بلومبرغ
بلغ العجز التجاري الياباني مستوى قياسياً خلال يناير الماضي، حيث أثرت عوامل استثنائية بما فيها عطلة العام القمري الجديد على الصادرات في ظل ظروف تباطؤ الاقتصاد العالمي.
قفز العجز لـ3.5 تريليون ين ياباني (ما يعادل 26.1 مليار دولار) مرتفعاً من 1.45 تريليون ين في ديسمبر الماضي، ليتجاوز 3 تريليونات ين لأول مرة منذ بيانات مشابهة تعود إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي، وفق ما أفادت به وزارة المالية اليوم الخميس.
ورغم أن تخطي العجز الرقم القياسي السابق جاء بفارق شاسع، إلا أنه جاء أقل من تقديرات المحللين.
تراجع معدل نمو الصادرات بشدة إلى 3.5%، في ظل تسجيل معدات تصنيع الرقائق الإلكترونية واحدة من أكبر عمليات التراجع، في مؤشر على تدهور الطلب العالمي على قطاع التكنولوجيا.
هبطت قيمة الصادرات إلى الصين 17.1%، متأثرة بالانخفاض بشحنات السيارات وقطع غيار السيارات وآلات تصنيع الرقائق الإلكترونية. كما نمت الصادرات للولايات المتحدة وأوروبا بوتيرة أضعف مسجلة 10.2% و9.5% على الترتيب.
واصلت الواردات تحقيق مكاسب تفوق الـ10% مرتفعة 17.8% عن السنة الماضية، إذ استمر تضخم فاتورة الاستيراد في ظل واردات الطاقة عالية التكلفة. حاولت شركات اليابان غالباً أيضاً الحصول على مخزونات من الصين قبل بدء إجازات أعياد العام القمري الجديد.
بنك اليابان
يثير العجز القياسي الشكوك في الاقتصاد الياباني، الذي يناضل لكسب قوة دافعة للتعافي مع تولي محافظ جديد رئاسة بنك اليابان المركزي حيث من المقرر أن يخلف هاروهيكو كورودا بسياسته النقدية التيسيرية التي دامت لعقد. بينما ساهمت عوامل غير متكررة بالعجز، ستكون الحكومة والبنك المركزي في حاجة لمراقبة عن كثب لمدى تباطؤ النمو حول العالم.
أوضح تاكيشي مينامي، كبير خبراء الاقتصاد بمعهد "نورينشوكين ريسيرش إنستيتيوت": "من غير المتوقع أن تحقق صادرات اليابان صعوداً قوياً، لذلك سيواصل على الأغلب الاقتصاد الكلي التعافي بطريقة ضعيفة، سيتسبب ذلك في صداع لبنك اليابان المركزي عندما يدرس إعادة الأمور لمجراها الطبيعي".
تضررت الصادرات اليابانية جراء تحول الصين المفاجئ بسياستها المرتبطة بمكافحة فيروس كورونا، إذ تزايدت حالات الإصابة بمرض كوفيد عقب نهاية سياسة صفر كوفيد الصينية التي تسببت في تعطيل الأنشطة الاقتصادية بكافة أنحاء البلاد، حيث تشكل الصادرات للصين والدول الآسيوية الأخرى ما يفوق 50% من إجمالي عمليات التصدير اليابانية.
"المكاسب تعد محدودة، لكنها جاءت رغم تأثير غلق المصانع في كافة مناطق آسيا لقضاء عطلة رأس السنة القمرية الجديدة التي اُحتفل بها خلال يناير الماضي. جاءت عطلة سنة 2022 في شهر فبراير. هذا التغير بالتوقيت يعني أن الصادرات سترتفع غالباً خلال فبراير". يوكي ماسوجيما خبير اقتصادي
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"
الين الياباني
كشفت أيضاً البيانات أن متوسط سعر الصرف الشهر الماضي سجل 132.08 ين مقابل الدولار، وهو أقل بـ15% مقارنة بالسنة السابقة. رغم تخفيف حدة تراجع الين وصعود أسعار النفط - عاملان أساسيان وراء العجز التجاري طويل الأمد- بالمقارنة مع ذروة السنة الماضية، إلا أن آثارهما ما زالت مستمرة على ما يبدو.
ربما ترتفع الأسعار جراء جولة أخرى من زيادة تكاليف الاستيراد، فقد بلغت معدلات التضخم على المستوى الوطني أعلى مستوياتها منذ 41 عاماً في ديسمبر الماضي، إذ مررت الشركات، لا سيما المصنعة للمواد الغذائية، التكاليف المرتفعة لمنتجاتها. التهم تسارع معدل التضخم قوة المستهلكين الشرائية، وهو الاتجاه الذي برز من خلال تراجعات إنفاق الأسر في ديسمبر الماضي للشهر الثاني على التوالي.
اختتم مينامي من "نورينشوكين" حديثه قائلا: "هناك شكوك حول مدى السرعة التي سينخفض بها العجز التجاري إذ تشير التوقعات إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي أكثر من المستويات الحالية، ويوجد تشاؤم بقدر أقل إزاء أفق الاقتصاد الدولي، لكنني أود أن أقول إن أثر تشديد البنوك المركزية للسياسة النقدية سريعاً سيزيد الأضرار بطريقة أكبر خلال الشهور المقبلة".