أثرياء أمريكا يشعرون بالارتياح بعد إلغاء زيادة الضرائب مؤقتاً

time reading iconدقائق القراءة - 14
سيناتور جو مانشين، ديمقراطي من ويست فيرجينيا، يتحدث إلى الإعلام في واشنطن يوم الإثنين 13 ديسمبر 2021 - المصدر: بلومبرغ
سيناتور جو مانشين، ديمقراطي من ويست فيرجينيا، يتحدث إلى الإعلام في واشنطن يوم الإثنين 13 ديسمبر 2021 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

عام استثنائي بالنسبة إلى أثرياء أمريكا أصبح أفضل مما كان، على الأقل من حيث صحة مراكزهم المالية.

إذا صوت سيناتور ويست فيرجينيا، جو مانشين، ضد الخطة الاقتصادية للرئيس جو بايدن، كما صرح بذلك يوم الأحد الماضي، سينقذ الأثرياء الأمريكيين من أي زيادة ضريبية، ويوفر على 0.1% مئات المليارات من الدولارات على مدى العقد القادم.

قال ستيفين وينتر، شريك في شركة "بي دي أو" الذي يقدم استشارات بالأساس لصناديق التحوط والاستثمار المباشر: "إذا قلت إن عملائي كانوا يحتفلون أكون قد استخدمت تعبيراً خاطئاً. والصحيح أنهم تنفسوا الصعداء".

صمم الديمقراطيون مشروع قانون قيمته 1.75 تريليون دولار يهدف إلى تضييق الفجوة الواسعة في توزيع الثروة بزيادة الائتمان الضريبي للأطفال والبالغين من أصحاب الدخول المنخفضة وفي نفس الوقت جمع إيرادات من الأثرياء والشركات.

تجمع البنود الثلاثة الأكثر تكلفة في مشروع القانون الأخير بالنسبة لفاحشي الثراء أكثر من 640 مليار دولار على مدى العقد القادم، بما فيها ضريبة إضافية على الدخول التي تزيد على 10 ملايين دولار، وفق تقديرات اللجنة المشتركة للضرائب.

خطوة ذات معنى

رغم أن كثيراً من مقترحات الديمقراطيين الضريبية الأكثر جذرية جرى تخفيضها أو إسقاطها أثناء المفاوضات، يقول مدير البحوث لدى معهد الضرائب والسياسة الاقتصادية اليساري، كارل ديفيز، إن مشروع القانون سيكون "خطوة ذات معنى في خفض درجة عدم المساواة".

وقدر تحليل أجراه المعهد أن التعديلات التي يدخلها القانون على الائتمان الضريبي للأطفال وكذلك على الدخل المكتسب سترفع دخول أفقر 20% من الأمريكيين بنسبة تزيد على 10%.

بدون تمرير هذا القانون، المعروف باسم "إعادة البناء بشكلٍ أفضل"، ربما لا يستطيع بايدن تحقيق الهدف الذي يردده غالباً بفرض المساواة والعدالة بين الأثرياء وغيرهم على المسرح الاقتصادي.

عندما أعلن عن خطته في أبريل الماضي، قال بايدن أمام الكونغرس: "إننا سنكافئ العمل، لا الثروة وحدها. أعتقد أنه ينبغي أن يكون بإمكانك أن تصبح مليونيراً أو ملياديراً، ولكن ادفع حصتك العادلة".

الجمهوريون، الذين يرفضون بالإجماع مشروع بايدن، في حالة من الطرب والسرور بسبب احتمال سقوطه. قال زعيم الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل في تغريدة: "إن أكبر هدية في عيد الميلاد يمكن للديمقراطيين أن يقدموها للشعب الأمريكي هي إجهاض هذا المشروع الذي يفرض الضرائب عشوائياً ويسرف في الإنفاق".

تسبب الوباء في تفاقم عدم المساواة، فأصبح أغنى 1% من الأمريكيين يملكون أكثر من 32% من ثروة الولايات المتحدة، وهي أكبر حصة على الأقل منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي بحسب تقديرات بنك الاحتياطي الفيدرالي.

رغم ارتفاعه بمقدار 2.4 نقطة مئوية منذ بداية عام 2020، فقد انخفض نصيب الطبقة الوسطى من الثروة (وهي التي تقع بين نقطتي 50 و99 مئوية) عن إجمالي الفترة.

نقطة واحدة مضيئة هي أن الأموال التي ضخت لمواجهة تأثير الجائحة ساعدت النصف الأفقر من الأسر الأمريكية على زيادة مدخراتهم بنسبة صغيرة.

ويملك حالياً النصف الأفقر من الأمريكيين 2.5% من ثروة البلاد، بزيادة 0.7 نقطة مئوية منذ بداية عام 2020، وهي أعلى حصة يستحوذون عليها منذ عام 2004.

"غولدمان ساكس" تقلص توقعاتها للناتج الأمريكي بعد معارضة أجندة بايدن الاقتصادية

مكاسب كبيرة

في نفس الوقت، جنى الأمريكيون الأكثر ثراءً مكاسب هائلة غير متوقعة. ومنذ بداية العام الماضي، ارتفع صافي ثروة الأمريكيين المدرجين على مؤشر "بلومبرغ بليونيرز"، الذي يقيس ثروة أغنى 500 شخص في العالم، بنسبة 45%.

عدد الأمريكيين المدرجين على هذه القائمة يبلغ 169 مليارديراً وتبلغ ثروتهم حالياً 3.5 تريليون دولار، متجاوزين بذلك كل ما يملك النصف الأدنى من الأمريكيين مجتمعين.

وعلى هذه الخلفية، كان الأثرياء مستعدين للأسوأ من بايدن والديمقراطيين. غير أن المشرِّعين اضطروا إلى إسقاط مقترحات كانت تطالب تقريباً بمضاعفة الحد الأعلى لسعر الضريبة على الأرباح الرأسمالية، وإغلاق الثغرات مثل عمولة خدمات الاستثمار التي يستفيد منها مديرو صناديق الاستثمار المباشر، ووضع صعوبات أكبر على نقل الثروة إلى الورثة بدون ضرائب.

قال بيل سميث، العضو المنتدب للاستشارات الضريبية بشركة "سي بي آي زد إم إتش إم": "إن جانباً كبيراً من مصدر قلق الأثرياء الأمريكيين قد استبعد فعلاً، وكثير من المخاوف قد تلاشت بالفعل".

غير أن مستشاري الأثرياء لا يشعرون بالارتياح، وكثير منهم، ومن بينهم وينتر من شركة "بي دي أو"، تساورهم شكوك بأن الديمقراطيين قد يتوصلون في النهاية إلى اتفاق على حزمة مخفضة.

ومع هذا القدر من الغموض، يقول وينتر: "يصبح من المستحيل حرفياً اتخاذ أي خطوات استباقية" لتجنب الضرائب نكون واثقين في نجاحها.

مع ذلك، يسارع الأثرياء الأمريكيون إلى استكمال الإجراءات قبل نهاية العام، في محاولة لضمان تطبيق نسبة الضرائب السارية حالياً والاستفادة من ثغرات القوانين طالما استطاعوا ذلك.

مثال ذلك أن مليارديرات الولايات المتحدة يبيعون أسهماً حالياً بوتيرة تزيد على ضعف معدلات السنة الماضية، ليطمئنوا إلى أن هذه المبيعات لن تخضع للضريبة الإضافية المقترحة، وهي 5% على الدخول التي تزيد على 10 ملايين دولار بالإضافة إلى 3% أخرى على الدخول التي تتجاوز 25 مليون دولار، والتي تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من عام 2022.

تمويل دائرة الإيرادات الداخلية

تصريحات مانشين تهدد أيضاً خطط الزيادة الكبيرة في تمويل دائرة الإيرادات الداخلية.

انخفضت النسبة التي تحصلها الوكالة من مراجعة ثروات الأغنياء بشدة نتيجة خفض الموازنات، وهو اتجاه يقول عنه جاي سوليد، الأستاذ بجامعة روتجرز ومحامي الضرائب، إنه "يبث رسالة للناس بأنهم يستطيعون أن يفعلوا ما يشاؤون دون أي عواقب تستحق الذكر".

رغم العراقيل الأخيرة التي تواجه مشروع القانون، يقول المستشارون إن كثيراً من عملائهم مازالوا يسارعون إلى الانتهاء من الإجراءات بحلول نهاية العام، تحسباً لأي جديد. وربما تتاح فرص جديدة لانتقال الثروة إلى الورثة.

ومع تأجيل مشروع القانون حتى العام القادم على الأقل، قالت ماريا روبن، شريك لدى "لاثروب جي إم بي"، إن عملاءها "مستعدون للتحرك" بتأسيس صناديق ضمان العوائد (GRAT)، وهي أدوات استثمارية تساعد في الالتفاف على ضرائب المنح والميراث بأن تسمح للورثة بالاستفادة من ارتفاع قيمة أصول لا يملكونها. وأضافت أن تراجع الأسواق مؤخراً وتوقعات رفع أسعار الفائدة تجعل صناديق "GRAT" استراتيجية جذابة.

لم تدرج أي نصوص لإغلاق ثغرة صناديق ضمان العوائد في النسخة الأخيرة من مشروع القانون.

لا ضرورة للتعجل

معارضة مانشين مهمة أكثر بالنسبة لأولئك الذين "كانوا يترددون" أو يتأخرون في اتخاذ خطوات نقل الثروة إلى الورثة، كما تقول لورا زويكر، رئيسة شركة "غرين بيرغ غلاسكر" للقانون في لوس أنغلوس.

أضافت لورا: "إعلان السيناتور مانشين يرجح احتمال ألا يتجه العملاء إلى المسارعة إلى تخطيط ثرواتهم في عام 2021، وأن يمنحوا أنفسهم بعض الوقت للتفكير في المعاملات التي يجرونها".

وقال البروفيسور سوليد من جامعة "روتجرز" إذا لم يتوصل الديمقراطيون إلى اتفاق قريباً، فقد تمر عدة سنوات قبل أن تتاح أمامهم أي فرصة لتغيير قوانين الضرائب.

وأضاف: "إن قانون الضرائب يتضمن نصوصاً تسمح للناس ألا يدفعوا نصيبهم العادل منها. وهناك مواطن خلل في النظام تؤدي إلى تفاقم ظاهرة عدم المساواة".

تصنيفات

قصص قد تهمك