أدى حدثان محتملان إلى تعقيد التوقعات الاقتصادية العالمية لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، فيما يستعد لخطابه اليوم الجمعة في ندوة "جاكسون هول" المصرفية المركزية التي ستعقد افتراضياً.
الأول: تأييد مجلس النواب الأمريكي لقرار الرئيس جو بايدن بشأن الميزانية البالغة 3.5 تريليون دولار، مما جعل القرار يتقدم خطوة مهمة نحو إقراره. يشمل القرار 550 مليار دولار للإنفاق على البنية التحتية.
والثاني: إشارة بنك الشعب الصيني إلى أنه سيضخ الائتمان في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. تريليون هنا، وتريليون هناك، وسرعان ما ستتحدث عن أموال ضخمة تُضَخ في الاقتصاد العالمي.
المال شبيه بالمياه، فهو يتسرب عبر الشقوق وعبر الحدود. يعمل التحفيز النقدي من برامج التيسير الكمي للبنوك المركزية الكبرى على رفع جميع القوارب على مستوى العالم. من المؤكد أن التحفيز الصيني الكبير سيكون له تأثير في الاقتصاد الأمريكي، تماماً مثلما يؤثر إنفاق أمريكا في الصين. يتعين على الاقتصاديين في بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن معرفة ما إذا كانت هذه العوامل المحتملة تجبر البنك المركزي الأمريكي على التخفيف من حوافزه الخاصة.
اقرأ أيضاً: استطلاع: "الفيدرالي" الأمريكي سيبدأ تخفيض مشتريات الأصول مطلع 2022
لأول مرة في التاريخ المعاصر، عملت الحكومات والبنوك المركزية بشكل منسق لمكافحة الركود الوبائي الحاد (بالنسبة إلى البعض، قد يكون هذا التعاون وثيقاً للغاية)، ولكن قد تكون هناك حاجة إلى المزيد، مثل وقف الركود في مساراته وعكس اتجاهه، لكن الإنفاق الضخم، واحتمال التضخم الجامح، بدأ للتو.
حزمة النقد الدولي
بصرف النظر عن التأثير المحتمل للكونغرس الأمريكي وشي جين بينغ، هناك معلوماتان معلنتان يجب على رؤساء البنوك المركزية أخذهما في الاعتبار، إذ أطلق صندوق النقد الدولي، يوم الاثنين الماضي، أكبر تخصيص على الإطلاق لحقوق السحب الخاصة (650 مليار دولار). سيستهدف هذا في المقام الأول الأسواق الناشئة، إذ سيكون له تأثير زلزالي في برامج التطعيم في البلدان الفقيرة. أيضاً سيعمل الاتحاد الأوروبي أخيراً على تشغيل المنح الأولى أصدرها صندوق الانتعاش الأوروبي (الجيل القادم للاتحاد الأوروبي) الذي تبلغ قيمته 800 مليار يورو (938.7 مليار دولار).
قد يكون تقديم الدعم للنمو الأمريكي، الذي يبدو أنه أكثر انتقالية من المستويات المرتفعة للتضخم، أمراً متأخراً، إذ كانت البيانات الاقتصادية الأخيرة دليلاً على ذلك. لذا، إذا كان باول متشدداً للغاية في خطابه فإنه يخاطر بدفع أسواق العالم إلى نوبة غضب شبيهة بعامَي 2013 و2018. ولكن إذا تباطأ وتأخر كثيراً فإن نافذة الحد من التحفيز النقدي (120 مليار دولار من الاحتياطي الفيدرالي التسهيلات الكمية الشهرية) سوف تغلق.
هناك أيضاً تأثير التحفيز المالي، إذ يتعين على هيئة السوق المفتوحة الفيدرالية أن تخمن مقدار الأموال التي ستُضخ في الاقتصاد الأمريكي من قِبل إدارة "بايدن"، وهذه ليست بالمهمة السهلة. كل هذه الأموال سيكون لها تأثير تضخمي في النهاية.
اقرأ أيضاً: هل يغلق بنك إنجلترا صنابير أموال التحفيز قبل "الفيدرالي الأمريكي"؟
كان لبيان بنك الشعب الصيني بالفعل تأثير تحوّل ديناميّ على النفط الخام، وخام الحديد، وأسهم التكنولوجيا الصينية، مما يظهر الآمال المتزايدة تجاه حدوث تغيير عميق في التحفيز الصيني. قد تكون نقطة تحول رئيسية بعد أن انخفض الدافع الائتماني الصيني بشكل كبير هذا العام.
كل هذا التحفيز النقدي والمالي العالمي قد يقنع باول بالتفكير ملياً في الأمور، ويقرر أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت لتقييم آثارها الكمية والنوعية. لقد كان للتدابير النقدية غير التقليدية -مثل التيسير الكمي- أثر متضائل بمرور الوقت، لكنها تعمل على تنشيط عجلة الإنفاق الحكومي للعمل بشكل أكثر سلاسة. وحتى يعلم باول مقدار المزيد الذي سيُضخ في الأنبوب، فسيكون متردداً بشدة في إغلاق الصنابير.
إنّ حياة محافظ البنك المركزي الجديد ليست سهلة، فمن يتخذ خطوة خاطئة لم يكافئ في نهاية المطاف.