بلومبرغ
انخفضت حصة بورصة لندن في حصيلة الطروحات العامة الأوّلية الأوروبية إلى أدنى مستوى لها منذ 2009، في إشارة أخرى إلى مركز المملكة المتحدة الآخذ في الانكماش بين الأسواق المالية العالمية.
وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، جمعت الإدراجات في لندن 1.5 مليار جنيه إسترليني (1.8 مليار دولار) فقط هذا العام، ما يمثل 9% من الإجمالي الأوروبي الذي يبلغ 20.9 مليار دولار. هذه أقل نسبة عائدات منذ الأزمة المالية العالمية، عندما ساهمت رؤوس الأموال البريطانية بـ2% فقط من حجم الطروحات العامة الأوّلية الأوروبية.
صعوبات الحفاظ على المركز المالي
يؤكد الأداء الضعيف الصعوبات التي تواجهها لندن للحفاظ على مكانتها كمركز مالي عالمي منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد البريطاني (بريكست). أضافت الاضطرابات السياسية والاقتصادية، في عام شهد استقالة رئيسي وزراء، إلى أوجاع المملكة المتحدة. خسرت المملكة المتحدة الشهر الماضي، لفترة وجيزة، لقب أكبر سوق أوروبية لصالح باريس، التي ارتفعت رسملتها السوقية خلال الأعوام الستة الأخيرة.
قالت صوفي لند-ييتس، محللة أسهم بشركة "هارغريفز لانسداون" (Hargreaves Lansdown): "مرت سوق الطروحات العامة الأوّلية البريطانية بفترة عصيبة مؤخراً. بعيداً عن الضعف الاقتصادي العالمي واسع النطاق، واجهت المملكة المتحدة بعض المشكلات المحددة. فقدت لندن ميزتها التنافسية منذ بريكست، كما فقدت مركزها الأول في تداول الأسهم، إذ يبحث المستثمرون عن مناطق بها مستوى أقل من البيرقراطية وزيادة في العمليات الأكثر سلاسة".
يأتي وضع لندن السيئ في الطروحات الأوّلية في عام حالك للإدراجات على المستوى العالمي، إذ يضغط ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة على أسواق الأسهم، ما يؤدي إلى ندرة مبيعات الأسهم في أغلب البورصات. النظرة المستقبلية الاقتصادية في المملكة المتحدة بالتحديد كئيبة، وسط أزمة تاريخية في تكلفة المعيشة واحتمال حدوث ركود مطوّل.
تداول ضعيف لطروحات 2021
ما يزيد الأزمة أن أغلب الإدراجات الكبيرة خلال العام الماضي في سوق لندن تُتداول الآن بأقل من سعر الطرح. أسهم أكبر 15 شركة قامت بطرح عام أوّلي في 2021 بالمملكة المتحدة –بما فيها شركة توصيل طلبات الطعام "دليفرو" (Deliveroo) وصانعة الأحذية "دكتور مارتينز" (Doctor Martens)– يجري تداولها بأقل من أسعار طرحها، ما يضر بإقبال المستثمرين على الصفقات الجديدة.
لم تحظ بورصة لندن بطرح عام أوّلي واحد قيمته أكثر من مليار دولار هذا العام، وجمعت 5 صفقات فقط أكثر من 100 مليون دولار، كان أكبر إدراج فيها هو بيع حصة قيمتها 757 مليون دولار لشركة صينية تصنع توربينات الرياح. في المنطقة بأكملها، كان إدراج "بورشه إيه جي" هو الأكبر من نوعه بفارق كبير، إذ بلغ حجمه 9 مليارات دولار، مما دفع ألمانيا لتتصدر حصيلة الإدراجات بأوروبا.
تحاول الحكومة البريطانية ضخ بعض الحياة في سوق لندن بحزمة من إصلاحات الخدمات المالية لتعزيز تنافسيتها، رغم أنها لا ترقى لمستوى الوعود السابقة. لا تزال الضبابية تكتنف الطروحات العامة الأوّلية المحتملة، التي يمكن أن تعطي سوق لندن دفعة هي في أمسّ الحاجة إليها، مثل إدراج شركة "آرم" (Arm) البريطانية لتصميم الرقائق.
قالت لند-ييتس: "ليس من المرجح أن تتعافى السوق بشكل كامل، فيما تظل تدفقات الأسهم بشكل عام هادئة، وسيكون الفصل الأول من العام المقبل مهماً لرسم صورة عن كيفية تطور الطروحات العامة الأوّلية في المملكة المتحدة للعام بأكمله.