بلومبرغ
ارتفع معدَّل البطالة في كوريا الجنوبية لأعلى مستوى له منذ أكثر من عقدين، ما أثار مخاوف من أن الانتعاش المدفوع بالتصدير القوي قد يُخفي ندوباً أشد قسوة في الاقتصاد.
وقفز معدل البطالة إلى 5.4% في يناير من نسبة معدَّلة بلغت 4.5% في الشهر السابق، ليسجل أعلى مستوى له منذ الأزمة المالية الآسيوية.
وفاقت نسبة زيادة البطالة جميع توقعات الاستطلاعات، حيث تخلى الاقتصاد عن ما يقرب من مليون وظيفة مقارنة بالعام الماضي، مقابل أسوأ خسائر منذ عام 1998.
ويتناقض التدهور الحاد في سوق العمل مع الرأي القائل بأن الاقتصاد الكوري كان أحد أفضل الاقتصادات أداءً في العالم المتقدم العام الماضي، ويشير إلى أن الحكومة قد تحتاج إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لدعم الوظائف.
وقال سونغ تاي يون، أستاذ الاقتصاد بجامعة "يونسي" في العاصمة الكورية سيئول: "ستؤثر الضربة الكبيرة في الوظائف على وتيرة التعافي الاقتصادي، وسينخفض عدد الأشخاص الباحثين عن الوظائف أيضاً، مع تدهور الاقتصاد، ما قد يؤدي إلى خفض معدل البطالة نظرياً، ولكن الصعوبات الاقتصادية ستستمر".
واتجه سوق العمل الكوري نحو أسوأ منعطفٍ حادٍ في ديسمبر، عندما شدَّدت الحكومة على قواعد التباعد الاجتماعي، مع ارتفاع حالات الإصابة اليومية بفيروس كورونا إلى أكثر من ألف.
وفي شهر يناير، كانت قطاعات تجارة التجزئة وتجارة الجملة والمطاعم والفنادق الأكثر تضرراً مع فقدان 585 ألف وظيفة مقارنة بالعام السابق، فيما تم التخلي عن أكثر من 340 ألف وظيفة في قطاع الخدمة العامة، حيث انتهت الإجراءات الحكومية لخلق الوظائف قبل بداية جديدة. وخسر قطاع التصنيع أيضاً 46 ألف وظيفة.
"بالنظر إلى الضرر الذي لحق بالاقتصاد جراء الموجة الأخيرة لكورونا وتشديد القيود بشكل أكبر، لا نزال نرى إمكانية توفر ميزانيات إضافية لتأمين الانتعاش الاقتصادي"
الخبير الاقتصادي جاستن خيمينيز
تأثير كورونا على الاقتصاد
وبينما وضع الانتعاش القوي للصادرات الاقتصاد الكوري على المسار الصحيح، لكي تحقق البلاد مستويات من الدخول الفردية، التي قد تُدخلها في مجموعة الدول السبع، إلا أن القفزة في معدل البطالة تشير إلى أن التأثير المتأخر لوباء كورونا على قطاع التوظيف بدأ يتغلغل أكثر مما كان متوقعاً، حيث أصبح الانتعاش على شكل حرف "K" واضحاً للغاية.
ومن المرجح أن يأمل صانعو السياسة في إنفراج الوضع مع زيادة الدعم الحكومي للاقتصاد وتخفيف قيود وباء كورونا بشكل أكبر.
وقال وزير المالية هونغ نام كي في بيان: إن الحكومة تأخذ الأمر "على محمل الجد"، وستستخدم جميع الخيارات المتاحة للتعامل معه، ملقياً باللوم لفقدان الوظائف جزئياً على انتهاء الدعم المالي المخصص لإيجاد فرص العمل في مطلع العام، والقاعدة الضخمة المسجلة سابقاً.
ومع ذلك، قد تشير الأرقام الأخيرة إلى أنه لا يتم الحصول على دعمٍ مالي كافٍ، أو على الأقل، ليس بالسرعة الكافية، ما سيتطلب تغييراً في توقيت الإجراءات الموضوعة حالياً، أو التوسع المباشر، كما كتب روب كارنيل، كبير الاقتصاديين في آسيا والمحيط الهادئ في "آي إن جي".
كما دعا الرئيس "مون غاي إن" إلى تقديم الحوافز إلى الشركات التي ستشارك بعضاً من أرباحها مع نظيراتها التي عانت جراء الوباء، وهي خطوة يمكن أن تدعم التوظيف بشكل غير مباشر، فيما يمارس بعض المشرعين ضغوطاً على "بنك أوف كوريا" Bank of Korea لإجباره على وضع بند التوظيف كجزء من أهدافه.
حزم مالية حكومية لدعم التوظيف
ويبدو أن توقعات سوق العمل الكوري المبنية على عدد حالات الإصابة بكورونا أفضل قليلاً، حيث انخفض عدد الإصابات اليومية إلى بضع مئات من أكثر من ألف حالة في ديسمبر، وتعمل الحكومة تدريجياً على تخفيف قواعد التباعد الاجتماعي، ما يسمح بساعات عمل أطول لبعض شركات البيع بالتجزئة مثل المقاهي والصالات الرياضية خارج سيئول.
وقد يدعم المزيد من الحوافز المالية التي تتم دراستها حالياً العمال والشركات التي عانت من القيود التجارية القسرية، فيما تعكف الحكومة على تقديم جولتها الثالثة من الدعم النقدي كجزء من تدابير الإغاثة من الوباء، كما تم طرح فكرة إمكانية تقديم جولة رابعة.