رويترز
كشف المدير العام لبنك الائتمان الكويتي، صلاح المضف، أن البنك المسؤول عن إقراض المواطنين لبناء مساكنهم يحتاج 16 مليار دينار لتمويل القروض الإسكانية حتى 2035، داعياً إلى إعادة النظر في الفلسفة الإسكانية في الكويت "لتوفير حلول مستدامة"، (الدينار يعادل 3.3 دولار).
قال المضف في مقابلة مع رويترز "الوضع القائم اليوم ليس مستقراً. ليس هناك استقرار ولا هناك إمكانية أن يستمر (البنك) في تقديم قروض بهذا الشكل على المدى البعيد.. الفلسفة الإسكانية يجب إعادة النظر فيها لوضع الحلول المستدامة".
وبنك الائتمان هو بنك حكومي أنشئ في ستينيات القرن الماضي تحت اسم بنك التسليف، ويقوم حالياً بتقديم قروض بلا فوائد لمستحقي الرعاية السكنية من المواطنين لبناء المساكن أو شرائها أو ترميمها، ويبلغ رأسماله ثلاث مليارات دينار.
شح السيولة
تبلغ قيمة القرض الذي يقدمه البنك للمواطن لبناء سكنه أو شرائه 70 ألف دينار. وهو يعاني منذ سنوات من شح السيولة بسبب زيادة الطلبات الإسكانية، الأمر الذي أثر على شرائح كبيرة من المواطنين الكويتيين الذين يعتبرون المشكلة الإسكانية واحدة من أهم أولوياتهم.
أشار المضف إلى أن الدول المجاورة تكتفي الحكومات فيها بكفالة ذوي الدخل المحدود وتوفر لهم حق الحصول على المسكن "بينما في الكويت، الكل يأخذ، سواء كان من ذوي الدخل المحدود أو المتوسط أو الدخل العالي".
قال إن إعادة النظر في الفلسفة الإسكانية تحتاج إلى دراسة لتحديد من الذي يستحق توفير المسكن من قبل الدولة، معتبراً أن هذه الخطوة ستوفر الكثير من الأموال على الدولة، كما تحتاج إعادة النظر في هذه الفلسفة إلى تعاون الحكومة مع مجلس الأمة وتحتاج أيضاً إلى "تهيئة" المواطن لتقبله، على أن يكون الأمر تدريجياً.
شدد المضف على ضرورة أن يتزامن ذلك مع إقرار قانون التمويل العقاري الذي يسمح للبنوك التجارية بتمويل مساكن المواطنين، وقانون المطور العقاري وكذلك تحرير الأراضي السكنية للسماح لشركات القطاع الخاص بدخول هذا السوق، معتبراً أن هذه الخطوات الثلاث من شأنها أن توفر "حلاً مستداماً" للمشكلة الإسكانية.
زاد عدد الكويتيين خلال السنوات العشر الأخيرة بنحو 350 ألفاً ليصل إلى نحو 1.47 مليون نسمة يشكلون 32 في المئة من إجمالي السكان البالغ عددهم 4.6 مليون نسمة، ويشكل الوافدون والأجانب النسبة الباقية.
حق الرعاية السكنية
تكفل الدولة حق الرعاية السكنية للأسرة الكويتية، وتوفر لها في سبيل ذلك قطعة من الأرض مكتملة المرافق، كما تمنح رب الأسرة قرضاً حكومياً من بنك الائتمان قيمته 70 ألف دينار بلا فوائد يتم سداده على فترة تمتد حتى 60 عاماً، ويسدد أقساطاً لا تتجاوز 100 دينار أو ما يعادل 10% من المرتب أيهما أعلى.
مع زيادة عدد المواطنين وصل عدد الطلبات الإسكانية إلى نحو 100 ألف، ما يعني أن مئة ألف أسرة كويتية مازالت تنتظر الحصول على السكن المناسب وامتدت قوائم الانتظار إلى أكثر من 17 عاماً، في ظل عجز الدولة عن الوفاء بكل هذه الطلبات بسبب شح السيولة المالية.
يصف المضف هذه الخطوات بأنها "حلول قصيرة الأجل" وتوفر للبنك سيولة تمكنه من تقديم التمويل اللازم لنحو 11 ألف قسيمة (قطعة أرض جاهزة للبناء)، مشيراً إلى أن البنك يدرس حالياً مع البنوك الكويتية وكذلك مع شركة أوليفر ويمن إصدار سندات في السوق الكويتي بمليار دينار، كما لايزال البنك يدرس كل الخيارات في هذا الصدد سواء كانت سندات أو صكوكاً أو قروضاً.
كان مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) أقر الثلاثاء الماضي بالإجماع تعديلاً تشريعياً وفر من خلاله 800 مليون دينار سيولة لبنك الائتمان، تشمل 300 مليون دينار زيادة رأسمال للبنك من الصندوق الكويتي للتنمية، بالإضافة إلى إعادة جدولة سندات قيمتها 500 مليون دينار مستحقة للصندوق على البنك.
يقول المضف "المليار دينار الجديد إذا تم المضي فيه قدماً، إضافة لمبلغ 800 مليون دينار التي وفرها مجلس الأمة الأسبوع الماضي سيمكن البنك من تمويل نحو 20 ألف طلب إسكاني للمواطنين، ويغطي الأراضي والوحدات السكنية الجاهزة في منطقتي المطلاع وخيطان".
ويرى المضف أن كل هذه الحلول لا تغني عن الحلول طويلة المدى التي يجب أن تشمل أيضاً تنويع مصادر الدخل أمام بنك الائتمان بالسماح له بتقديم الخدمات المصرفية الاعتيادية التي تقدمها المصارف التجارية وأن يكون لديه ذراع استثماري يمكنه من استثمار ما لديه من فوائض مالية.
تقوم الحكومة حالياً ببناء مدن سكنية جديدة في منطقتي جنوب سعد العبدالله (غرب الكويت) وجنوب صباح الأحمد (جنوب البلاد)، بما يستوعب عشرات الآلاف من الوحدات السكنية الجديدة.
قال المضف إن البنك لابد أن يكون مستعداً لتمويل المواطنين للحصول على الوحدات السكنية في هذه المدن، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الاستراتيجية الجديدة التي يدعو إليها.