بلومبرغ
فقد صعود أسعار الأسهم المدفوع بميل مجلس الاحتياطي الفيدرالي للتيسير النقدي -والرهانات على الهبوط الاقتصادي السلس- قليلاً من الزخم، يوم الخميس، وسط تكهنات بأن السوق قد بالغت في مقدار وسرعة الارتفاع.
بعد صعود مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) واقترابه بقوة من أعلى مستوى له على الإطلاق، تذبذب المؤشر، خاصة وأن التقييمات ومستويات "التشبع الشرائي" الفنية تشير إلى أن الأسهم معرضة للتراجع. واجهت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى ضغوطاً، وسجل مؤشر "ناسداك 100" (Nasdaq 100) أداءً ضعيفاً بعد ارتفاعه بأكثر من 50% في 2023. وابتعد "مؤشر الخوف" (VIX) للأسهم الأميركية عن أدنى مستوى له منذ أربع سنوات تقريباً. كما يُنتظر أن يحين آجال عقود مشتقات مرتبطة بالأسهم والمؤشرات يوم الجمعة وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار.
قالت كالي كوكس، من "إي تورو" (eToro): "نحن قلقون بعض الشيء بشأن الأسابيع المقبلة.. الأسهم في حاجة إلى فحص جاد لقوة الزخم. فلم يتراجع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1% منذ أواخر أكتوبر. كانت رهانات خفض أسعار الفائدة قوية، ولكن لن نتفاجأ إذا هدأت.. لا ينبغي أن يغير ذلك وجهات نظرنا حول البيئة المواتية التي نمر بها الآن".
ارتفعت سندات الخزانة ليصل العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى ما دون 4%. وانخفض سعر صرف الدولار مقابل جميع أقرانه بالأسواق المتقدمة. وكان هذا دفوعاً جزئياً بصعود كل من اليورو والجنيه الإسترليني بعد أن أشار محافظو البنوك المركزية في أوروبا إلى أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم للانضمام إلى تحول الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة.
صعود واسع النطاق
ارتفعت أسعار الأسهم والسندات والائتمان والسلع، يوم الأربعاء، عندما توقع الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من التخفيضات في أسعار الفائدة في 2024 وامتنع رئيس البنك جيروم باول عن معارضة رهانات خفض الفائدة في وول ستريت.
يمكن توضيح نطاق وكثافة (الصعود) من خلال مؤشر يتتبع أدنى عائد للصناديق الخمسة الرئيسية المتداولة في البورصة والتي تتبع هذه الأصول. وبمكاسبه التي فاقت 1%، تجاوزت الزيادة في عموم الأصول كل أيام قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأخرى منذ مارس 2009.
سلّط مات مالي، من شركة "ميلر تاباك + كو" (Miller Tabak + Co)، الضوء على حقيقة أن باول ركز على التعليقات المائلة للتيسير النقدي من قبل أعضاء آخرين بالاحتياطي الفيدرالي. وبافتراض أن هذا لا يعني أن البنك المركزي يشعر الآن بالقلق بشأن الركود، فقد أعطى ذلك المستثمرين الضوء الأخضر لمواصلة شراء الأصول عالية المخاطر.
أصاف مالي: "نحن نود الإشارة إلى أن أسواق السندات والأسهم أصبحت في منطقة ذروة الشراء على المدى القصير.. لذلك، قد تشهد نوعاً من التراجع على المدى القريب قبل معاودة الصعود".
أظهر أحدث استطلاع أجرته بلومبرغ "إنستانت ماركتس لايف بالس" (Instant Markets Live Pulse) أن المستثمرين يتوقعون ارتفاع مؤشر "إس آند بي 500" إلى حوالي 4,835 نقطة بنهاية 2024، وهو مستوى مرتفع عن المسح الأخير قبل قرار الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، فإن مثل هذا الصعود، الذي يرتفع بحوالي 2.5% عن المستوى الحالي، يعكس الشكوك حول مدى قدرة الأسهم الأميركية على الارتفاع بعد صعودها بأكثر من 20% هذا العام.
وبالمثل، توفع الاستبيان تحقيق مكاسب متواضعة بسوق السندات: ورجح متوسط التوقعات بالاستبيان انخفاض عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى حوالي 3.8%.
سوق تستبق الاحتياطي الفيدرالي
أما فابيانا فيديلي من "إم آند جي" (M&G) فترى أن التضخم الأساسي مايزال أكبر نقطة بيانات يجب مراقبتها، ومتابعة مدى انخفاضه، وكيف تتفاعل البنوك المركزية معه. وقالت: "لأنه إذا لم ينخفض التضخم بدرجة كافية -وإلى حيث ينبغي أن يكون- فإن السبب الوحيد الذي يدفع البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة بالقوة التي تتوقعها السوق هو أن الاقتصاد يتدهور بسرعة بالفعل، وهذا لن يكون جيداً للأصول عالية المخاطرة".
سوليتا مارسيلي من "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت" (UBS Global Wealth Management): "وجهة نظرنا هي أن السوق تتوقع وتيرة تخفيضات فائدة سريعة للغاية.. نعتقد أن تجربة دورة الأسعار هذه تشير إلى أنه من المفيد الاستماع إلى الاحتياطي الفيدرالي. تتوقع بشكل أساسي أن يمتنع البنك المركزي عن رفع الفائدة وسيبدأ في خفضها بحلول منتصف 2024، على أن يصل إجمالي تخفيضات الفائدة بحلول نهاية العام إلى 75 نقطة أساس".
عوائد السندات
اختلف بعض أشهر الأشخاص بعالم السندات حول مدى قدرة سندات الخزانة على الارتفاع الآن بعد أن أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى التحول نحو خفض أسعار الفائدة.
يقول جيفري جوندلاش، من "دابل لاين كابيتال" (DoubleLine Capital)، إن عوائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات ستنخفض لتقترب بقوة من 3%، حيث من المرجح أن يخفض البنك المركزي هدفه لسعر العائد على القروض غير المضمونة لليلة واحدة بين البنوك بمقدار نقطتين مئويتين كاملتين في العام المقبل.
على الناحية الأخرى، عارض بيل غروس، ملك السندات السابق بشركة "باسيفيك انفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management)، مثل هذا التفاؤل المفرط، قائلاً إن العائد يقترب بالفعل من حيث ينبغي أن يكون عند 4% فقط.
تواجه أسواق الائتمان إعادة تسعير كبيرة في 2024، إذ تؤثر تكاليف رأس المال المرتفعة على المقترضين ذوي التصنيف المنخفض، وفق أوكسانا أرونوف، من "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت".
أوضحت كبيرة استراتيجيي الاستثمار للدخل الثابت البديل في مقابلة يوم الأربعاء: "استغرق تغيير وضعية سعر الفائدة وقتاً للحدوث- أعتقد أن تعديل وضع الائتمان سيأخذ وقته أيضاً.. وسيحدث اختلافاً كبيراً، تماماً كما حدث في مخاطر أسعار الفائدة".
يحث الاقتصاديون في بعض أكبر البنوك في وول ستريت الآن الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر وبسرعة أكبر العام المقبل، بعد أن أطلق الاجتماع الأخير للبنك المركزي في 2023 شرارة الاحتفالات في الأسواق المالية.
يرى اقتصاديو مجموعة "غولدمان ساكس" مساراً ثابتاً لتخفيضات أسعار الفائدة التي تبدأ في شهر مارس. ويتوقع "باركليز" الآن ثلاثة تخفيضات للفائدة في 2024، مقارنة بتوقعاته السابقة قبل اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي بإجراء خفض واحد فقط. وعدّل "جيه بي مورغان تشيس آند كو" توقعاته حيال بداية دورة التيسير النقدي إلى يونيو من يوليو.
أداء أبرز المؤشرات:
- ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.3% حتى الساعة 4 مساءً بتوقيت نيويورك
- تراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.1%
- صعد مؤشر داو جونز الصناعي 0.4%
- انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.8%
- هبط سعر "بتكوين" 0.1% إلى 42,941.6 دولار
- ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.4% إلى 2,036.36 دولار للأوقية