الشرق
توقعت وزارة المالية السعودية أن تحقق موازنة عام 2023 فائضاً قدره 16 مليار ريال، بارتفاع نسبته 77.7% عما رصدته في بيان تمهيدي بنهاية سبتمبر، ما يشير إلى ثقة بآفاقها الاقتصادية، فيما قالت إنها سجلت في ميزانية العام الجاري أول فائض في تسع سنوات.
حسب بيان الميزانية العامة للدولة اطلع عليه "اقتصاد الشرق" مساء الأربعاء، تشـير التقديـرات لموازنة العام المقبل إلـى أن إجمالـي الإيرادات سـيبلغ نحو 1.130 تريليون ريـال، مرتفعاً بشكل طفيف عما رصدته في سبتمبر، ما يشي بثقة الحكومة بقدراتها على تعظيم مواردها المالية رغم عدم وضوح آفاق سوق الطاقة التي تعتمد عليها البلاد في هذا الجانب.
من جهة أخرى، تقدّر الوزارة إجمالـي النفقـات في الموازنة بنحو 1.114 تريليون ريـال للعام المقبل، محافظة على ما رصدته في بيانها الأولي في نهاية سبتمبر.
كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، يبلغ الفائض 0.4% للعام المقبل. لكن في جميع الأحوال، وعند مقارنته بالعام الحالي، سيكون فائض العام المقبل أقل بكثير، ومتقلصاً بنسبة 84.3%.
يقلّ حجم الإيرادات للعام المقبل بنسـبة 4.8% عـن المتوقـع تحقيقـه في العام الحالي. تعزو الوزارة ذلك الأداء "إلـى توجه الحكومة فـي بنـاء تقديـرات الميزانيـة للإيرادات النفطيـة وغيـر النفطيـة علـى معاييـر تتسـم بالتحفـظ، وذلـك تحسـباً لتطـورات قـد تطـرأ علـى الاقتصاد المحلـي والعالمـي".
لم تحدد الميزانية سعر النفط المقدّر للعام المقبل. لكن ما دامت النظرة لم تتغير كثيراً بالنسبة إلى حجم الإيرادات عما توقعته الوزارة بنهاية سبتمبر، فإنه قد يكون ملائماً النظر إلى حسابات شركة "الراجحي كابيتال" للإيرادات حينذاك، التي رأت أن السيناريو الرئيسي للإيرادات لعام 2023 يستند إلى 76 دولاراً لسعر برميل النفط، وفق حديث رئيس الأبحاث في الشركة مازن السديري لـ"اقتصاد الشرق".
علـى ضـوء التطـورات المحليـة الإيجابية، جرت مراجعـة ارتفـاع معدلات النمـو الاقتصادي فـي المملكـة لعـام 2023 والمـدى المتوسـط. تتوقع الوزارة الآن اسـتمرار المحافظـة علـى معدلات إيجابيـة للنمـو في العام المقبل وعلـى المـدى المتوسـط، وذلـك مـن خلال عاملين رئيسيين للنمـو الاقتصادي، همـا الاستثمار الخـاص والاستهلاك الخـاص. وتشـير التقديـرات الأولية لعـام 2023 إلـى نمـو الناتـج المحلـي الإجمالي الحقيقـي بمعـدل 3.1% بدعم من نمو الأنشطة غير النفطية، وبتوقــع اســتمرار تمكيــن القطــاع الخــاص فــي قيــادة النمــو الاقتصادي، والمســاهمة فــي زيــادة الوظائــف الجديــدة، والاستمرار فـي تنفيـذ برامـج رؤيـة المملكـة 2030، التـي تمثـل الأداة الرئيسيـة لتحقيـق أهــداف التحــول الاقتصادي.
في هذا الإطار، وظّف القطاع الخاص أكثر من 2.2 مليون مواطن، وهو الرقم الأعلى تاريخياً، كما ارتفعت المشاركة الاقتصادية للمرأة من 17.7% إلى 35.6%.
تستهدف الحكومة في ميزانية 2023 ترتيب أولويات الإنفاق على المشاريع الرأسمالية وفق الاستراتيجيات المناطقية والقطاعية. فالاستراتيجية الوطنية للصناعة على سبيل المثال حددت أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال، وتعمل على مضاعفة قيمة الصادرات الصناعية لتصل إلى 557 مليار ريال، وفقاً لولي العهد السعودي، رئيس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، في تعليقه على موازنة العام المقبل، خلال اجتماع لمجلس الوزراء في وقت متأخر من الأربعاء.
عامل الطلب على النفط
بددت أسعار النفط المكاسب التي حققتها هذا العام، وسط جملة من العوامل التي ألقت بظلال قاتمة على آفاق سوق الطاقة. تأثرت مشاعر الثقة بأسواق الطاقة سلباً نتيجة خفض المتعاملين مراكزهم الاستثمارية في آخر أشهُر السنة الحالية والمخاوف المرتبطة بزيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
تختبر السوق أيضاً تأثير آخر جولة من القيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع في روسيا بهدف معاقبة موسكو على الحرب في أوكرانيا. وتشمل هذه العقوبات قيوداً على خدمات التأمين وسقفاً سعرياً يبلغ 60 دولاراً لبرميل النفط الروسي.
على الرغم من ذلك، فإن بارقة أمل برزت لسوق الطاقة في الصين التي بدأت هذا الأسبوع بتخفيف مجموعة من القيود المفروضة لاحتواء تفشي كوفيد، بما في ذلك السماح لبعض المصابين بحجر أنفسهم منزلياً بدلاً من المراكز الصحية، وإلغاء ضرورة إجراء فحوصات كورونا لدخول معظم الأماكن العامة، وهو تغيير حادّ في الاستراتيجية الوطنية لتهدئة السخط العام، وإنعاش الاقتصاد مرة أخرى.
النفقات في موازنة 2023 على مستوى القطاعات
القطاع | الإنفاق المخصص بالمليار ريال |
التجهيزات الأساسية والنقل | 34 |
التعليم | 189 |
الخدمات البلدية | 63 |
الصحة والتنمية الاجتماعية | 189 |
الموارد الاقتصادية | 72 |
الإدارة العامة | 37 |
العسكري | 259 |
الأمن والمناطق الإدارية | 105 |
ميزانية 2022: أول فائض منذ 9 أعوام
أظهر بيان الميزانية لعام 2022 الذي أصدرته وزارة المالية السعودية تحقيق فائض بقيمة 102 مليار ريال، هو الأول منذ 9 سنوات، ما يشير إلى تحقيق المستهدف من برنامج التوازن المالي الذي يُعتبر أحد أهمّ برامج الإصلاح الاقتصادي ضمن "رؤية 2030". ويأتي ذلك بعد تسجيل عجز بقيمة 73 مليار ريال في 2021.
كان يمكن أن يسجل الفائض أرقاماً أعلى لو حافظت أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في النصف الأول من العام.
ارتفاع أسعار النفط خلال العام الجاري أسهم في ارتفاع إيرادات السعودية النفطية بنسبة 50% مقارنة مع الإيرادات المحققة عام 2021، إذ بلغت 842 مليار ريال (220 مليار دولار)، مسجلة بذلك أعلى مستوى لها منذ عام 2014.
ســيجري توجيــه مبالــغ الفوائــض المحققــة لتعزيـــز الاحتياطيـات الحكوميـــة ودعــــم الصناديــق الوطنيــة، والنظـــر فـــي إمكانيـــة تســريع تنفيـذ بعـــض البرامــج والمشـــاريع الاســـتراتيجية للمدى المتوسط، إضافة إلى ســـــداد جـــــزء مـــــن الدَّيـــن العـــام حســـب ظـــروف الســـوق، وفق البيان.