الصين تفتح الباب أمام سوق مقايضات حجمها 3 تريليونات دولار

"سواب كونيكت" يسهل على الصناديق الخارجية الوصول للمشتقات ويساعدها على التحوط

time reading iconدقائق القراءة - 12
أحد المارة يسير على جسر في الصين - المصدر: بلومبرغ
أحد المارة يسير على جسر في الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

سيكون لدى المستثمرين العالميين الذين يسعون للتداول في الصين، بعد إعادة فتحها، أداة استراتيجية جديدة اعتباراً من اليوم الإثنين، وهي مقايضات أسعار الفائدة الداخلية، التي بلغ حجم سوق التداول السنوي فيها نحو 3 تريليونات دولار العام الماضي.

سيُسّهل ما يسمى ببرنامج "سواب كونكت" (Swap Connect) أو "ربط المقايضات" بين بر الصين الرئيسي وهونغ كونغ على الصناديق الخارجية الوصول إلى المشتقات التي ستساعد في التحوط من انكشافها على ثاني أكبر سوق للسندات في العالم. سيمكنها ذلك أيضاً من المراهنة على أسعار فائدة سوق المال الرئيسية الحساسة لتغيرات السياسة النقدية الصينية.

ينطلق البرنامج الجديد بينما تشهد سوق السندات السيادية في الصين ارتفاعاً منذ سبعة أسابيع، مع تزايد ثقة المتعاملين في أن البنك المركزي سيخفف السياسة مع تعثر الانتعاش الاقتصادي. تساعد القناة الجديدة أيضاً بكين على تحقيق هدف الانفتاح على مزيد من المستثمرين العالميين بعد حملة القمع التنظيمية الأخيرة، وإثارة التوتر الجيوسياسي المتزايد القلق بشأن إمكانية الاستثمار في الصين، حتى بعدما ألغت قيود كوفيد وعاودت فتح حدودها.

تطوير النهج القديم

وضعت الصين حداً يومياً للتداول الصافي في إطار برنامج "سواب كونكت" يبلغ 20 مليار يوان (2.9 مليار دولار)، وتشمل الأدوات المؤهَلَة المقايضات وفق معدل إعادة الشراء الثابت لسبعة أيام، وسعر الفائدة بين البنوك في شنغهاي لثلاثة أشهر وليلة واحدة. ويعد "إتش إس بي سي" و"سيتي غروب" و"جيه بي مورغان تشيس آند كو" من بين البنوك العشرين المرخصة لهيكلة الصفقات والمعاملات للصناديق الأجنبية عبر هونغ كونغ.

يسير البرنامج الجديد على منوال سابقيْه "ستوك كونيكت" (Stock Connect ) أو "ربط الأسهم" الذي بدأ في 2014 و"بوند كونيكت" (Bond Connect) أو "ربط السندات"، الذي دُشّن في 2017. وستشترك في إدارته غرفة شنغهاي للمقاصة وبورصة هونغ كونغ بالتعاون مع نظام تجارة الصرف الأجنبي الصيني. كما سيعمل البرنامج في بادئ الأمر في الاتجاه "الشمالي" فقط، مما يسمح للمستثمرين الدوليين ومستثمري هونغ كونغ بالوصول إلى مقايضات أسعار الفائدة الصينية.

شهية أكبر للمشتقات

قال هاواو وينغ، رئيس تداول أسعار الفائدة داخل الصين في "بي إن بي باريبا" (BNP Paribas)، أحد البنوك المرخصة أيضاً: "حصة المستثمرين الأجانب في سوق مقايضات أسعار الفائدة الداخلية بعد بدء سواب كونيكت ستكون أكبر من حصتهم في سوق السندات الصينية للشركات بالتأكيد".

وأضاف: "صناديق التحوط الخارجية مقيدة بميزانياتها العمومية للمشاركة في سوق السندات، ولكن حماسها لخوض غمار سوق مشتقات أسعار الفائدة سيفوق شهيتها للسندات".

يأتي استحداث هذه الأداة الجديدة للتحوط من المخاطر في الوقت نفسه الذي يدفع فيه ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية مستثمرين أجانب إلى التخارج من سوق السندات الصينية، حيث خفضت الصناديق الخارجية حيازاتها بمقدار 169 مليار دولار خلال الفصول الخمسة الماضية. في الوقت نفسه، لا يزال المستثمرون العالميون يمتلكون 10 أضعاف ما كانوا يحوزونه من الأوراق المالية قبل عقد من الزمن.

تسمح الصين حالياً لبعض المستثمرين الأجانب بالوصول إلى مقايضات أسعار الفائدة الداخلية بموجب نظام سوق (تبادل) السندات بين البنوك الصينية، لكن "سواب كونيكت" سيوسع هذه القدرة بشكل كبير عبر هونغ كونغ.

فروق أضيق

سيكون أحد تأثيرات برنامج "سواب كونيكت" هو تقليل طلب المستثمرين الأجانب على مقايضات أسعار الفائدة الخارجية، والتي لها فرق سعري بين العرض والطلب أكبر من الفروق المحلية بسبب ضعف السيولة.

كتب جانيس زيو، محلل الأسعار في "بنك أوف أميركا" في هونغ كونغ، في مذكرة أن متوسط فرق السعر بين العرض والطلب بالنسبة لمقايضات سعر الفائدة على إعادة الشراء لسبعة أيام هو 0.25 نقطة أساس، مقابل 1.5 نقطة أساس في الخارج، في حين أن متوسط الحجم اليومي لإعادة الشراء (الريبو) لسبعة أيام في مقايضات أسعار الفائدة لسنة واحدة يقارب 10 مرات مقارنة مع منتج خارجي مماثل.

اتخذت السلطات ترتيبات خاصة كي يتسنى لبرنامج "سواب كونيكت" التغلب على صعوبات تنفيذ الصفقات عبر الحدود وعمل مقاصة للمشتقات بموجب أنظمة قانونية مختلفة، فقد ألغت قاعدة التداول النهائية المتطلبات الإلزامية للمستثمرين بالتوقيع على اتفاقية رسمية إضافية مكتفية باتفاقية أولية، في حين أن غرفة شنغهاي للمقاصة التابعة إلى بورصة هونغ كونغ ستؤسسان معاً تجمع موارد مالية لـــ"سواب كونيكت" بهدف إدارة التعرض للمخاطر بحد أقصى 4 مليارات يوان.

قال تشين تشونغ ليو، شريك أسواق رأس المال في "لينكليترز" (Linklaters) في هونغ كونغ، إن إحدى أكبر مزايا البرنامج هي تجمع الهامش الموحد بين وكالتي المقاصة المركزيتين، بدلاً من طلب هامش منفصل لكل طرف مقابل، مما سيقلل من تكاليف التداول.

رؤية طويلة المدى

قال هاو هونغ، كبير الاقتصاديين في مجموعة "غرو إنفستمنت" (Grow Investment) في شنغهاي، إنه رغم أن "سواب كونيكت" قد لا يكون قادراً فوراً على وقف موجة بيع المستثمرين الأجانب للسندات الصينية في الآونة الأخيرة وتغيير مسارها، إلا أن مزاياه ستصبح أكثر وضوحاً على المدى الطويل.

واختتم: "تأمل السلطات الصينية في جذب المستثمرين العالميين إلى السوق المالية الداخلية، ويعد سواب كونيكت خطوة إلى الأمام في هذا الاتجاه. قد لا يتمكن البرنامج وحده من وقف التدفقات الخارجة على المدى القصير، لكننا نعتقد بأن السندات السيادية الصينية ستظل جذابة لبعض المستثمرين الأجانب نظراً لأنها أكثر أماناً واستقراراً".

تصنيفات

قصص قد تهمك