بلومبرغ
وضعت حكومة ليز ترَس أكبر حزمة تخفيضات ضريبية جذرية في المملكة المتحدة منذ 1972، إذ تم تخفيض الرسوم على أجور الموظفين والشركات في محاولة لتعزيز إمكانات الاقتصاد طويلة الأجل.
خفّض وزير الخزانة كواسي كوارتنغ رسوم الدمغة على مشتريات العقارات، وأكد دعم الأسر والشركات في مواجهة فواتير الطاقة المتصاعدة بتكلفة 60 مليار جنيه إسترليني (67 مليار دولار) على مدى الأشهر الستة المقبلة.
قال كوارتنغ للبرلمان في لندن اليوم الجمعة: "تعهدنا بإعطاء الأولوية للنمو.. لقد وعدنا بنهج جديد لعصر جديد".
تهدف الإجراءات إلى منع الركود- الذي يقول بنك إنجلترا إنَّه بدأ بالفعل- وزيادة الإنتاجية، التي تراجعت عن مجموعة الدول السبع الأخرى. يقلق الاقتصاديون من أنَّ الحزمة لا يمكن تحمّلها، وستؤدي إلى أزمة عملة، إذ يدرك المستثمرون أنَّ عبء ديون الخزانة سيستمر في الارتفاع.
بنك إنجلترا يرفع سعر الفائدة بأعلى وتيرة في 27 عاماً ويحذر من ركود طويل
تسير تحركات كوارتنغ على نهج ميزانية نيغل لاوسون لعام 1988. إذ أدت إلى ارتفاع النشاط الاقتصادي وزيادة التضخم، مما دفع بنك إنجلترا إلى زيادة أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها عند 15% في عام 1989.
التخفيضات الضريبية
أعلن وزير الخزانة كواسي كوارتنغ التخفيضات الضريبية التالية:
- خفض نسبة ضريبة الدخل الرئيسية للموظفين قبل عام من المخطط له، ليصبح المعدل الرئيسي عند 19% في عام 2023، وإلغاء الحد العلوي للضريبة البالغ 45%.
- إلغاء زيادة ضرائب التأمين الوطني البالغة 1.25%.
- إنهاء الزيادة المخطط لها في ضريبة الشركات، وترك المعدل الرئيسي عند 19%.
- تخفيض رسوم الدمغة على مشتريات المنازل، وهو قرار أدى لارتفاع أسهم شركات بناء المساكن، وتخفيف العبء عن 200000 من المشترين سنوياً.
- استهداف نمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 2.5% سنوياً، وهو مستوى لم يتحقق منذ أكثر من عقد.
- اتخاذ خطوات للحد من قيود التخطيط لاستخدام الأراضي، و"الابتعاد عن الطريق لبناء بريطانيا".
- إلغاء الحد الأقصى لمدفوعات المكافآت للمصرفيين.
- إنشاء "مناطق استثمارية" جديدة ذات متطلّبات تنظيمية أقل لمؤسسي الأعمال.
- إلغاء الزيادة المقررة في الرسوم على الخمور.
عوائد ضريبية أعلى
تقول ترَس وحلفاؤها إنَّ الإجراءات التي أعلنوا عنها لن تحفز التضخم، وخفض الضرائب والبيروقراطية سيسمح للشركات بالتوسع وجذب المزيد من الأشخاص إلى العمل، مما يزيد من عائدات الضرائب في هذه العملية.
قال جيرارد ليونز، كبير الاستراتيجيين الاقتصاديين في "نت ويلث إنفستمنتس" (Netwealth Investments) ومستشار ترَس في راديو "بلومبرغ": "ما رأيناه اليوم هو تحول كبير في السياسة الاقتصادية في المملكة المتحدة، وأعتقد أنَّه التغيير الصحيح.. إذا كانت السياسة مناسبة للاقتصاد، فيجب أن تكون مناسبة للأسواق أيضاً".
نهاية مؤلمة
من جانب آخر، هاجم اقتصاديون ومسؤولون سابقون في بنك إنجلترا الخطط، حتى قبل ظهور كوارتنغ في مجلس العموم اليوم الجمعة.
قال مارتن ويل، الذي عمل في بنك إنجلترا منذ عام 2010، إنَّ خطط الحكومة "ستؤدي إلى نهاية مؤلمة"، في حين قال داني بلانشفلاور، الذي كان عضواً في لجنة السياسة النقدية خلال الأزمة المالية العالمية منذ أكثر من عقد، إنَّه يجب على المستثمرين بيع الجنيه الإسترليني رداً على ذلك.
حذّر معهد الدراسات المالية وآخرون من أنَّ الحزمة ستضع المالية العامة على مسار غير مستدام، مع اقتراض نحو 60 مليار جنيه إسترليني سنوياً أعلى مما كان يُتَوقَّع في السابق.
قال بول جونسون، مدير معهد الدراسات المالية في تغريدة بعد البيان: "هذا هو أكبر تخفيض للضرائب منذ 1972. تُعرف هذه الميزانية الآن بأنَّها أسوأ ما في العصر الحديث. بصدق، آمل أن يعمل هذا بشكل أفضل بكثير".
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس":
قال دان هانسون، من "بلومبرغ إيكونوميكس": "يبدو أنَّ الحكومة مستعدة للتحول من المحافظة المالية نحو بذل الجهود لتحفيز النمو الاقتصادي طويل الأجل. من جانب آخر، نظراً لأنَّه من غير المحتمل أن تحقق التخفيضات الضريبية وحدها هذا الهدف؛ فإنَّ قلقنا يتمثل في أنَّ الحزمة ستبقي التضخم فوق 2% لفترة أطول، وتحوّل المالية العامة إلى مسار غير مستدام".
ومن بين النقاد الآخرين "مؤسسة ريزوليوشن"، التي تشير إلى أنَّ الإجراء سيوسع من عدم المساواة، وسيقدم المزيد من الفوائد إلى الأكثر ثراءً في المجتمع، ويزيد التكاليف على ذوي الدخل المنخفض.