هل يتخلى "المركزي الأوروبي" عن وصف ارتفاع التضخم بـ "المؤقت"؟

time reading iconدقائق القراءة - 15
سؤال الساعة أمام البنك المركزي الأوروبي، هل ارتفاع التضخم لا يزال مؤقتاً؟ - المصدر: بلومبرغ
سؤال الساعة أمام البنك المركزي الأوروبي، هل ارتفاع التضخم لا يزال مؤقتاً؟ - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يتعين على البنك المركزي الأوروبي، اتخاذ قرار كبير، هذا الأسبوع، بشأن ما إذا كان

ما يزال بإمكانه وصف الارتفاع الحالي في التضخم بأنَّه "مؤقت".

الإجابة على هذا التساؤل سيكون لها تأثير كبير على اقتصاد منطقة اليورو التي تتعامل بالفعل مع تجدد عدوى فيروس كورونا، والقيود الجديدة، وعمليات الإغلاق، وعدم اليقين بشأن متحوِّر "أوميكرون".

وإذا جاء القرار خاطئاً؛ فإنَّ عواقبه ستكون وخيمة، وقد يؤدي الإبقاء على السياسة النقدية التوسعية لفترة أطول مما يجب إلى السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، ثم إلى مزيد من التشديد المفاجئ لاحقاً، وهو ما يخنق النمو.

لكنَّ إلغاء المصطلح يمكن أن يشير إلى خروج أسرع من التحفيز، وهو ما سيُشعل عمليات بيع محتملة في سندات الدول ذات هامش العائد المرتفع، إلى جانب تشديد الظروف المالية مما يهدد بإلحاق الضرر بالاقتصاد في الوقت الحالي.

توقعات متباينة للتضخم

في قراره يوم الخميس، سيكون مجلس المحافظين قادراً على الاعتماد على التوقُّعات الجديدة حتى عام 2024، والرئيسة، كريستين لاغارد، مقتنعة بأنَّ نمو أسعار المستهلكين - حالياً عند مستوى قياسي يبلغ 4.9% - سيعود في النهاية إلى دون هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، في حين يقلق نائبها، لويس دي غويندوس، من أنَّ التضخم "لن ينخفض بالسرعة وبالقدر" المتوقَّع، كما أنَّ عضوة المجلس التنفيذي، إيزابيل شنابل، ترى مخاطر صعودية.

وتخلى رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، بالفعل عن وصف كلمة "المؤقت" للتضخم، كما طعن كثيرون آخرون في صلاحية المصطلح، وقد يكون لدى البنك المركزي الأوروبي أسباب للاحتفاظ به مثل ركود سوق العمل، والتضخم الأساسي المنخفض نسبياً، إلى جانب الخوف من أنَّ تغيير اللهجة قد يؤدي إلى رد فعل مدمّر من السوق.

وفيما يلي نظرة على ما يقود التضخم في المنطقة المكونة من 19 دولة، وكيف ستتطور هذه العوامل؟.

سلسلة التوريد

يستمر النقص العالمي في قطع الغيار والمواد الخام لفترة أطول من المتوقَّع، برغم توقُّع الشركات انحساره "تدريجياً" حتى عام 2022، ويتفق معها الاقتصاديون في "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، مستشهدين بأدلة مثل انخفاض أسعار الشحن والذي يُثبت أنَّ المشكلات "تتلاشى عبر مجموعة واسعة من المؤشرات".

وفقاً لاستطلاعات الرأي الأحدث؛ انخفض عدد الشركات التي تعاني من أوقات تسليم أطول، ومع ذلك ما يزال الوضع متوتراً في منطقة اليورو والولايات المتحدة.

وقال بنك التسويات الدولية، إنَّ بعض اتجاهات الأسعار "يمكن أن تنعكس" عندما تتوقف الشركات عن التخزين الاحترازي.

ما يزال الوباء يشكل خطراً، وعلى سبيل المثال، لا تتحمل الدول الآسيوية معدلات الإصابة المرتفعة، مما يعني أنَّ أي ارتفاع جديد في الحالات قد يؤدي إلى اضطرابات جديدة في الإنتاج من شأنها أن تنتشر في الاقتصاد العالمي.

تأثيرات الطاقة

كان ارتفاع السلع محركاً رئيسياً للتضخم، وكانت الطاقة مسؤولة عن أكثر من نصف أحدث معدل للتضخم، وصعدت أسعار النفط في أوروبا بنسبة 48% العام الجاري، في حين ارتفعت تكلفة الغاز الطبيعي خمسة أضعاف.

قال "بنك أوف أمريكا"، إنَّ الأسعار قد تضطر حتى للصعود أكثر في ظل التوقُّعات بوصول متوسط سعر الخام إلى 85 دولاراً للبرميل العام المقبل من 70 دولاراً العام الجاري.

وبالنسبة للغاز الطبيعي؛ فإنَّ انتقال الطاقة إلى صافي الانبعاثات الصفرية قد يعني استمرار الارتفاع والتقلب في الأسعار.

تصدّرت معظم توقُّعات أسعار الطاقة مقدماً بحوالي عام أو عامين فقط، ويتسبب مزيج من العوامل العالمية في غموض الصورة بالنسبة لأوروبا مثل التوتر مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشأن أوكرانيا، أو إطلاق مخزونات النفط في الولايات المتحدة، أو الطقس البارد، والتي من شأنها أن تؤثر في الأسعار.

نمو الأجور

تتعافى سوق العمل في أوروبا، ويرى الاقتصاديون، بمن فيهم، آنا تيتاريفا، من "يو بي إس"، عودة نمو الأجور إلى حوالي 2.5% بحلول نهاية عام 2023، وتقدِّر آنا، وزملاؤها أنَّ كل زيادة بنسبة 1% تعزِّز المعدل الأساسي بنحو 0.3%.

وفي ألمانيا، من المقرر أن يرتفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 25%، وهو تعديل لمرة واحدة، ويرى "يو بي إس" أنَّه يمكنه أن يخلق ضغوطاً أوسع على الأجور في الاقتصاد.

ومن المرجح أن يعوق نمو الأجور في فرنسا الركود الكبير في سوق العمل، وكذلك المخاوف المتعلقة بالقدرة التنافسية، وقد يستقر نمو الأجور في إسبانيا حول 2% العام المقبل، و3% في عام 2023.

وتقول "بلومبرغ إيكونوميكس"، إنَّه لا يوجد دليل على خروج التضخم عن السيطرة، وفي حين يمكن أن يؤدي ارتفاع التضخم، وسوق العمل ضيقة المعروض إلى نمو الأجور السنوية بنسبة تصل إلى 3%؛ فإنَّ هذا "ليس بالحجم الذي قد يثير قلق البنك المركزي الأوروبي"، وفقاً لفيليب غودين من "باركليز".

الطلب الاستهلاكي

يُعزى ارتفاع التضخم جزئياً إلى التحول في الإنفاق الاستهلاكي من الخدمات - المغلقة لفترات طويلة أثناء الإغلاق - إلى السلع. وقد أغرق الطلب المصانع التي كانت تصارع قيوداً خاصة بها.

و مايزال لدى الأسر مدخرات فائضة يمكن إنفاقها بمئات المليارات من اليورو، برغم أنَّ تحليل البنك المركزي الأوروبي قد خلُص إلى أنَّ هناك احتمالية "محدودة" لتدفق كل هذه الأموال بسرعة إلى الاقتصاد، وعلاوة على ذلك؛ فإنَّ عودة ظهور العدوى وضغط التضخم يؤثران في مزاج المستهلك.

تحولات في مسار التضخم

سيأتي أكبر تخفيف للتضخم في منطقة اليورو من ألمانيا عندما يظهر تأثير ضرائب القيمة المضافة المنخفضة المطبقة في النصف الثاني من عام 2020، وعندما تخرج الزيادة في ضرائب الكربون من المعادلة.

ويقدِّر البنك المركزي الألماني أنَّ العامل الأول وحده قد عزز أسعار المستهلكين في البلاد بأكثر من 1%، في حين يتوقَّع بنك "بيرينبيرغ" أنَّ انتهاء التأثيرين قد يقلل التضخم في منطقة اليورو بمقدار 0.4% في يناير.

ومع ذلك؛ فإنَّ التغييرات في سلة السلع والخدمات المستخدمة لحساب التضخم - تعد أنماط الإنفاق في العام السابق مهمة - يمكن أن تؤخر تباطؤ الأسعار في النصف الثاني، وفقاً للخبيرة الاقتصادية في "بلومبرغ"، مايفا كوزين.

وقال هولغر شميدنغ من "بيرينبيرغ"، إنَّ التضخم في منطقة اليورو سيصل إلى مستوى منخفض يبلغ 1.5% في نوفمبر المقبل، و "بعد ذلك؛ يمكن أن يؤدي ارتفاع تكاليف الأجور، وتكاليف التحول الأخضر، وإعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية، وزيادة التدخلات الحكومية في الاقتصاد، إلى اتجاه صعودي بطيء، ولكنَّه مستمر في التضخم لسنوات قادمة".

تصنيفات

قصص قد تهمك