.
تدهور كبير
أوضح سايروس دي لا روبيا، كبير خبراء الاقتصاد في مصرف "هامبورغ كوميرشال بنك"، أنه "في منطقة اليورو، تتجه الأوضاع من سيئ إلى أسوأ، ولن نتفاجأ من رؤية ركود معتدل بمنطقة اليورو خلال النصف الثاني من السنة الحالية، مع فصلين متتاليين من النمو السلبي".
اقرأ أيضاً: الثقة الاقتصادية بمنطقة اليورو تنخفض مجدداً مع ضعف الاستهلاك
تحول اليورو للخسارة أمام الدولار الأميركي، إذ هبط 0.1% مسجلاً 1.0655 دولار، وقطع سلسلة ارتفعات دامت على مدى 3 أيام. حافظت السندات على مكاسب سابقة، ما أسفر عن تراجع عوائد السندات الألمانية لأجل 10 أعوام بما يصل إلى 8 نقاط أساس إلى 2.79%. يتم تداول عائدات السندات بـ20 نقطة أساس تقريباً من ذروة لمستها بوقت سابق من الشهر الحالي.
يتعرض اقتصاد تكتل العملة الموحدة لظروف عديدة غير مواتية، بما فيها زيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي وتباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي. ويفاقم صعود أسعار الطاقة إثر الصراع بمنطقة الشرق الأوسط، من صعوبات المنطقة.
معايير الائتمان
أوضح البنك المركزي الأوروبي اليوم في استطلاع رأي إقراض المصارف الفصلي، أن المصارف بمنطقة اليورو شددت معايير الائتمان بطريقة أكبر خلال الـ3 شهور حتى سبتمبر الماضي، جراء زيادة تكاليف الاقتراض وتدهور الظروف الاقتصادية.
ستظهر بيانات الربع الثالث على الأرجح، والمقرر صدورها بعد أسبوع من الآن، أن إنتاج منطقة اليورو قد انكمش 0.1% خلال هذه المدة، بحسب خدمة "ناوكاست" من "بلومبرغ إيكونوميكس". سيُعد هذا أول انكماش ربع سنوي منذ وباء كورونا، رغم فشل الاقتصاد في النمو بصورة متكررة.
اقرأ ايضاً: الإنتاج الصناعي بمنطقة اليورو يهبط 1.1% في يوليو
قد يستحوذ هذا التدهور على جُل اهتمام اجتماع مسؤولي البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الحالي في أثينا. وبعد دورة تشديد سياسة نقدية قياسية بلغت 10 زيادات متتالية لأسعار الفائدة، أشار صناع السياسة النقدية إلى أنهم سيستمرون في تعليق تكاليف الاقتراض لبعض الوقت.
"يبين استطلاع رأي مؤشر مديري المشتريات إلى أن مخاطر الهبوط التي تهدد الاقتصاد من تشديد السياسة النقدية، ربما تحدث على أرض الواقع، وقد ينكمش الإنتاج في الربع الأخير من السنة الجارية. رغم ذلك، في حين أن التضخم بدأ ينحسر، فإنه ما يزال مرتفعاً بشدة بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، ولا تتوقع بلومبرغ إيكونوميكس أن يغير مجلس محافظي البنك مساره". - دافيد باول خبير اقتصادي
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"
سياسية تيسيرية
وضع المضاربون بحسبانهم تحوّل البنك المركزي لمزيد من تيسير السياسة النقدية السنة المقبلة لدعم الاقتصاد، مع تقليص ربع نقطة يونيو المقبل. ما زالوا يرون أن قراراً بوقف رفع أسعار الفائدة بوقت لاحق من الأسبوع الجاري، مسألة مفروغ منها.
ذكرت "إس أند بي غلوبال" أن تراجع مؤشر مديري المشتريات أكتوبر الحالي كان كبيراً بمنطقة اليورو. بقيت المؤشرات المستندة إلى استطلاعات الأعمال التجارية في أكبر اقتصادين بتكتل العملة الموحدة -فرنسا وألمانيا- أقل كثيراً من مستوى 50 نقطة، وأثر الانكماش على قطاع التصنيع علاوة على قطاع الخدمات في كلا البلدين.
اقرأ أيضاً: 5.3 تريليون يورو تضع المركزي الأوروبي أمام مفترق طرق
ظهر أيضاً ضعف بقدر أكبر في سوق العمل، وهي نقطة مضيئة نسبياً إلى حد الآن. أشار دي لا روبيا من "هامبورغ كوميرشال بنك" إلى أن أعمال توظيف "شركات الخدمات" توقف تقريباً. تابع: "لا تكتفي شركات القطاع الصناعي فقط بمواصلة تقليص عدد الموظفين، بل تكثف من خطط إلغاء الوظائف. أسفر ذلك للمرة الأولى منذ يناير 2021 عن تراجع إجمالي التوظيف".
الاقتصادات الكبرى
كشف مقياس للمملكة المتحدة أن الإنتاج ينخفض في أكتوبر الحالي، إذ كانت الشركات أكثر تشاؤماً مقارنة بأي وقت مضى من السنة الجارية، ما جمّد عملية التوظيف، وقلّص أعداد الموظفين.
توضح البيانات الألمانية حدوث ركود آخر، وتؤكد وجهة النظر المهيمنة بطريقة كبيرة، بأنها ستعاني أيضاً من انكماش لمدة سنة كاملة، بحسب ما نوّه إليه دي لا روبيا.
اقرأ أيضاً: هل تنجح سياسة نقدية واحدة مع تفاوت معدلات التضخم بدول اليورو؟
أضاف: "تعاني ألمانيا من بدية سيئة للربع الأخير، ويستمر إنتاج التصنيع في التراجع بوتيرة كبيرة، وتحوّل النشاط في قطاع الخدمات، الذي نما الشهر الماضي، إلى تراجع حاد مرة أخرى".
على صعيد فرنسا، هبط نشاط قطاع التصنيع بمعدل أسرع جراء ضعف الطلب، وبلغ مؤشر التوقعات للقطاع أدنى مستوى خلال 3 أعوام ونصف العام، مع "وجود تحسن منتظر قريباً". وعانى قطاع الخدمات جراء "الاصطدام بعقبات في طريقه" مع انهيار الطلبات الجديدة.
مؤشرات الأسعار
في هذه الأثناء، كشفت بيانات التسعير الفرنسية أن إعلان مسؤولي البنك المركزي الأوروبي الانتصار على التضخم أمر سابق لأوانه.
أوضح نورمان ليبك، الخبير الاقتصادي في "هامبورغ كوميرشال" أن "مؤشرات الأسعار بالمنطقة محفوفة بالمخاطر، حيث ارتفعت وتيرة الزيادة في أسعار مدخلات الإنتاج للشهر الثاني على التوالي، في ظل صعود أسعار الوقود، وظهور تقارير تشير لاستمرار ضغوط الأجور".
من المنتظر أن يكشف مقياس للولايات المتحدة بوقت لاحق اليوم عن وقوع ركود. هبط مؤشر اليابان بوقت سابق دون 50 نقطة، في حين انكمش الاقتصاد الأسترالي بأكبر وتيرة له منذ يناير 2022.