بلومبرغ
يتأهب المتداولون في وول ستريت لبيانات تضخم رئيسية، بعد استيعابهم أرقاماً اقتصادية مختلطة وفحصهم لتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بحثاً عن أدلة حول آفاق أسعار الفائدة.
تكبدت مؤشرات الأسهم خسائر طفيفة بعد أن أظهر تقرير أن الاقتصاد الأميركي نما بمعدل أبطأ في نهاية العام الماضي حيث أدى بتعديل أرقام المخزونات بالخفض إلى التغطية على إنفاق الأسر والاستثمارات القوية. وجاءت البيانات -التي ينظر إليها العديد من المستثمرين على أنها "هادئة"- قبل 24 ساعة فقط من إصدار مؤشر التضخم الأكثر متابعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
بعد قفزة مؤشري أسعار المستهلكين والمنتجين، من المرجح أن يسلط مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، المنتظر صدوره يوم الخميس، الضوء على المسار الوعر الذي يواجهه البنك المركزي في تحقيق هدفه البالغ 2%. ويُنظر إلى نفقات الاستهلاك الشخصي على أنها تؤكد صحة التصريحات الأخيرة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الذين يظهرون عدم الاندفاع لتيسير السياسة النقدية.
قال كريس زاكاريللي، كبير مسؤولي الاستثمار في "إندبندنت أدفايزور أليانس": "البيانات الأخيرة ليست جوهرية، ويجب تجاهلها خارج نطاق تأثيرها على تحركات السوق قصيرة المدى للغاية.. نحن مهتمون أكثر ببيانات نفقات الاستهلاك الشخصي".
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) إلى حوالي 5070 نقطة. وواصل سعر سهم "إنفيديا كورب" تراجعه من مستوياته القياسية. وهبط سعر سهم "أبل" ولكنه تماسك بالقرب من مستوى الدعم الفني البالغ 180 دولاراً. صعد سعر سهم "تسلا". وهوى سعر سهم "يونايتد هيلث غروب" بعد تقارير إخبارية تفيد بأن وزارة العدل الأميركية بدأت تحقيقاً لمكافحة الاحتكار. على صعيد آخر، ارتفعت قيمة "بتكوين" لتتخطى مستوى 60 ألف دولار في صعود مدعوم في الغالب بإطلاق الصناديق المتداولة المسموح لها بحيازة الرمز المميز في البورصة الأميركية هذا العام. وانخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أربع نقاط أساس إلى 4.26%.
تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي
أشار ثلاثة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى أن وتيرة خفض أسعار الفائدة ستعتمد على البيانات الاقتصادية الواردة.
قالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن سوزان كولينز، ومحافظ البنك في نيويورك جون ويليامز إن الخفض الأول سيكون مناسباً على الأرجح "في وقت لاحق من العام الحالي"، في حين قال رافائيل بوستيك من أتلانتا إنه يفكر حالياً في خفض الفائدة في وقت ما هذا الصيف.
وتتجه سندات الخزانة لتكبد خسائر للشهر الثاني على التوالي بعد أن أدت أرقام التضخم التي فاقت التوقعات إلى الحد من توقعات خفض أسعار الفائدة.
تقلص رهانات خفض الفائدة
يراهن المتداولون حالياً على خفض الفائدة خلال العام الحالي بإجمالي 80 نقطة أساس، وهو ما يتماشى تقريباً مع ما أشار إليه المسؤولون في ديسمبر على أنه النتيجة الأكثر ترجيحاً. وهذا يعادل خفض أسعار الفائدة 3 مرات في 2024، خاصة أن تحركات الاحتياطي الفيدرالي السابقة كان حجمها 25 نقطة أساس. ولوضع الأمور في نصابها الصحيح، كانت عقود المقايضة تتوقع في بداية فبراير خفض الفائدة بنحو 150 نقطة أساس هذا العام.
وقال مات مالي من "ميلر تاباك"، إنه بالنظر إلى أن عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل أظهرت علامات مهمة على أنها شهدت تغييراً في الاتجاه نحو الاتجاه الصعودي هذا العام، فإن بيانات التضخم يوم الخميس لا يزال من الممكن أن تحدث هزة بالسوق قبل انتهاء الأسبوع.
وأوضح: "إذا أدت بيانات التضخم غداً إلى ارتفاع العائدات، فقد يتسبب ذلك في استجابة مستثمري الأسهم أخيراً للتغير في اتجاه عوائد السندات هذا العام".
جدل التقييمات
بلغت أسعار الأسهم مستويات قياسية متتالية منذ بداية 2024، مدعومة بالتكهنات بشأن تخفيضات أسعار الفائدة ونشوة الذكاء الاصطناعي، وتتجه الآن نحو تسجيل صعود للشهر الرابع على التوالي. وأثار هذا التفاؤل مخاوف من تحركها في المرحلة الحالية عرضياً أو التراجع.
وقال ديفيد باهنسن، كبير مسؤولي الاستثمار في "باهنسن غروب" (Bahnsen Group): "نعتقد أن هناك مخاوف بشأن التقييمات في جميع أنحاء الأسواق.. فالأسواق تتوقع نمواً غير واقعي في الأرباح في هذه المرحلة. ومن الصعب علينا تبرير وصول المؤشرات إلى هذه المستويات".
يشير باهنسن أيضاً إلى أن المستثمرين يجب أن يكونوا "حكيمين وانتقائيين"، على أن يتجنبوا استراتيجية تعتمد ببساطة على شراء الأسهم التي ترتفع. وأضاف: "نتوقع أن يزداد اتساع السوق.. السؤال هنا هو ما إذا كان سيزيد أم لا من أعلى 5 إلى 10 أسماء ذات الأداء الضعيف، أو أن مكونات السوق ذات الأداء الضعيف حالياً تتزايد، أو مزيج من هذا وذاك".
وصلت مؤشرات الأسهم الأميركية إلى نقطة انعطاف مهمة، فهي تستعد إما "للارتفاع أو الهبوط"، وفق كريغ جونسون من "بايبر ساندلر" (Piper Sandler). وأضاف أن الأدلة الفنية تشير إلى أن الحركة التالية البالغة 10% في سوق الأسهم ترجح الهبوط أكثر من استكمال الصعود.
في هذا الشأن قال جونسون: "ما زلنا نلاحظ ضعف اتساع السوق بشكل عام.. ولكن إذا زاد عمق السوق، فسيصب ذلك في صالح القطاعين المالي والرعاية الصحية حيث إنهما من بين أكبر الأوزان في مؤشر (راسل 2000). أما التراجع فمن المرجح أن ينجم عن جني الأرباح في أسهم العظماء السبعة".
في حين أن التقييمات أعلى بالنسبة للشركات الكبرى "العظماء السبعة"، إلا أنها مضمونة بالنسبة للمجموعة التي تحقق نمواً في الأرباح "أفضل بكثير" من الشركات المتبقية في مؤشر "إس آند بي 500"، وفق مارك ديزارد من "بي إن سي" (PNC).
ارتفع متوسط ربحية السهم الواحد في هذه المجموعة -التي تضم الشركات العملاقة "إنفيديا" و"ميتا بلاتفورمز" و"مايكروسوفت" و"أمازون"، و"ألفابت" و"أبل" و"تسلا"- بنسبة 55% في الربع الرابع مقارنة بالعام الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
وقال ديزارد: "في الوقت الحالي، أسهم العظماء السبعة ليست مجالاً أود التركيز عليه، لكنني لا أرغب في إهمالهم في المحفظة الاستثمارية أيضاً.. لذلك، من المؤكد أني أنصح بالتعرض لهذه الشركات والاحتفاظ بأسهمها، لكن أنصح بالاحتفاظ بها في سياق محفظة أكثر تنوعاً على نطاق واسع".
من جهته يقول سكوت روبنر من "غولدمان ساكس" -والذي أطلق مؤخراً على "إنفيديا" لقب "السهم الأكثر تأثيراً في العالم" قبل أرباحها الضخمة- إنه ثبت أنه من المستحيل التكهن بذروة سوق الأسهم الأميركية المبتهجة.
وكتب روبنر أن المستثمرين الأفراد قد تم إغواؤهم بهذا الصعود في الوقت الذي بدأ فيه السيناريو المثالي، حيث لا ينمو الاقتصاد بعنف أو يتباطأ بدرجة تدعو للقلق- مما دفع المحللين بسرعة إلى رفع مستهدفاتهم لنهاية العام. وقال إن شهر مارس أصبح الآن "ممتلئًا" وإن الارتفاع تبدو عليه علامات "الإجهاد"، ولكن ليس هناك حافز لعمليات بيع محتملة.
أداء أبرز المؤشرات:
- انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.2% في الساعة 4 مساءً بتوقيت نيويورك
- تراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.5%
- ارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.1%
- صعد سعر "بتكوين" 6.4% إلى 60389.51 دولار
- ارتفعت قيمة "إيثر" 1.5% إلى 3298.7 دولار