ديون الصين إلى ناتجها المحلي تسجل نسبة قياسية عند 282%

بيانات رسمية تؤكد عدم وجود "ركود في الميزانية العمومية".. لكن المخاوف بهذا الشأن تتزايد في ظل تباطؤ الاقتراض

time reading iconدقائق القراءة - 9
مشاة على جسر قبالة الحي المالي في شنغهاي، الصين - المصدر: بلومبرغ
مشاة على جسر قبالة الحي المالي في شنغهاي، الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ارتفعت نسبة ديون الصين إلى ناتجها المحلي الإجمالي إلى مستوى قياسي في الربع الثاني من العام الجاري، رغم تباطؤ وتيرة اقتراض المستهلكين والشركات، ما يعكس حالة تراجع الثقة التي تضر بالنمو الاقتصادي.

ارتفع إجمالي الدين -الذي يضم قطاعات الأسر والشركات والحكومة- إلى 281.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني، وفقاً لحسابات بلومبرغ المستندة إلى بيانات من البنك المركزي الصيني والمكتب الوطني للإحصاء. ومثّل ذلك ارتفاعاً من 279.7% في الربع الأول من العام.

ركود الميزانية العمومية

تشير البيانات إلى أن الصين لا تعاني من "ركود تقليدي في الميزانية العمومية"، والذي يظهر عادة في شكل انخفاض في إقراض الشركات والأسر، وهو ما يضر بالاقتصاد. لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن تباطؤ نمو الاقتراض سيضغط على نمو الناتج المحلي الإجمالي، وهذا بدوره ذو تأثير مشابه إلى حد ما.

قدّرت المؤسسة الوطنية للتمويل والتنمية في الصين، وهي هيئة بحثية مرتبطة بالحكومة في بكين، زيادة في إجمالي الدين، أو نسبة الاقتراض إلى الناتج المحلي الإجمالي، بنحو 283.9% في الربع الثاني، وفقاً لتقرير صدر يوم الثلاثاء.

مع ذلك، أشارت المؤسسة إلى أن ديون الأسر ترتفع بمقدار نصف متوسط المعدل المسجل خلال العقدين الماضيين. وأضافت أن هناك حالة من عدم اليقين لدى الشركات بشأن آفاق النمو الاقتصادي في المستقبل، ولذا دخلت في "وضع الانتظار والترقب".

ستزيد هذه الأرقام الجدل المتعلق بما إذا كانت الصين تدخل مرحلة "ركود الميزانية العمومية"، مثلما توقع ريتشارد كو، كبير الاقتصاديين في "نومورا ريسيرش إنيستيتيوت (Nomura Research Institute).

قال كو الشهر الماضي إن الصين تشهد نمطاً مماثلاً لما حدث أثناء الركود الاقتصادي لليابان في التسعينيات. وتقوم نظريته على أن الانخفاض الحاد في أسعار الأصول يقود القطاع الخاص إلى التركيز على خفض استدانته عن طريق سداد الديون، ما يؤدي إلى تراجع الاستهلاك والاستثمار.

مساع لخفض المديونية

رغم أن الدين العام في الصين لا ينكمش، فإن التباطؤ يعني أن الأسر أصبحت أكثر حرصاً على إصلاح ميزانياتها مما كانت عليه من قبل، وأن الشركات باتت مترددة في الاقتراض من أجل التوسع، وفق المؤسسة الوطنية للتمويل والتنمية في الصين.

قالت المؤسسة إن هذه الاتجاهات يمكن أن تبطئ بدورها نمو الناتج المحلي الإجمالي، فيما يمكن اعتباره شكلاً "غير نمطي" من ركود الميزانية العمومية. وأضافت في التقرير أنه يمكن تجنب مثل هذه النتيجة إذا زادت الحكومة الصينية الاقتراض وخفضت أسعار الفائدة.

يمثل القلق بشأن خفض المديونية تحولاً بالنسبة إلى الصين. فخلال معظم سنوات العقد الماضي اعتبر الخبراء أن الديون المتزايدة في الصين تشكل تحدياً للاقتصاد. وتتبنى الحكومة هذه الرؤية منذ 2017، وبدأت "حملة خفض المديونية"، التي أبطأت نمو الديون بهدف الحد من المخاطر المالية. كما بدأت بكين في 2020 جهوداً لخفض ديون قطاع العقارات الأوسع نطاقاً.

قال آدم وولف، اقتصادي الأسواق الناشئة في "أبسوليوت ستراتيجي ريسيرش" (Absolute Strategy Research): "أتفق مع النتيجة التي خلص إليها تقرير المؤسسة الوطنية للتمويل والتنمية، وهي أن الصين لا تعاني ركوداً في الميزانية العمومية، لكنها عرضة للخطر مع سعي الأسر والشركات لإصلاح ميزانياتها. وما يدفع الأسر والشركات لتتصرف على هذا النحو، هو سياسات الحكومة للحد من مخاطر القطاع المالي".

معاناة قطاع العقارات

دعا أندرو باتسون، مدير أبحاث الصين في "جافيكال دراغونوميكس" (Gavekal Dragonomics)، إلى حل وسط في نقاش ركود الميزانية العمومية.

فرغم أن قطاع الشركات في الصين ككل لا يعمل على تقليص المديونية، كتب باتسون في ملاحظة أن قطاع العقارات يعمل على ذلك، وذلك لأسباب عدة، منها سياسة الحكومة في هذا الصدد.

ختاماً، ونظراً للدور الضخم للعقارات والإنشاءات في الناتج المحلي الإجمالي للصين، فإن التخلص من المديونية في هذا القطاع وحده يمكن أن يدفع نمو الصين إلى الانكماش. وقد يعني ذلك جزئياً دخول اقتصاد البلاد في حالة ركود.

تصنيفات

قصص قد تهمك