بلومبرغ
مرة أخرى، يتصاعد غضب الفرنسيين بسبب تكلفة المعيشة المرتفعة، بعدما كان قد انفجر في وجه الرئيس إيمانويل ماكرون في وقت مبكر من بداية ولايته قبل خمس سنوات، ما يحوّل المواجهة المقررة يوم الأحد المقبل مع الزعيمة القومية مارين لوبان على الرئاسة الفرنسية، إلى منافسة بفوارق أقل بكثير.
لم يكن التضخم بهذه القوة في فرنسا منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث تظهر الدراسات الاستقصائية أن تغطية نفقات المعيشة هي الشغل الشاغل للناخبين، وتطغى كثيراً على المخاوف بشأن الصحة والأمن. وقد استبق ماكرون المخاطر التي تواجه إعادة انتخابه، من خلال إنفاق مبالغ طائلة في وقت سابق من هذا العام للحدّ من أسعار الطاقة للأسر. لكن لوبان شنّت حملة شاملة على ما يسميه الفرنسيون "قدرتهم على الإنفاق".
اقرأ أيضاً: ماكرون يعد بإصلاحات اقتصادية وتحسين الرعاية الاجتماعية إذا فاز بولاية ثانية
لا يزال من المرجّح أن يفوز زعيم فرنسا الحالي، إلا أن استطلاعات الرأي تظهر أن هامش فوزه سيكون أقل بكثير مما كان عليه في عام 2017، عندما فاز بنسبة 66% من الأصوات، متفوقاً على لوبان بنحو 30 نقطة مئوية.
اقرأ المزيد: إنفوغراف.. ماكرون يتصدر استطلاعات الرأي مع اقتراب الانتخابات
في ما يلي بعض الرسوم البيانية التي توضّح تحدي ماكرون:
تغير التوقعات
في الدورات الانتخابية السابقة، كانت الأسر الفرنسية تبدو متفائلة في الأشهر التي تسبق التصويت، حتى لو أن آمالها كانت تتلاشى في العادة بعد فترة قصيرة من اختيار زعيم جديد. أما هذه المرة، فإن ماكرون يواجه رياحاً معاكسة غير اعتيادية: فقد طغى الاتجاه الهبوطي على المقياس الرسمي لثقة المستهلك الفرنسي، منذ يونيو من العام الماضي.
فارق الأجور
في الجولة الأولى من التصويت التي جرت في 10 أبريل الجاري، تمكن المرشحان للانتخابات من تحسين حصتيهما في التصويت بشكل عام، مقارنة بعام 2017. لكن ماكرون، الذي أطلق عليه المنافسون اليساريون لقب "رئيس الأثرياء"، لم يحقق الكثير من المكاسب مثل لوبان في الدوائر الانتخابية التي تضم ناخبين من ذوي الأجور ذات المستويات المتدنية. وفي الطرف المقابل من طيف المكاسب، حصل الرئيس الحالي على دعم أكبر في مناطق ذوي الدخل الأعلى، مقارنة بمنافسته القومية.
مخاوف تكلفة المعيشة
تمثل أزمة تكلفة المعيشة إلى حدٍّ بعيد، أكبر مشكلة بالنسبة إلى الناخبين الفرنسيين في عام 2022. وتزايدت المخاوف في الأسابيع الأخيرة بعد أن أدّى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة. وتَعِد لوبان بإجراءات جذرية في هذا الصدد، بما في ذلك إلغاء ضرائب المبيعات على بعض السلع، وإعفاء الشركات من الرسوم إذا رفعت رواتب موظفيها بنسبة 10%. وقد أحدث ذلك صدى في أوساط الناخبين الذين أظهرت نتائج أحد استطلاعات الرأي، أنهم يرون أن لوبان تمتلك إجابات أفضل من ماكرون عندما يتعلق الأمر بزيادة دخلهم، حتى لو كانوا يعتقدون بأنه سيكون رئيساً أفضل للاقتصاد بشكل عام.
تضخم وقلق
إذا كانت الأسعار تعكس مستوى الثقة، فإن الفرنسيين محقون في قلقهم. فالبلاد تشهد مستوى تضخم عند 5.1%، وهو الأعلى منذ أن أصبح اليورو عملتها قبل أكثر من 20 عاماً. باستخدام مقاييس ضغوط التكلفة قبل تطبيق اليورو، لم تكن الزيادات السنوية في الأسعار بهذه الحدّة لأكثر من ثلاثة عقود. ووصلت توقعات التضخم إلى أعلى مستوى لها منذ أن بدأ "المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية" (Insee) في استطلاع مخاوف الأسعار في عام 1972.
قد يصبح الوضع أسوأ
من بين الذرائع التي طرحها ماكرون لتعزيز موقفه، أن أزمة التكلفة ليست مؤلمة في فرنسا مثلما هي في معظم الدول الأوروبية الأخرى، على الأقل حتى الآن. فقد خصّصت حكومته حوالي 25 مليار يورو هذا العام لتغطية تكلفة العديد من الإجراءات، من تحديد سقف لأسعار الكهرباء، إلى التخفيض المؤقت للضرائب على البنزين. وفي مارس الماضي، أشارت تقديرات "المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية"، إلى أن الإجراءات خفّضت معدل التضخم في فرنسا بنحو 1.5 نقطة مئوية.