بلومبرغ
رجّح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن يرفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى مما كان يُعتقد في السابق، مؤكداً استعداد البنك لزيادة أسعار الفائدة بوتيرة أسرع إذا تبين من الأرقام الاقتصادية أن هناك ما يستدعي ذلك.
في شهادته أمام اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء، قال باول: "رغم أن معدل التضخم كان معتدلاً في الأشهر الأخيرة، فما زال أمامنا طريق طويل حتى يعود التضخم إلى مستوى 2% ويُرجح أن يكون صعباً".
أضاف باول: "كشفت أحدث الأرقام عن أداء اقتصادي أقوى من المتوقع، مما يعني أن المستوى النهائي لأسعار الفائدة ربما يتجاوز ما كان متوقعاً في السابق، ونحن مستعدون لزيادة وتيرة رفع أسعار الفائدة إذا أشارت البيانات الإجمالية لأداء الاقتصاد إلى ما يبرر تسريع إجراءات التقشف النقدي".
قفزت عوائد السندات الأميركية وانخفضت الأسهم وواصل الدولار مكاسبه بعد صدور تصريحات باول.
مواجهة التضخم
يحاول مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي تهدئة معدل التضخم دون أن يتسبب ذلك في ركود اقتصادي يؤدي إلى زيادة البطالة. ويشعر الديمقراطيون في مجلس الشيوخ بالقلق من الزيادة السريعة في أسعار الفائدة، ويرجح أن يقوم بعضهم بتصعيد الضغط على رئيس البنك المركزي حتى يتراجع، بينما يوجه الجمهوريون اللوم إلى الرئيس جو بايدن في الإفراط في تحفيز الاقتصاد، ويحثون باول على مواصلة معركته ضد التضخم.
قبل عام من الآن، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي حملة شرسة لرفع سعر الإقراض المعياري على الأرصدة الفيدرالية، الذي تحرك الآن إلى نطاق بين 4.5% و4.75%. ومع ذلك، أظهر أداء الاقتصاد الأميركي قوة ملحوظة. وأعلنت وزارة العمل عن زيادة الوظائف بما يتجاوز مليون وظيفة في الأشهر الثلاثة المنتهية في يناير، كما تشير بيانات الاستهلاك والتضخم الأخيرة إلى استمرار ضغوط ارتفاع الأسعار.
في تصريحاته التي أُعدت مسبقاً في واشنطن، قال باول: "من منظور واسع، هدأ معدل التضخم بدرجة معينة منذ منتصف العام الماضي، غير أنه ما زال أعلى بكثير من مستهدف اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المحدد بنسبة 2% في المدى الطويل".
وصل باول إلى كابيتول هيل اليوم الثلاثاء، وهو اليوم الأول من يومين يدلي خلالهما بشهادته نصف السنوية عن السياسة النقدية، وذلك في أول ظهور له أمام الكونغرس منذ يونيو الماضي. وينتظر أن يدلي بشهادته أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب يوم الأربعاء.
ذروة أعلى لأسعار الفائدة
رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يواجه المشرعين الذين بدأوا بالفعل في العد التنازلي للانتخابات الرئاسية لعام 2024، والتي قد تتوقف نتائجها على قدرة باول على توجيه التضخم مرة أخرى نحو هدف البنك المركزي البالغ 2% دون أن يتسبب في تباطؤ اقتصادي كبير.
مسؤولو البنك المركزي في الولايات المتحدة يعلنون ضرورة مواصلة دفع أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى بهدف إبطاء معدل الزيادة في الأسعار. وفي ديسمبر، قدروا أن تصل أسعار الفائدة إلى ذروتها عند 5.1% هذا العام، بحسب متوسط توقعاتهم، غير أن كثيراً من هؤلاء المسؤولين قالوا إن سلسلة من التقارير الاقتصادية القوية ربما تقتضي رفع أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى من ذلك.
تتوقع أسواق العقود الآجلة أن يرفع مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعهم في 21-22 مارس، وتراهن على ارتفاعها مرتين إضافيتين على الأقل بمقدار ربع نقطة مئوية بعد ذلك، إلى نطاق يتراوح بين 5.25% و5.5%.
ما زال معدل التضخم أعلى كثيراً من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% رغم تراجعه منذ آخر مرة أدلى فيها باول بشهادته أمام الكونغرس، فقد ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس الأسعار المفضل عند بنك الاحتياطي الفيدرالي، بنسبة 5.4% على مدى 12 شهراً حتى نهاية يناير.
نقص الأيدي العاملة
قال باول: "جاءت الضغوط التضخمية أعلى مما توقعنا خلال الاجتماع السابق للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة كما يتبين من اتساع نطاق البيانات العكسية إلى جانب مراجعة أرقام الربع السابق".
سوق العمل، التي قال باول منذ عدة أشهر إنها تعاني نقصاً شديداً في معروض الأيدي العاملة وإنها غير متوازنة، لم تتأثر حتى الآن بارتفاع تكاليف الاقتراض. بل انخفض معدل البطالة إلى 3.4% في يناير، وهو أدنى مستوى منذ ما يزيد على خمسة عقود، بينما انخفض معدل البطالة بين الأميركيين من ذوي البشرة الداكنة إلى 5.4%، بما يزيد قليلاً عن أقل مستوى قياسي له.
وعقّب باول: "رغم تباطؤ النمو، ما تزال سوق العمل تعاني نقصاً شديداً في معروض الأيدي العاملة".